مرت ذكرى الراحل بومدين كما دائما مظلمة ومعتمة وصامتة وبعد كل هذه السنوات مازالت حكمة “مات الملك عاش الملك" هي السائدة بامتياز في عقلية الدولة التي تأكل أبناءها سواء في الموت أو في الحياة. نهق حماري نهيقا مرا وقال... الله يرحم الموسطاش. قلت... موسطاش ونصف وهل من يجرؤ على قول غير ذلك؟ قال... هذه هي المشكلة يا عزيزي، لا أحد يقدر على قول غير ذلك ومع هذا فالتعتيم كبير على رجل لن يتكرر في الجزائر. قلت... ربما أنت تبالغ بعباراتك هذه؟ ضرب الأرض بحافريه غضبا وقال... أبالغ؟ ألم تقرأ وتسمع كيف في وقته كانت الدولة تسمى بدولة “قررنا"؟ قلت ساخرا... وبعده أصبحت الدولة “دولة الله غالب". قال... جيد إنك تعرف هذا، إذن لماذا تقول إني أبالغ عندما أتكلم عن الرجل وأستنكر ما يتعرض له من نسيان؟ قلت... هذا هو حال التاريخ، ألم تقل بأننا لم نحافظ يوما على تاريخنا، كيف تريد أن نحافظ على بومدين؟ قال ناهقا... حتى البيت الذي ولد فيه أصبح مرتعا للحيوانات والمشردين. قلت... لأنه جزء من التاريخ وجزء من ذاكرة هذا الرجل وهذا البلد. قال... هذا الذي كان يلقبه الأفارقة le patron ويقول عنه العرب بالزعيم ويلقبه شعبه بالموسطاش تمر ذكرى رحيله في هذا الصمت؟ قلت... ماذا كنت تريد أن تفعل الدولة؟ قال بحزن... لم أنتظر شيئا لأني أعرف أن الدولة لن تفعل أي شيء لأنها لم تعرف بعد قيمة هذا الرجل بعد. قلت... لكن الشعب يعرف قيمته يا حماري؟ قال... أكيد لأن بومدين كان من الشعب لذلك لا يعرف قيمته سوى الشعب وفقط.