اكتأب حماري بعد مباراة الطوغو، وأصيب بنوع من الحسرة لدرجة أنه حاول أن يخفي دموعه التي داهمته بعد صافرة الحكم، ومع ذلك لم يبلع لسانه وبقي ينتقد ويزمجر وينهق، كما فعل كل الشعب على ما أظن. قلت له ساخرا: لماذا نحن الجزائريون عاطفيون بهذا القدر؟ قال: لأننا نملك قلبا من لحم وليس من عظم مثل البقية. ادهشتني إجابته الغريبة وقلت: نحن متعصبون لكل شيء حتى الكرة، لماذا لا نتعامل مع الأمر على أنه مجرد لعبة؟ ضرب بذيله يمينا ويسارا وقال: عندما يكون العلم في “الوسط" لا يمكن أن نعتبر الأمر لعبة وفقط. قلت: نحن شعب عاطفي فوق اللازم ويجب أن نهتم أكثر بأمور أهم من اللعب. قال ناهقا: دعنا من السياسة أرجوك، الجو بارد جدا ولا يمكن أن أحلل أو أناقش ما يحدث. قلت: المشكلة أن لا شيء يحدث يا عزيزي. قال: حتى الطاعون الذي هجم علينا لم يشكل حدثا لا عند السلطة ولا عند الشعب، وكأنهم يرضون بكل شيء. قلت: السلطة عملت جهدها حتى تجعل منا شعبا انهزاميا، لا يثور من أجل حقه ولا يغضب ولهذا لن تجد مواطنا واحدا يمكن أن يسأل عن أسباب عودة الطاعون. قال ناهقا: حدثت أمور أكثر من الطاعون ولا أحد تكلم ولا حاول أن يفهم، وتريد أن نثور من أجل حالة طاعون واحدة حدثت في بومرداس؟ تنهدت بعمق وقلت: فعلا أنت محبط، ابقى في أمور الكرة وشؤونها أفضل لك من مستنقع السياسة الذي مُلئ عن آخره بالوحل. قال: الوحل في كل مكان، وليس في السياسة فقط ومع ذلك هناك من لا يرى ويعيش كأن لا شيء يحدث. قلت: ربما عندما تألف شيئا يصبح طبيعيا بالنسبة لك؟ قال مقهقها: فعلا هو كذلك، وهذا ما يحدث لنا بالضبط نحن ووحلنا الجميل.