أصبحت القمامة هي الديكور الأساسي، الذي يطبع المدينة وحيثما تلتفت تجد مزبلة تفوح منها بقايا العفن.. ولا أحد انتبه لها حتى مصالح الوزير، الذي قال عندما عين في الحكومة أنه سيجعل الجزائر بيضاء مثل الثلج. قال حماري ناهقا: أصبحت سوداء مثل الزفت وزاد إضراب عمال البلديات الطين بلة، فتراكمت الأوساخ وصارت هي الديكور الحقيقي للعاصمة.. قلت: هي قضية وقت وسيعود الأمر لما كان عليه.. قال ساخرا: وهل مررت يوما على شارع وكنت راضيا عنه تماما؟ قلت: لا أذكر ذلك يا حماري.. قال: إذن خليك من الشيتة وقل كلمة الحق، أم تراك مواليا لهذا الوزير، الذي لم يفعل شيئا يذكر من مجيئه! قهقهت عاليا وقلت: لم يفعل شيئا؟ قال ناهقا: لا، لقد فعل وتحصل على المرتبة الثالثة في الانتخابات المحلية.. قلت: وهذا إنجاز عظيم يحسب له يا حماري.. قال: يعني أنه خدم نفسه وحزبه، ولكنه لم يخدم الشعب، لأن هذا الشعب من أمثالي وأمثالك لا يعنيهم أن يكونوا في أي مرتبة سياسية بقدر ما يهمهم أن يُهتم بمصالحهم ولو كانت مسألة الزبالة في حد ذاتها. قلت: أنت حمار حسود وتلبس الحق بالباطل.. قال ناهقا: من يقول كلمة حق يصبح حسادا وظالما؟ قلت: لكل مقام مقال والرجل يفعل ما بوسعه، ثم مسألة النظافة هذه هي ثقافة في حد ذاتها، ولا يمكن أن تربي الشعب في ظرف قياسي.. صرخ حماري كالمعتوه وقال: تعتقد أن الشعب هو المذنب؟ قلت: شريك في القضية.. نهق نهيقا مستفزا وقال: الشعب لا يصبح شريكا للسلكة إلا في المصائب والمزابل، إنا لله وإنا إليه راجعون.