ذهبت البارحة إلى دار بوتفليقة، وجدت الحرس أمام الباب، وقالوا "من أنت" فقلت لهم: "كيف لا تعرفونني أنا بحليطو، وجئت لأطمئن على صحة بوتفليقة"، نظر إلي مليا، وعندئذ قال لي أحدهم، وهو من الأمن الرئاسي، انتظر لحظة. وما إن مرت اللحظة حتى قال لي: "ادخل، ادخل يا بحليطو، الرئيس ينتظرك"، وما إن رآني حتى أجهش بالبكاء. وقال لي: "هل أنت يا بحليطو.. أنا الرجل الذي دوخ الدنيا، وطاف العالم أكثر من بطوطة، كيف أصبحت، وكيف أصبح الطماعون يتسابقون على وراثتي، وأنا قلت لكن هذه هي سنة الحياة الديمقراطية يا سيادة الرئيس.. صمت وابتسم بجهد جهيد، ثم قال لي أية ديمقراطية يا بحليطو؟؟ هل أنت تؤمن فعلا بالديمقراطية؟ قلت: طبعا أؤمن بها، فلولاها لما كنت هنا، وعدت بعد غربة طويلة عن الحكم.. لكنه قال لي لا تتبهلل يا بحليطو.. أنت تعرف وأنا أعرف، وكل الشعب يعرف، حتى وإن تضافر الجميع بأنهم لا يعرفون، ألا تقرأ ما تكتبه الصحافة ويتردد على ألسنة السياسين، حتى وإن كنت لا أعترف أن يكون هؤلاء السياسيين سياسيون، إنهم وهم الذين يدّعون الديمقراطية يبحثون عن من يخلفني أو يريدون خلافتي كمعيَنين وليس كمنتخَبين، ألم تسمعهم يقولون إنهم سيختارون أويحيى، أوبلخادم أوسلال أو.. أو.. أو.. إنهم يتحدثون عن التعيين أكثر مما يتحدثون عن الانتخابات الحرة لأنهم يعرفون، كما تعرف أنت، أننا لم ندخل مرحلة الرئيس المنتخب. وهل تظن أنني عندما أصبحت رئيسا جئت عن طريق الديمقراطية؟. ثم سألني "وأنت يا بحليطو هل تفكر كذلك في خلافتي؟!"، سكتُ ثم قلت "لكن أنا لا أعرفهم ولا أريد أن أعرفهم"، فابتسم في وجهي ثم قال "أرأيت ألم أقل لك؟!" ثم قال لي: "ماذا تشرب قهوة أم شاي؟" فابتسمت ثم قلت: "أنا صائم يا سيدي الرئيس".