تركت حماري حتى التقط أنفاسه المختنقة من سيجارة الأفراز التي كان يدخنها، والتي أحدثت له سعالا شديدا، وقلت له مازحا.. قالوا إن ملايين من أكياس الشمة الموجودة في السوق مغشوشة يا حماري، وأنت مع ذلك تواصل تعاطيك لهذا النوع من الزطلة المرخصة؟ نهق نهيقا مبحوحا وقال.. أتحداك أن تعطيني شيئا واحدا يباع في السوق بعيدا عن الغش والتغشش؟ قلت ساخرا.. كعادتك تهرب من الإجابة بمثل هذا التحدي؟ قال.. أنا أكلمك بصدق وأنت تعرف أن كل ما نستهلكه من غذاء ودواء وحتى ماء وزيت وسكر و خبز وغيره.. كله مغشوش، أليس كذلك؟ قلت مترددا.. ليس كله ولكن معظمه قال.. إذن لماذا تلوم على غش الشمة ولا تلوم على غش الحية بأكملها؟ قلت.. لأني أراك مدمنا على تعاطي هذه الأشياء التي لا تسمن ولا تغني من جوع وتزيدك فقط دوخة وإدمان. ضحك حماري باستهزاء شديد و قال.. ما أحوجنا كشعب للإدمان! قلت متعجبا.. ألم تقل لي ذات يوم ينقصنا الوعي حتى نواجه السلطة وألاعيبها؟ قال.. غيرت رأيي ورأيت أن خيرها في خلاها، ثم تصور أنت كل الشعب يتربص بالسلطة ويعرف مداخلها ومخارجها، يا سيدي جميل أن تبقى مزطولا للأبد حتى لا “تخلط" في أشياء تعنيك وهي لا تعنيك. قلت.. ولكنه هروب يا حماري قال ساخرا.. والبلد كلها هاربة، لماذا أحكمها أنا من قفاها؟ قلت.. لأنك حمار وطني وتريد الخير للبلاد والعباد. قال.. لكني بدلت “الفيستا" مثل الجميع وأصبحت حمارا تافها قلت.. عيب هذا الكلام من مثقف مثلك؟ ضرب الأرض بحافريه وقال.. قلت لك خيرها في خلاها، ولن أتراجع أبدا.