تابع حماري زيارة الرئيس الفرنسي بحذافيرها متنقلا بين القنوات الأجنبية حتى يخال لك أنه هو المكلف بكتابة تقرير عن هذا الحدث، سألته عن سبب اهتمامه الزائد بالأمر فنهق نهيقا غريبا وقال.. أنا مواطن ويحق لي معرفة كل صغيرة وكبيرة عن الموضوع. ضحكت من سخفه وقلت.. المواطن لا يهتم بتفاصيل الزيارة عبر وسائل الإعلام ولكن دوره يكون في الترحيب والصراخ بحياة الرئيس ورفع العلم الفرنسي. رسم بسمة عريضة على وجهه الغليظ وقال.. سبحان الله تريد مني أنا الحمار الوطني الذي لا أملك سوى هذه الوطنية التي دوختني أن أهتف بحياة فرنسا ورئيسها وعلمها؟ قلت مستفزا إياه.. وهل أنت أحسن من هؤلاء الذين خرجوا وصرخوا ورفعوا أعلام فرنسا؟ قال.. كل شاة تعلق من عرقوبها وما دخلي أنا إذا هم رضوا بذلك؟ قلت.. كفاك حساسية زائدة واعتبر أن الأمر مجرد سياسة وفقط. قال وهو يضرب بذيله.. الوطنية في بعض الأحيان لا تقبل الألاعيب السياسية. قلت.. لكن ما نراه يحدث العكس تماما عما تقول. قال ناهقا.. ربما أن حمار بعقلية بالية وقديمة ومعقدة. قلت.. أكيد ما دمت ترفض أن ترحب بفرنسا في الجزائر، فلن تكون سوى حمارا معقدا ما يزال يحمل بداخله رواسب الاستعمار. قال صارخا.. قل ما شئت أنا لن أغير مبادئي من أجل عيون فرنسا. قلت.. لم يطلب منك ذلك ولكنك لماذا تبدو ملكا أكثر من الملك نفسه؟ قال بغضب.. ماذا تقصد؟ قلت.. الدولة بكاملها وقفت على رجل واحدة لتستقبل فرنسا وأنت تعلن العصيان؟ نهق نهيقا مخيفا وقال.. أنا الشعب ولست الدولة وأنت تعرف بأن الدولة والشعب خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا. قلت ساخرا.. وأنا أيضا شعب مثلك ولا يمكن أن أرفع علم فرنسا ولو من باب “التمسخير" فقط.