المتابع لفعاليات الطبعة الحالية للمهرجان الدولي للمسرح الذي تتوالى عروضه على خشبة المسرح الوطني ودار الثقافة، يلاحظ حضورا قويا للمرأة، حيث تم برمجة مسرحيات عديدة تعنى بانشغالات وهموم نسوية من إخراج فنانات عديدة أمثال مريم بوسلمي التي قامت بإخراج مسرحية عنوانها "خطيئة النجاح" التي تناولت مكانة المرأة العربية في المجتمع. كما عرضت الفنانة القديرة صونيا مسرحية "امرأة من ورق"، وعرضت كذلك الممثلة والمخرجة التونسية دليلة مفتاحي مسرحية بعنوان "ماذا لو مات ظلي".. التي يحضر بها لقاء الماضي بالحاضر .. ممثلتان كبيرتان في السن قررتا العودة إلى الديار .. في الليلة التي قررتا فيها أن تعودا .. قرتا خبرا في جريدة مفاده أنه سيقع غدا تحضير لإنجاز فيلم ضخم مهم في حاجة لكل الأعمار بالنسبة للمثلين على شرط أن كل مترشحة يجب أن تقدم مقطعا من مسرحية تاريخية. قررتا أن تذهبا للمسرح ليلا وتتدربا على مشهد. تصلان إلى المسرح وتختبآن حتى يخرج كل من فيه. عوض أن تتدربا على مشهد للكاستينغ غدا، تبدآن في استحضار كل الشخصيات الشهيرة التي قدمتاها على المسرح .. ولكن تقع محاسبتهن على هفواتهن والمقارنة بينهما وبينهن ونكتشف أن هاتين الممثلتان تستحقان التخليد مثل هذه الشخصيات ولكنهما عاشتا على هامش المجتمع .. لم تنجحا في حياتهما المهنية ولا في حياتهما الشخصية .. ويستعرض عبر حوارات ومنولوجات هموم تونس اليوم الشائكة التي يمتزج فيها الإرهاب بالخوف وبالأصولية التي ترغب بمد سطوتها على المجتمع والبشر، وعبر هذا الخطاب تطلق الممثلتان صرخة تحذير وألم، صرخة رغبة بالحياة .. النص مهم بطروحاته ولكن لم يكن ممسوكا جيدا طوال العرض المسرحي، في الشغل والأداء من طرف الممثلتين "سعيدة الحامي" و«فوزية بن منصور" بالاضافة لمحاولة النص تقديم الكثير من الحمولات الفكرية وتحميله مقولات متعددة وكثيرة تركت تأثيرا مشتتا على تماسك العمل وأضاعت المشاهد بل أصابته بالملل أحيانا، لكن يبقى العمل صرخة من أجل حرية الإنسان وكرامته. المخرجة دليلة مفتاحي: كانت تجربة الاحتراف الأولى لها مع الفرقة القارة بجندوبة، كان ذلك عام 1978، ثم انتقلت إلى المسرح الوطني التونسي مع المنصف السويسي، ثم تتالت التجارب مع المسرح العضوي ومع رجاء فرحات في الحمامات والفرقة البلدية، وبعض الشركات الخاصة. ولها محطات كثيرة، سينمائيا في إيطاليا، أما في المسرح فمسرحية "دار حجر" التي تحصلت على عدة جوائز وأيضا "حر الظلام" وتجربتها في الجزائر مع المسرح الوطني الجزائري من أهم المحطات في مشوارها وذلك في مسرحية "شهرزاد للّة النساء" تأليف ابراهيم بن عمر، وقد قامت بإخراجها، ، كما قامت بتجارب أخرى مهمة مع نور الدين الورغي ومحمد المديوني في المسرح الوطني والفرقة البلدية...