ماذا يعني هذا التصحر السياسي الذي حققته السلطة في البلاد، بعد أن قطعت كل الرؤوس السياسية التي صنعتها فيما سبق، في ظرف شهر واحد؟ أويحيى رمى منشفة الحزب وصمت بعدها، تبعه أبو جرة الذي بدوره ردد على مسامع الجميع أنه لن يترشح مرة أخرى لرئاسة الحزب وها هو الطرزان بلخادم أيضا بعد معارك دامية كثيرة على كرسي الحزب ها هو يتشدق بالحديث عن ديمقراطية الصندوق التي أطاحت به بعد أن أمرته الملائكة بترك مكانه فورا. إذن السلطة قادرة على كل شيء، وتستطيع أن تهدم الجميع في لحظة إذا أرادت ذلك؟ ولكن الغريب في الأمر لماذا تماطلت مع بلخادم بهذه الطريقة ولماذا جعلت الجميع يكرهه وصورته بصورة الانتهازي والوصولي والبلطجي الذي يريد أن يعيث فسادا بحزبه؟ والأغرب من ذلك، لماذا قبل بلخادم هذه اللعبة وهذا الدور القذر وهو الذي ظهر بوجه مختلف في سيدي فرج من السنة الماضية إلى هذه السنة؟ لماذا كان بلطجيا فيما مضى وضرب رفاقه في النضال الحزبي وأسال دمهم ولماذا أصبح، اليوم، ديمقراطيا يحتكم إلى الصندوق وحتى يفرح لهزيمته ويقول إنه أرسى قواعد جديدة في الحزب؟ أظن أن السلطة حققت مبتغاها، ولكن الأكيد أن كل ما تستطيع فعله هو الهدم والردم وصناعة فاسدة لرؤوس سياسية لا تصلح سوى للتهريج ولا يمكنها أبدا أن تصنع طبقة سياسية حقيقية يمكن أن تكوّن بها أحزابا حقيقية سواء كانت موالية أو حتى معارضة، وهذا هو الدرس الوحيد الذي يجب أن تراجعه السلطة حتى لا تُغرق نفسها أكثر!