قال حماري (وهو ينهق بشدة): لا أدري كيف صارت الجريمة مثل الخبز اليومي وصار القتل هواية لمن لا هواية له؟ قلت: قيل إن الوضع الاجتماعي المقرف هو الذي جعل الحياة تتعقد بهذا الشكل. قال ساخرا: وهل من قبل كانت بالسهولة التي تتكلم عنها؟ قلت: ليس تماما، ولكن كل الناس يقولون إن الفقر هو الذي جعل الأفراد تفقد قيمها الأخلاقية وصارت الجريمة عندهم سهلة لدرجة أنها تمارس يوميا دون رادع. قال: ولكن هذا الفقر كيف تغلغل وسكن الديار؟ قلت: تقصد أن الفساد هو الذي شجع على ذلك؟ قال صارخا: وأنت تعرف أن هذا الفساد جاء تقصيرا من السلطة التي لا تريد ربما أن تحاربه؟ قلت: لا تريد، هل تعي ما تقوله يا حماري؟ قال: لا أدري ولكن كل المؤشرات تبين أن في الأمر “إن" كبيرة جدا. قلت: يا ترى كيف ستتعامل السلطة مع كل ما يحدث؟ قال: كالعادة، تضع أذن من طين وأخرى من عجين و«تساعف" الناس حتى تمر العاصفة ثم تعود لعادتها القديمة. قلت: فقدنا كل القيم يا حماري وصرنا أصحاب قلوب باردة جدا. قال (ناهقا): كل هذا مبرمج ولا تنسى أننا عشنا سنوات من الدم لم يخرج منها سوى طويل العمر. قلت: قدرنا إذن هو الدم وفقط. قال: وأشياء أخرى لها علاقة بالفساد الأخلاقي والسياسي والمالي والإداري وكل ما تراه من حولك من دمار. قلت: يا لطيف ألطف بنا. قال (صارخا): شعب متخلف لا يملك سوى الكلام ومؤخرا أصبح قتالا بامتياز، فعلا الله يستر ويلطف.