نظمت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمنظمة غير الحكومية ضد التعذيب، ملتقى تضمن التعريف بالبروتوكول الاختياري حول مناهضة التعذيب والعمل على تشجيع الحكومة الجزائرية للمصادقة عليه، وقد تضمن الملتقى نقطتين أساسيتين، الأولى شملت الإطار الدولي، حيث تطرق خلالها أساتذة ومختصون مثل الأستاذ عبد المجيد زعلاني، فيلالي كمال، مالكوم إيفانز والسيدة إسترسوفيلبرجر، إلى قضية الالتزام بالوقاية من التعذيب في القانون الدولي لحقوق الانسان، وضرورة أن ننتهي من مختلف أوجه التعذيب ونسعى للقضاء عليه بصفة نهائية، لأنه كما قال، كمال فيلالي، يمس بكرامة الانسان وأسرته: “لقد أعطت الأممالمتحدة أهمية كبيرة لهذا الموضوع في إطار حقوق الإنسان، إذ رغم الإعلان عنه منذ 65 سنة، إلا أن التعذيب بقي مستمرا وكل التقارير أكدت على وجوده، الأمر الذي خلق تناقضا بين النصوص القانونية التي جاءت لمحاربة التعذيب والواقع الذي يعيشه العالم". أما النقطة الثانية التي تناولها الملتقى، فقد خصت اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب، حيث شدد الأستاذ مالكوم إيفانز على ضرورة محاربة هذه الظاهرة ومنعها بصفة نهائية: “يجب أن نقضي على كل أنواع التعذيب ولا يتم ذلك إلا من خلال آليات تنفيذ هذا البروتوكول الاختياري، بالإضافة إلى حتمية التعامل مع الدول المعنية وحثها على المصادقة على هذا البروتوكول الاختياري". كما أشار مالكوم إلى الزيارات التي قامت بها لجنة الأممالمتحدة في الأماكن التي يقع فيها التعذيب مثل السجون والمعتقلات: “هناك ست زيارات تقوم بها اللجنة خلال السنة في البلدان التي وقّعت على الإعلان الأممي، وفي كل مرة نطلب من الدول التقيد ببنود البروتوكول، ومن جهتنا نسعى لتوفير الوسائل لهذه الدول لتقييم عملها، غير أن ما لاحظناه هو أن هذه النصوص لم تطبق في السجون، ولم تتجسد ميدانيا، وهو ما حال دون تحسين الأوضاع في هذه السجون". وفي تقييمه للتعاون الذي حدث في هذا المجال، لم يتوان المحاضر في التأكيد على أن نصف الانسانية التحقت بهذا البروتوكول: “أتمنى أن تنضم الجزائر إلى هذا الاعلان". وبعيدا عن النصوص القانونية التي تضمنها البروتوكول الاختياري، تطرقت السيدة استرسوفيلبرجر إلى النقطة الثالثة التي ركزت فيها على وضعية تنفيذ البروتوكول الاختياري للاتفاقية المناهضة للتعذيب: “في كل يوم تطالعنا مستجدات مؤسفة عن أوجه التعذيب والموت، وقد وقفنا على هذه الكارثة من خلال زيارة الأطباء والمختصين النفسانيين إلى السجون والمحتشدات، حيث يوجد أناس فقراء يفترشون الأرض ويجلسون معهم ويتحدثون إليهم، وهناك الكثير من الأرواح تم إنقاذها". في رده على سؤال حول خلفيات عدم انضمام الجزائر إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب، صرح فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان أن لجنته لم تتلق أي شكوى حول تسجيل حالات تعذيب: “الجزائر بلد نظيف وليس لديه ما يخفيه والجزائر لا يمكنها أن توقع على البروتوكول إلا بعد دراسة معمقة لهذه المسألة". أما عبد الرزاق بارة مستشار رئيس الجمهورية المكلف بملف حقوق الانسان، فقد صرح من جهته خلال تدخله قائلا: “قضية التعذيب حساسة واللجنة الاستشارية تلعب دورها في عملية التحسيس لأن الظاهرة موجودة في بلادنا، لقد عرفنا مرحلتين 1988 والتسعينيات، والآن الظاهرة تعتبر استثنائية لأن هناك آليات تلعب دورها دون مصادقتنا على هذا الاعلان، كما أن نظام البروتوكول الاختياري لم يصل إلى العالمية رغم مصادقة العديد من الدول عليه".