مازال الشيخ جاب الله بوشاشية يُصر على لعب دور المعارض المتعارض المتعورض، وكل الأسماء والأفعال التي يمكن أن تشتق أو تصرف من هذا المصطلح، حتى يؤكد نظرية التخندق مع الشعب التي كثيرا ما تبجح بها ولم يطبقها يوما. جاب الله، وبعد أن طاح الفأس في الرأس، ها هو يُسائل الوزير الأول عن فتح المجال الجوي الجزائري للطائرات الفرنسية لشن الحرب على مالي، ويثبت لنا من جديد أنه هو وكل الطبقة السياسية، يجب أن يتحولوا إلى سبيطار كبير يمارسون فيه ما تبقى لهم من مهام. الدول التي تحترم نفسها تشاور طبقتها السياسية من مُوالين لها ومعارضين لسياستها وتناقشهم في أمور الدولة المصيرية، أما عندنا فالسلطة تحتكر كل شيء لنفسها ولا تفكر حتى في إشراك جاب الله أو غيره، في الأمر، لأنها ببساطة هي التي عجنت كل هؤلاء وتعرف مستواهم جميعا. ثم فرضا أن السلطة - عماها ربي - وسعت إلى فتح النقاش مع برلمان الحفافات ومجلس المتقاعدين وأخذت بمشورة الأحزاب السياسية كلها، ولنفرض أيضان أن أحدا من هؤلاء تجرأ وعارضها عن قرارها، هل ستقبل السلطة بذلك؟ ولنذهب بعيدا أيضا في فرضيتنان وننصب السي جاب الله بوشاشية حاكما علينا، وأثناء رياسته يأتيه مثل هذا الطلب من فرنسا، هل تراه كان سيتفرد في الرأي، كما فعله مع أعضاء حزبه، أم أنه سيوسع النقاش على كل من حوله؟ الجواب بسيط جدا: أن الهدرة باطل وجاب الله لو كان هو رئيس الجزائر لفعلت به السلطة ما تفعل الآن، وفعل هو بها أكثر مما تفعل هي به.