إستدعى صاحب الشأن العظيم إثنان من المشاغبين اللذين يريدان إشعال النار في بعضهما البعض بعد أن كانا أحبابا وأصحابا، أحدهما يدعى أبو جرة والآخر عمار، جلسا أمامه دون أن ينظرا إلى بعضهما البعض ولم يلقيا حتى تحية الإسلام الذي يتخذان منه عباءة سياسية لتحقيق أطماعهما. صاحب الشأن العظيم يجلس على أريكة فخمة ويضع في فمه سيجارا كبيرا ينفث الدخان من فمه بشراهة وسرعة حتى يخيل لك أن أنفاسه ستنقطع وأمامه يرتجف الإثنان. صاح فيهما بقوة... واش لعب الذراري هذا؟ لم يجيبا وبقيا صامتان وعيناهما في الأرض. صاح من جديد... ياخي تفاهمنا على كلش من النهار الأول؟ وأنت يا اللي حاط روحك سلطان وعمرك ما كنت سلطان ياخي قلنالك عمار راهو أمانة عندك ولا تحب نغنيهالك كما غناها حسني؟ جاوب أبو جرة وهو يتصبب عرقا... أردت أن أضيف عليها بعض البهارات الإعلامية حتى ماتبانش مطبوخة ياسيدي... نهض صاحب الشأن العظيم من أريكته وصدى خطوات حذائه الأسود اللامع تترد بقوة في القاعة المحاطة بعسّة كبيرة ثم توجه بكلامه لعمار قائلا... وأنت واش بيك تنفخ في روحك وتقول للناس راني متكي؟ وراني نتحرك بالأوامر ماشي من راصي؟ جاوب عمار وهو يرتجف... لم أقل سوى الحقيقة يا سيدي... هل أخطأت في ذلك؟ نفث صاحب الشأن العظيم دخان سيجاره عاليا وقال بغضب... واقيلا غلطت فيكم وخيّرت ناس عيانين لوكان هذاك بوشاشية ما يديرش كما نتوما... بلع أبو جرة ريقه بصعوبة وهو يسمع كلمة بوشاشية... وتساءل بداخله هل يقصد جاب الله أم علي بلحاج؟ لم يجرؤ على سؤاله. عاد صاحب الشأن العظيم إلى أريكته... جلس وتنحنح ثم قال... ما نزيدش نسمع صوتكم وإلا تعرفوا واش يصرا... أنتوما قبلتو باللعبة واللي يدخل فيها لازم ينضبط، السياسة ما عندهاش قواعد ولكن أنا هو السياسة وأنا هو القواعد وكل واحد فيكم يمثل دوروا كما لازم الحال... وخليونا من لعب الذر.