وأنا أنظر إلى الجزائر من خلال مدينة وهران الجميلة، شعرت أني أكتشف هذا البلد المميز، وأقول في نفسي وأنا أتلقى هذا الاهتمام والتكريم والاعتراف من قبل الجميع، بأني تأخرت كثيرا عن زيارتكم. كنت دائما مهتما بالجزائر كبلد له مكانته في المنطقة، ورغم عدم وجودي بها في أي فعالية، فهذا لا يعني أني لا أعرفها بل صلتي بها قديمة، من أيام حرب 1967. أعتقد أني سأكرر الزيارة في المستقبل لأزيد من معرفتي بكم. أنا اليوم في الجزائر مشاركة في لجنة تحكيم الفيلم الطويل، وهي مهمة أوكلت لي وأشعر بقيمتها ومسؤوليتها، وسأعمل على أداءها في الإطار الذي كرس لي، وسأستخدم معارفي وخبرتي في الميدان، لأنظر إلى الأعمال بطريقة تليق بكل جهد. لهذا فأنا موجودة في هذه اللجنة نظير ما حققته في الميدان الفني في السنوات الأخيرة، وهو اعتراف بقيمتي التي قدمها لي الكبار، أما الصغار فلا أرد عليهم. وأقول فقط إن عضوية في لجنة التحكيم هي وسام على صدري. أنا هنا لأقول إن الممثل الجزائري خاصة المقيم في وهران يجب أن يكون جزءا من هذه الفعالية الفنية الكبيرة، وأنه علينا أن نحتضنها لأنها جزء من عملنا واشتغالنا في مجال الصورة والصوت. هذه السنة شعرنا باهتمام محافظة المهرجان، خلافا للمرات السابقة، وأعتبر ذلك خطوة إيجابية من قبلهم، عكس ما يقال عنا أننا "محقورين". علينا أن نكون في الواجهة لأنه يستحيل أن نستضيف ممثلين عربا دون وجوه سينمائية وطنية، أهل البلد. صحيح أن حضورنا شكلي، في غياب أعمال تقدمنا في أحسن صورة، وتتحدث عن حبنا للفن، إلا أننا نعاني نقص المشاريع وشح العروض. الممثل الوهراني متعدد المواهب يتقمص أدوارا فكاهية ودراما وتراجيديا، إلا أن الحاضر حصره في الأدوار الفكاهية البسيطة، ربما يعود السبب إلى خفة روح الفرد الوهراني. أحضر إلى وهران في دور رئيسي في فيلم "مريم" للمخرج باسل خطيب، أتمنى أن يعجبكم. يعد الفيلم إنجازا في وقت أصبح العمل في البلد ضربا من المغامرة والإصرار، ولم يعد الإنتاج بنفس الكم الذي كنا نشتغل عليه في السباق. أشعر أن الجزائريين يعرفون جيدا ما ينتج من دراما وسينما عربية. وفي "مريم" سيكتشفني الناس في دور أظن أنه جميل جدا. كما لا أريد أن يقرأ العمل على أنه متخذ موقفا سياسيا من أي طرف في سوريا، بقدر ما موقفه إنساني محض ولا علاقة له بأي طرف سياسي ولا يقارب أي شيء من الأحداث الجارية هناك، علما أننا صورنا العمل في ظروف عسيرة في 2012، في دمشق وخارجها بسافيتلا والوادي والقنيطرة.أما عن سؤالك حول الهجرة إلى الخارج، فلا لم أفكر في الهجرة إلى دول الخليج أو مصر ولن افعلها لأني لا أرى نفسي أعيش إلا في سوريا، وفي حال وصول عرض قد أقبله لكن بتنقل مؤقت عمر التصوير لا غير. إقتصاديا انعكس الوضع على أجورنا كفنانين، فنحن جزء من الوضع العام، والحصار المفروض علينا، وتراجع قيمة العملة السورية، وضآلة الإنتاج، أثر على العمال بشكل عام، فطبيعي أن تتغير معطيات الأجور عندنا، لكن نبقى مقاومين في انتظار تحسن الظروف، وما نتحمله اليوم من أزمة لا أسميه تنازلات كما قلت أنت، بل أعتبره واجبا وطنيا. من الوهلة الأولى تبدو لي الفعالية جميلة، وأتمنى للجميع النجاح في أداء مهامهم، وأن يشاهد الجمهور أفلاما تليق به وتعبر عن بعض اهتماماته. سعدت بوجودي في الجزائر التي أدعو لها دوما بالأمن والسلام وأن تبقى بلدا مشرقا يرحب بضيوفه العرب أينما وجدوا. كضيفة شرف هذه الطبعة، أشعر بالارتياح والسعادة، الناس تعرفني في مصر والوطن العربي، لكن لا أنسى أني تونسية، وأعرف قيمة العلاقة بين الجزائر وتونس، لهذا وجودي اليوم يحمل بعدا أخويا كبيرا. لهذا حضوري له معنى عميق. المهرجانات السينمائية والموسيقية في الوطن العربي مهمة لأنها تساعد على رواج الإبداع وانتشاره. أما عن عملي في مصر حاليا فأنا بحال جيد، مستمرة في العمل، الذي توقف بشكل محسوس في المدة الأخيرة بفعل حظر التجول وترتيبات أمنية أخرى، لكن هذا لا يمنع من وجود أعمال قيد الكتابة وأخرى في مرحلة التحضير لتصويرها. أنا مثلا سأشارك في فيلم سينمائي مصري سيدخل مهرجان دبي المسابقة الرسمية بعنوان "فارس أحلام" للمخرج عطية أمين. الممثلات التونسيات نجحن في الدراما المصرية بفضل قدرتهن الفنية، مثل هند صبري، فريال يوسف، وهن جزء لا يتجزأ من الممثلات التونسيات اللائي بقين في البلاد يعملن. النجومية التي حققناها في الواقع لم نستثمرها في السينما التونسية كفاية، وشخصيا أحاول أن لا أرفض العروض وآخرها كان "باب الفلة" الذي شاركنا به في مهرجان مالمو والمغرب.