أنهت شركة ''إعمار'' العقارية الإماراتية، نشاطها بالجزائر من خلال إعلان انسحابها من السوق الجزائرية بسبب ما أسمته ب ''عدم إحرازها أي تقدم فيما يخص مشاريعها بالجزائر''، بالإضافة إلى ''صعوبة مواصلة الشركة لعملياتها في السوق المحلية بسبب تغير شروط الإستثمار وتقييد الحكومة الجزائرية لنسب ملكية الشركات الأجنبية للمشاريع''· إ مثل ''إعمار'': وهي أكبر شركة للتطوير العقاري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قررت دخول السوق الجزائرية عام ,2006 إلا أن الإعلان الرسمي عن ذلك لم يتم سوى بعد عامين من الشد والجذب، حيث ظلت الأمور، لفترة، تراوح مكانها، وذلك بعد إبرام وفد عن الشركة على عقود أربعة مشاريع مع ممثلي الحكومة في احتفالية، بمقر وزارة الصناعة الجزائرية، وتزيد قيمة العقود عن عشرين مليار دولار، ويقترب هذا المبلغ من أكبر استثمار تنفذه ''إعمار'' في الخارج، وكان عبر إنشائها ل ''شركة إعمار المدينة الإقتصادية'' في السعودية، باستثمار بلغ 27 مليار دولار يخصص لإنشاء مدينة ضخمة لمختلف قطاعات الإقتصاد· وقد جرى إلغاء مشروع خامس كان إنجازه مبرمجا من طرف ''إعمار''، ويتضمن إعادة تأهيل محطة قطارات وسط العاصمة الجزائرية· إلا أن مشروع هذه المجموعة الإماراتية يبدو أنه لن يرى النور على ضوء إعلانها، أول أمس الخميس، عن انسحابها من السوق· م مثل مشاريع: جهزت مجموعة ''إعمار'' تصاميم تقول أنها تناسب مدن متوسطية بوزن الجزائر، من خلال مجموعة متكاملة من القرى السياحية في ضاحيتها الغربية، ومنشآت ترفيهية ووحدات سكنية حديثة، متميزة عن تلك التي طرحها مطورون عقاريون في السوق المحلية· وبهذا الصدد، صرح، رئيس الشركة، في وقت سابق، أن أفكار مجموعته المبتكرة من شأنها الإسهام في تغيير الوجه العمراني المتقادم للجزائر، منذ استقلالها قبل 46 سنة· وتتضمن مشاريع ''إعمار'' الأربعة، للتطوير العقاري والمجال السياحي في الجزائر، تغيير ملامح العاصمة، من خلال تطوير الواجهة البحرية للمدينة، عن طريق مخطط سمي ''جون الجزائر'' يهتم بإعادة تهيئتها وإقامة بنايات عصرية على غرار البنايات التي تزيّن مدينة دبي، حيث يسعى المجمع إلى إنشاء فنادق راقية وأبراج للأعمال وعمارات سكنية من النوع الراقي ومحلات تجارية عصرية ومساحات للفسحة والتسلية· أما المشروع الثاني، فيخصّ إنشاء مدينة سياحية وأخرى للصحة بالعاصمة، مرتبط بمشروع مركب سياحي بشاطئ ''العقيد عباس''، فضلا عن مشروع مدينة الحظيرة المعلوماتية ب ''سيدي عبد الله''، الواقعة على بعد 25 كيلومترا جنوب غرب الجزائر، وتبلغ مساحتها 90 هكتارا، وقدمت، إدارة ''إعمار'' مشروعا رابعا يحتوي على مخطط كامل لمراكز تجارية ومناطق سكنية وشقق فاخرة وجامعات· ولاعتبارات غير معروفة، تم إسقاط المشروع الخامس من الرزنامة، وكان يفترض أن يتم، من خلاله، جعل المحطة المركزية للسكك الحديدية ''آغا'' بوسط عاصمة الجزائر، القطب الأهم في المواصلات بالمدينة الأولى في البلاد، مع الإشارة إلى أن المحطة المذكورة تستقبل 80 ألف مسافر يوميا، وكان مبرمجا إحاطة المحطة المذكورة بعدد من المرافق الضخمة، من بينها فندق فخم للمسافرين وثلاثة أبراج من 9 و15 و18 طابقا ومركزا تجاريا ضخما· ع مثل عراقيل: يؤكد مسؤولو المجموعة الإماراتية ''إعمار'' أن قرار انسحاب هذه الأخيرة من السوق الجزائرية، جاء بعد أن أصبحت مذكرة التفاهم الموقعة مع الحكومة الجزائرية لاغية، بموجب بند يؤكد ذلك، في حال لم توقع اتفاقية نهائية في غضون ستة أشهر بين الشركين· وقال، مدير وحدة الجزائر في شركة ''إعمار'' للتطوير العقاري الإماراتية، عبد الوهاب صفوان ''أنه بات من الصعب تحقيق أي من المشاريع على الأرض، بسبب التعديلات الجديدة التي أدخلتها الحكومة الجزائرية على قانون الإستثمار من خلال إلزام المتعاملين الأجانب بإشراك طرف جزائري بنسبة 51 بالمائة في حال كان المشروع مع شركة عمومية وبنسبة 30 بالمائة إذا كان مع القطاع الخاص· وقال، صفوان، أن ''إعمار لا تجادل الحكومة الجزائرية في قرارات سيادية، ولكن الشركات الأجنبية تفكر، جديا، في التراجع عن تنفيذ مشاريع في ظل التشريعات الجديدة المتشددة''· ش مثل شائعات: الشائعات القوية التي راجت قبل أشهر عن تعثر خطة ''إعمار'' التوسعية في الجزائر، يبدو أنها لم تكن كذلك، بالرغم من أن سلطات هذه الأخيرة حرصت، في أكثر من مناسبة، على التشديد على أن مشاريع المجمع الإماراتي تسير في الإتجاه الصحيح، وجرى تبرير التأخيرات المحيرة للمشاريع إلى خصوصية طلب ''إعمار'' لقطع أرضية واسعة وفي أماكن إستراتيجية في ضواحي الجزائر العاصمة، في وقت ظلت مصادر إعلامية تركز على ''مماطلات بيروقراطية'' من لوبي نافذ، بينما قلل مسؤولو ''إعمار'' من شأن العقبات التي تعترض استثماراتهم في الجزائر، وسط جولات مكوكية قادت رئيس ''إعمار'' محمد علي العبار، إلى الجزائر، وقيل، وقتئذ، أن ما تواجهه ''إعمار'' في الجزائر ''أقل بكثير'' مما يعترض الشركة لإطلاق وحداتها للتطوير العقاري في كل من مصر وسوريا· ت مثل تراجع: يبدو أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، والرامية إلى حماية الإقتصاد الوطني بهدف جعل الجزائر بلدا منتجا وليس مستهلكا فقط، لن تأتي أكلها، فبعد الملاحظات التي عبر عنها عدد من المتعاملين الأجانب، جاء دور العرب على ضوء إعلان ''إعمار'' إنسحابها من السوق الجزائرية، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل الإستثمارات الأجنبية والعربية التي تبقى، لحد الآن، محتشمة، والتي يرجح أن تعرف تراجعا خلال السنوات القليلة القادمة بسبب عزوف المتعاملين والمستثمرين الأجانب عن الإستثمار في الجزائر·