بالرغم من مرور أربعين سنة على تشييد تلك السكنات التي لا تعدو كونها عبارة عن أسقف وجدران من الطوب والصفيح والإسمنت، يبقى أحد الأحواش الذي يضم أربع عائلات بحي سليمان شعشوع ببلدية الشريعة ولاية البليدة، وجها من أوجه اللامبالاة التي يعيش فيها هؤلاء في صمت وتجاهل السلطات المحلية التي امتدت لأربعين سنة، مدة إقامتهم في بيوت أقل ما يقال عنها أنها غير صالحة، فمطلبهم واحد ووحيد، وهو ترحيلهم إلى سكنات لائقة تحفظ لهم شيئا من كرامتهم التيهدرت، فبالإضافة إلى الاهتراء الكامل للبيوت التي تتقاسمها هذه العائلات، والتي لا تتعدى كونها عبارة عن حجرات متلاصقة فيما بينها مشكلة بذلك حوشا صغيرا، يتوسطه فناء، يشتكي هؤلاء من مرارة العيش الذي بات مرهونا بهاجس انهيار الأسقف والجدران المتصدعة على رؤوسهم· المنازل المعنية، كما سبق الإشارة إليه، مشيدة بالطوب والصفيح، مع محاولات يائسة من قبل أصحابها لإعادة ترميمها باستعمال مواد أخرى، وذلك بسبب الانهيارات المفاجئة، حيث أكدت العائلات قضاءها الليالي مستيقظة، خاصة مع تساقط أولى الأمطار الموسمية خشية من سقوط السقف على رؤوسها، نظرا لقوة الأمطار والرياح التي لا تتحمّلها الجدران· أفراد العائلات القاطنين بحي سليمان شعشوع أكدوا أيضا أن الرطوبة العالية طوال فصل الشتاء تسببت في ظهور وإصابة العديد منهم بأمراض تنفسية والحساسية، فالدفء في تلك المنازل تحوّل إلى حلم، صرحت إحدى القاطنات أنها تفترش ''الكرتون'' ليلا لكي لا تتبلّل ملابسها وأفرشتها، وإلى جانب كل هذه المعاناةيضاف مشكل بيت الخلاء الوحيد الذي يضطر الجميع إلى اقتسامه، ما تسبب أيضا في حدوث بعض الالتهابات الجلدية التي يعاني منها خاصة الأطفال بغض النظر عن الإحراج الذي بات مقترنا بالذهاب لقضاء الحاجة· سكان هذا الحوش، وفي معرض حديثهم، ذكروا المعاناة التي ترافقهم حتى في فصل الصيف، والمتمثلة في الانتشار الرهيب لمختلف الحشرات والديدان التي تتساقط عليهم من على الأسقف الذي تفنّن أصحابه في تشكيل صفائح قصديرية، مشيرين إلى القوارض والحيوانات الأليفة التي تقاسمهم معيشتهم المزرية، حيث تحتل كل عائلة تحوي 5 أفراد فما فوق غرفة واحدة فقط لا تتجاوز مساحتها 5/4 أمتار· وبنبرة الحسرة والألم، عبّر أحد أفراد تلك العائلات عن حجم المأساة والمعاناة التي خلفها طول الانتظار الذي يمتد إلى أكثر من 40 سنة، فكل فرد من تلك العائلات مازال يعيش على أمل انتشاله من الحالة الاجتماعية المزرية لافتقارهم لأدنى شروط الحياة الكريمة، حيث تنعدم قنوات صرف المياه والإنارة العمومية وتضاف إلى جملة المشاكل الاهتراء الكامل للمسلك المؤدي إلى منازلهم· فيما قال البعض إنه لو كان باستطاعتهم شراء منازل جديدة لفعلوا ذلك، لكن المشكل يكمن في قلة الموارد المالية، في حين أشار آخر إلى سعيه في الحصول على سكن منذ نهاية السبعينيات إلى يومنا هذا الأبواب التي سدّت في وجهه· وفي انتظار أن تلقى صرخة المواطنين آذانا صاغية من السلطات المحلية والولائية، يبقى هؤلاء تعيشون على هاجس الانهيار الذي يبدو وشيكا·