إنزعج حماري التعيس من الإشاعات التي قالت بزيادة سعر الخبز وأصبح “مشنفا" و«غاضبا" بطريقة توحي بأنه عاشق للخبز أكثر من أي شيء آخر في الحياة، وأردت أن أستفزه فقلت له: أنت لا تأكل الخبز أصلا، لماذا تغضب لزيادة سعره؟ نهق نهيقا طويلا وقال: زيادة الخبز هي ضربة موجعة للمواطن وقس عليها أشياء كثيرة. قلت: مثل ماذا؟ وهل ستجعل من المسألة قضية سياسية أيضا؟ قال وهو يضرب بذيله يمينا ويسارا: هي سياسية فعلا، وإذا أقدمت الدولة على هذه الخطوة فقد برهنت أنها فعلا لا تحس بهموم شعبها. قلت: الخبز سيشترى سواء زاد أو نقص ثمنه، لذلك لا تقلق نفسك وهدئ من روعك. قال غاضبا: لكن هذا دليل على أن الوضعية ستسوء أكثر يا عزيزي. قلت: لا تخف، الشعب أصلا قطع الأمل ولا يتطلع لغدٍ أفضل إطلاقا. قال: كيف وصلت إلى هذه النتيجة يا صديقي؟ قلت ضاحكا: تأمل كل الوجوه التي تراها أمامك وسوف تعرف حجم البؤس الذي يعتليها. قال: لكن يجب أن يتغير الوضع. قلت: أنت في بعض الأحيان تعيش في عالم أفلاطوني، وتريد أن تجعل من هذه الدولة خادمة مطيعة لشعبها، وهذا لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال، لذلك لا تتعب نفسك وتحملها ما لا تطيق. قال: فعلا، أنا حمار ولكن مع ذلك أؤمن بحقوق البشر على الأرض وأعرف أن الله كرّم الإنسان وجعل له القواعد التي تحفظه وتحفظ كرامته. قلت: لكن ما باليد حيلة إذا كانت الحكومات لا تعير الإنسان أي اهتمام. قال: ومع ذلك يجب أن نصرخ عاليا ونقول بأن السلطة يجب أن تحترم كل شيء بداية من سعر الخبز إلى آخر أمر. قلت: أوهامك كبرت ويبدو أنك أنت أيضا خرفت. قال ناهقا: قول الحق يغضب الجميع، لذلك عليا بالصمت أو الصمت.