تعاني عيادة “صبيحي تسعديت" بتيزي وزو، خلال الأشهر الأخيرة، مشاكل بالجملة ونقائص مادية وبشرية معتبرة تسببت في تسجيل 6 حالات وفاة في ظرف قياسي، آخرها كانت، ليلة أول أمس. ينتظر أن يقوم وزير الصحة عبد العزيز زياري، اليوم، بزيارة تفقدية إلى قطاعه بتيزي وزو، التي تأجلت عدة مرات لأسباب مجهولة، في وقت أرجعها الكثيرون إلى انشغاله بالمشاكل الداخلية لحزب الأفالان. وتعتبر الأرقام التي سجلتها عيادة “صبيحي" فيما يخص عدد وفيات النساء الحوامل بين الفترة الممتدة من ديسمبر إلى يومنا هذا قياسية وتتطلب دق ناقوس الخطر، حيث سجلت 5 حالات في ظرف شهر بسبب غياب التكفل الفعلي بالحوامل نتيجة لافتقار العيادة للإمكانات المادية والبشرية والأطباء المختصين في أمراض النساء، و3 وفيات في أيام 26 و27 و30 ديسمبر المنصرم، وحالتين يومي 24 و25 جانفي المنصرم. وعلمت “الجزائر نيوز" من مصدر طبي مؤكد أن امرأة حامل لم تتجاوز ال30 سنة من عمرها، تنحدر من عائلة إيزري بقرية ثالا عمارة ببلدية تيزي راشد قد توفيت، ليلة أول أمس، بمصلحة أمراض الكلى بالمستشفى الجامعي نذير محمد بتيزي وزو بعد حوالي شهر من إسعافها إثر تعرضها لمضاعفات صحية خطيرة خلال عملية التوليد بعيادة “صبيحي". وأشار مصدر مقرب من العائلة إلى أن سبب الوفاة كان على خلفية إصابة الضحية على مستوى الكلى والكبد، كاشفا أن عائلتها رفعت دعوى قضائية إثر الخطأ الطبي وأرسلت شكوى إلى وزارة الصحة تندد بالعملية. وبهذه الحالة تصل عدد حالات الوفاة التي سجلتها عيادة “صبيحي" بين الفترة الممتدة بين 26 ديسمبر و6 فيفري إلى 6 حالات، ويصل العدد الإجمالي لحالات الوفاة بولاية تيزي وزو منذ شهر أكتوبر إلى يومنا هذا 8 حالات، إلى جانب حالتي وفاة بعيادة التوليد بتيقزيرت في شهر أكتوبر المنصرم، ويتعلق الأمر بإمرأة في ال26 من عمرها ورضيعها، ينحدران من بلدية إفليسن الساحلية، بسبب غياب الإمكانيات المادية والبشرية بالعيادة وغياب سيارة إسعاف وتعرض الضحية ورضيعها إلى مضاعفات صحية بعد إصابتها بنزيف دموي أودى بحياتهما، وهي الحالة التي أثارت غليان سكان المنطقة الساحلية الذين خرجوا في مسيرة عارمة بمدينة تيقزيرت للمطالبة بفتح تحقيق، لكن لا أحد من المسؤولين تدخل. وبالعودة إلى عيادة “صبيحي" التي سجلت 6 حالات وفاة في ظرف قياسي، فالمسؤولون عن قطاع الصحة بولاية تيزي وزو وعلى رأسهم مديرية الصحة يبررون هذه “الكارثة" بالضغط الذي تعرفه العيادة. وتشير الأرقام التي قدمتها المديرية إلى أن العيادة تتسع ل72 سريرا فقط، والمسؤول الأول عن قطاع الصحة أكد أن العيادة تستقبل ثلاثة أضعاف من النساء الحوامل. والملفت للانتباه في عيادة “صبيحي" هو أن الأرقام التي قدمتها مديرية الصحة ومدير العيادة متناقضة تماما، فمدير العيادة رابح كيتوس، خلال زيارة رئيس المجلس الشعبي الولائي حسين هارون، أواخر شهر جانفي المنصرم، على خلفية تفجير فضيحة حالات الوفاة، صرح أن العيادة سجلت في سنة 2012 أكثر من 10 آلاف حالة ولادة، منها 3600 حالة ولادة قيصرية، بينما أرقام مديرية الصحة تشير إلى استقبال العيادة في سنة 2012 أكثر من 13500 امرأة حامل منها 3750 حالة ولادة قيصرية. وبالتدقيق في الأرقام، نجد 10 آلاف حالة ولادة في 2012 تقدم لنا ما يقارب 28 حالة ولادة في اليوم طيلة السنة، فهذا الأمر يسقط حجة الضغط والاكتظاظ باعتبار أن العيادة تتضمن 72 سريرا، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أرقام مديرية الصحة والمتمثلة ب13500 فإن العيادة تستقبل ما يقارب 37 امرأة حامل في اليوم، فهذا الرقم يسقط أيضا حجة استقبال ثلاثة أضعاف، حسب إدعاءات مدير الصحة. وبلغة الأرقام دائما، فإن مدير عيادة “صبيحي" أكد أن عيادته تعاني نقصا فادحا في الأطباء المختصين في أمراض النساء، مشيرا إلى أن مشكل الإيواء يبقى العائق الرئيسي في وجود مختصين. وفي هذا الصدد، كشف أنه رفع طلبا لوزارة الصحة وطالبها بتخصيص ميزانية لضمان كراء شقق بمدينة تيزي وزو لأطباء مختصين “الوزارة قبلت الطلب وخصصت مبلغا ماليا، لكن المراقب المالي بتيزي وزو رفض الترخيص لاستغلال المبلغ المالي تحت حجة غياب قوانين تسمح بذلك". وعلمنا من مصادر أخرى أن عدد الأطباء المختصين في أمراض النساء بعيادة “صبيحي" لا يتجاوز عددهم 6 أطباء، فضلا عن غياب الإمكانات المادية وخصوصا قابلات ذوي الخبرة والتجربة. هذا، وتجدر الإشارة إلى أن الوزير السابق للصحة جمال ولد عباس وخلال زيارته التفقدية لعيادة “صبيحي" في 10 سبتمبر 2011 قدم وعودا بتدعيم الولاية بعيادة توليد كبيرة، لكن وإلى يومنا هذا، وعودها لم تتجسد.