سرت في ال 48 ساعة الأخيرة أخبار مفادها انفتاح شهية عدد من الشخصيات السياسية المحسوبة على الأوزان الثقيلة، على الرئاسيات بشكل غير مسبوق، بعد أن تناولت العديد من العناوين الصحفية خبر "تراجع" الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن التقدم لنيل ولاية جديدة على رأس الجمهورية، وتناهى ل "الجزائر نيوز" عبر مصادر متعددة، أن عبد العزيز بلخادم ومولود حمروش دخلا بشكل جدّي على خط الرئاسيات، وبالمقابل شُرع بشكل جدي في التحضير للإطاحة بعمار سعيداني من على رأس الأفلان بتكليف عبد الرحمان بلعياط باستدعاء اللجنة المركزية لانتخاب أمين عام جديد. تعيش الساحة السياسية منذ 48 ساعة حالة حراك غير مسبوق، إن لم نقل جنونا سياسيا غير مسبوق، تداخلت فيه الأخبار إذ تجري تحركات في كل الجهات للمراهنة على فوارس سياسية ضمن تكتلات طبيعية وغير طبيعية داخل دوائر الحكم، بالموازاة مع تغييب كافة الشخصيات السياسية من رؤساء الأحزاب والتنظيمات المعروفة بولائها للرئيس الحديث عن العهدة الرابعة، في خطاباتها السياسية أمام الجماهير. ومن بين المعلومات التي سرت في الآونة الأخيرة أن محاولات حثيثة تجري بشكل مضاعف لإقناع مولود حمروش بضرورة الدخول في المعترك الانتخابي القادم، بينما لا يزال الأخير يستمع لمختلف الأطروحات والدعوات دون أن يفصل فيها. وتنقل مصادر أن مولود حمروش يكون قد طلب مهلة للتفكير قبل الانخراط في أي مسعى أو اتجاه يصب في سياق الاستحقاق القادم. كما نقلت مصادر حزبية أن حركة من الزوايا تنوي إعلان دعمها لعبد العزيز بلخادم وتأييدها لترشحه للانتخابات القادمة، وأن مقر هذا الحراك الذي تقوده الزوايا، انطلق من ولاية تلمسان. كما رشحت مصادر سياسية أن يكون الصراع على أوجه بين عبد القادر بن صالح وأحمد أويحيى داخل التجمع الوطني الديمقراطي في حال تأكد رسميا أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لن يترشح. ومن بين ما تداولته الألسن السياسية خلال الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، أن الحديث عن عدم ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة منطلقه "تبرير طبيعي لشقيقة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (زهور) لإحدى المدعوات إلى حفل زفاف نجل اللواء عبد الغني الهامل الذي احتضنه فندق الميريديان بوهران، ومفاده أنه لا يُمكن أن تبرح شقيقة الرئيس جنبه لرعايتها الشديدة به، خاصة في اليومين الأخيرين، وهو التبرير الذي فُهم على نطاق واسع بين الشخصيات المهمة والمدعوة، بأن الرئيس في حالة سيئة على التي ظهر عليها خلال مجلس الوزراء، وأن محيطه العائلي وهو شخصيا يكون قد قرّر في هذه الظروف عدم المغامرة به في استحقاق بهذه الضخامة ويكون ذلك القرار قد صدر على وجه حاسم ونهائي وغير قابل للرجوع عنه"، لتنطلق بعد ذلك سيل من التأويلات الممزوجة بأخبار غير رسمية، أهمها أن الرئيس بوتفليقة قد وضع أمامه مرسومان يُرتقب أن يوقع عليهما خلال الأيام القليلة القادمة، الأول يتعلق باستدعاء الهيئة الناخبة حده الزمني الأقصى سيكون في ال 16 جانفي الجاري، والثاني مرسوم إنهاء مهام شخصيات سامية في الدولة، يُفتح المجال بعدها لانتخابات مفتوحة على مصراعيها أمام كل الاحتمالات بفسح المجال أيضا أمام كل راغب في الترشح بالترشح، على أن يتم تحديد القوائم النهائية للمتنافسين من قبل المجلس الدستوري، ورشحت المصادر أن تشهد الجزائر انتخابات فريدة من نوعها قد يُشارك فيها لأول مرة شخصيات بحظوظ متساوية، قد تكون متمثلة في الوزير الأول عبد المالك سلال، ورؤساء الحكومة السابقين علي بن فليس، مولود حمروش، أحمد بن بيتور وعبد العزيز بلخادم على أن يتم الفصل حزبيا بين مشاركة باسم الأرندي بين أحمد أويحيى الأمين العام السابق وعبد القادر بن صالح الأمين العام الحالي، ويلي ذلك رؤساء الأحزاب الكلاسيكيين، وهو ما رأته المصادر بأنه مشهد يحيل على إجراء دور ثاني فاصل في الاستحقاق القادم. تكليف بلعياط باستدعاء اللجنة المركزية لانتخاب خليفة سعيداني كما تقرر في ال 48 ساعة الأخيرة تكليف عبد الرحمان بلعياط الموجود ضمن "حركة التقويم والتأصيل والتحصين" باستدعاء اللجنة المركزية في دورة طارئة بعد جمع النصاب القانوني لعقد دورتها، يكون جدول أعمالها نقطة وحيدة هي انتخاب أمين عام للجبهة، بسبب شغور هذا المنصب منذ الإطاحة بعبد العزيز بلخادم في ماي الماضي، على حد اعتقاد عدد من أعضاء اللجنة المركزية. وقد يتوافق هذا التحرك غير العادي في ال 48 ساعة الأخيرة مع أخبار احتمال تراجع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الترشح ووجود إشارات قوية بأنه على الجبهة أن تنظف دنسها وتلفظه بعيدا، تحضيرا لانتخابات مفتوحة. عدم ترشح بوتفليقة.. مناورة أم حقيقة؟ برغم هذا التفاعل منقطع النظير مع أخبار امتناع الرئيس عن التقدم للاستحقاق الرئاسي المقبل، إلا أن التحفظ لا يزال على نسبة ما وسط هذه الهالة السياسية، ومصدره أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يكون قد أطلق بألون اختبار لاستدراج الطامحين والطامعين الحقيقيين في الرئاسة وجس نبضهم على أن يُفاجأ الجميع في النهاية، بالترشح على شكل يُصعّبُ على الذين سبقوا للخروج علانية لساحة الرئاسيات، أن يعدلوا عن ترشحهم، وبالتالي يكون الرئيس قد حضّر لمناورة سياسية حقيقية يستطيع أن يبني على معطياتها، خطته التي تمكنه من البقاء في الحكم عبر الانتخابات القادمة، خاصة وأن الرئيس لا يُعجزه أن يحضّر لمشهد انتخابي يمسك فيه حاليا بكل خيوطه، مع العلم أنه يملك من المؤهلات السياسية والحنكة ما يمكنه من ذلك، إلا أن يكون قد اقتنع الرئيس حقيقة بأن وضعه الصحي لن يُسعفه على لعب دور كهذا، يحتاج فيه لقوة ميدانية تعادل قوة عشرة رجال.