قال حماري اللعين وهو الذي يفكر دائما بكرشه على الرغم من أنه ينفي ذلك، تصور أن البلاد تعرف اضطرابات وأزمة حليب. قلت: وما الغريب يا حماري، الأزمات لا تنتهي ودائما هناك مشاكل في الخبز والحليب وغيرها من الأشياء والجميع أيضا يدّعي الفقر والعوز ولكن بمجرد أن يأتي رمضان حتى ترى الطوابير الطويلة على اللحم ولا أحد يشتكي. نهق نهيقا كبيرا وقال: أنا لا أقول هذا ولكن أتعجب فقط كيف لبلاد بطول وعرض بلادنا أن تقع في أزمات تافهة كان من المفروض ألا تكون أبدا. قلت: ولكن، لماذا لا تفكر السلطة في شعبها وتجعله يتخلص من هذا التعب؟ قال ساخرا: السلطة أصلا موجودة حتى تُتعب شعبها وتخلق له المشاكل التي تخنقه أبد الدهر حتى لا يتمكن في التفكير في أي شيء وينحصر مخه التعيس في أزمات الحليب والخبز واللحم البولوني. قلت: تعبت من كل هذا وأريد التفكير في شيء آخر. قال بتعب: يبدو أنك ستتحول إلى مواطن متمرد وستدخل في خانة الخطر. قلت: أي خطر هذا يا حماري! قال: التمرد لا تحبه السلطة ولا تقبل بمواطن يحلل ويفسر ويناقش هي تحب جمهورية البني وي وي فقط. قلت: هذه الجمهورية متوفرة في البرلمان والحكومة ألا يكفيها هذا؟ قال ساخرا: الصح في الشعب يا عزيزي، لأن هؤلاء جميعهم مقدور عليهم لكن حثالة مثلي ومثلك لا يمكن أن يُتركوا على هواهم لأن الهوى عندما يكبر يصير ثورة. قلت ضاحكا: كنا في الحليب وصرنا في ثورة؟ قال: دائما التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع الأشياء الكبيرة وأكثر الثورات انطلقت من الخبز ويمكنك أن تتذكر عربة البوعزيزي حتى تفهم كلامي. قلت: كلامك فظيع. قال ناهقا: وأنت مواطن سلبي جدا تمثل نموذجا تافها لشعب كامل.