ما زالت الحرارة تتربص بنا كما يتربص العدو بعدوه وهذا ما جعل حماري لا يخرج من بسينة الماء وصار ينام ويأكل ويقرأ الجرائد فيها دون حتى التفكير من الخروج منها. قلت له: أصبحت مثل السلطة تعيش في دائرة مغلقة ولا يمكن لأحد أن يصل إليك. قال ناهقا: واش يديرو بيا؟ قلت: الشعب دائما يحب الاحتكاك مع سلطته. قال: لكن السلطة لا تحب ذلك الاحتكاك ولا تفكر فيه أصلا. قلت: لا يجوز لك أن تغش في الصيام وتجلس طوال اليوم داخل الماء أين إيمانك؟ قال ناهقا: ايماني من إيمان السلطة أيضا وهل هي تعتبر جائرة وظالمة عندما لا تراقب الأسعار مثلا؟ قلت ساخرا: نعم جائرة. قال: هذا من غلّك يا حماري. قلت: لا أبدا أنا أعبر عن رأيي فقط بخصوص ما أراه. قال ساخرا: وهل في كل ما يحدث من حولنا رأيت فقط بسينة الماء التي أحوز عليها؟ قلت: لأني لا أستطيع أن أرى غيرها. قال: ممنوع عليك ذلك؟ قلت: ليس بطريقة مباشرة ولكن من ينظر إلى السلطة تعميلو عينيه. قال: وبهذا لم تجد أمامك سوى حمارك التعيس حتى تعلق عليه مساوئ الدنيا كلها. قلت: أنت صاحب نظرية طاق على من طاق وأنا لم أقدر سوى عليك. قال: إذن عليك بتهريسي. قلت ضاحكا: فكرتني في الهريسة الأذان على الأبواب وأنا ضيعت وقتي معك ياخي حمار انتهازي ياخي.