عاشت مدينة غرداية أسبوعا عاصفا، بداية من الاثنين الماضي، عقب تجدد أعمال العنف التي انتهت بسقوط قتيلين في تصعيد كبير، نهاية الأسبوع، حيث توسعت الأحداث عبر أحياء بلديات كل من غرداية وبنورة وضاية بن دحوة الواقعة بسهل ميزاب ووصلت إلى مدينة بريان، في أعمال عنف وتخريب ونهب وحرق إثر اشتباكات متفرقة بين مجموعات من الشباب، أوقعت مئات الجرحى وخسائر مادية كبيرة. فيما تتجه الأنظار بشدة، اليوم، نحو معركة الجزائر العاصمة التي تشكل آخر محطة في الحملة الانتخابية لرئاسيات 2014، تستمر المأساة التي تعيشها ولاية غرداية، منذ قرابة الخمسة أشهر، دون حل، رغم وعود وزير الداخلية بتطبيق أقصى العقوبات على المعتدين، ووضع مخططا أمنيا مشددا للسيطرة على الوضع، وهي الإجراءات التي يبدو أنها فشلت تماماً، حيث لقي شابين حتفهما ليلتي الجمعة إلى السبت الماضيين، الأول بن الناصر ناصر بن نور الدين (22 سنة طالب جامعي سنة نهائية بجامعة الاغواط) اصيب بقذفات حديدية لفظ على إثرها انفاسه في مكان حدوث المناوشات بحي كاف حمودة ببلدية بريان، والضحية الثانية بالحاج حسان (32 سنة، أب لثلاثة أطفال) مات اثر طعنة بواسطة أداة حادة بحي ‘'مرماد"بعاصمة الولاية غرداية، حسب شهود عيان بغرداية، وبهذا ترتفع حصيلة أعمال العنف التي تعرفها الولاية إلى 10 قتلى . وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، أن ارتفاع حدة أعمال العنف والمناوشات بغرداية بين مجموعات من الشباب بعد ظهر الجمعة والتي تواصلت طوال ليلة الجمعة الى السبت، سجلت قرابة المائة إصابة بجروح، بينهم 30 جريحا نقلوا، أمس، إلى مصلحة الاستعجالات لمستشفى ‘'تريشين"، أربعة منهم في حالة خطيرة، وذلك منذ عودة هذه الأحداث، الاثنين الماضي، وفقا لمصدر طبي بالمستشفى المذكور، بغرداية. كما تعرض نحو خمسين محلا ذي طابع تجاري وسكني وأربع حظائر للعتاد المتحرك ومقر محطة المعهد الوطني لحماية النباتات ونحو عشرين سيارة وثلاثون غابة نخيل للنهب والتخريب قبل أن يتم إضرام النيران بها من طرف شباب عبر أحياء غرداية وبنورة وضاية بن دحوة. وأكد شهود عيان ل«الجزائر نيوز"، أن عمليات الحرق والتدمير والاعتداءات التي تعرفها المدينة، لم يتم السيطرة عليها، إلى غاية كتابة هذه الأسطر، مما ضاعف الخوف والفزع الذي يعيشه السكان، حيث أكد أحد المواطنين أن "الوضع مرعب، لا نشعر أننا بأمان، في بداية الأحداث كنا نشعر بالقلق على عائلاتنا عندما نغادر منازلنا واليوم ونحن مع عائلاتنا نشعر بالعجز عن حمايتهم"، مضيفا "لا نفهم سر استمرار هذه الأحداث، غرداية كانت دائماً تعرف مناوشات بين الإباضيين والمالكيين لكن الأحداث هذه المرة مختلفة، لم نكن نتعامل يوما بهذه الهمجية والقسوة"، ويضيف محدثنا "الامر لا علاقة له بالمذهبية، هناك من يستغل الوضع، وأكبر دليل هو أن الضحايا اليوم من الجهتين". كما كشف محدثنا أن هناك مستثمرات فلاحية تعود ملكيتها لسكان مزاب وعرب، تعرضت للحرق بأكملها وتمت إبادة الحيوانات التي كانت بها، وحسبه "هذا سلوك لا إنساني"، مضيفا أن ما يحدث "هو اعتداء على ممتلكات ومواطنين جزائريين وتأمينهم هو من اختصاص الدولة وليس طرف ثان". هذا وأفادت وكالة الأنباء الجزائرية، في أخبارها، أمس، أن مئات الشباب الملثمين المدججين بالحجارة والزجاجات الحارقة بالعديد من الأحياء لا يتوانون على تحطيم واجهات المحلات ونهب وتخريب وإحراق السيارات دافعين بذلك فرق مكافحة الشغب لاستخدام القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريقهم. وكانت منطقة غرداية، منذ نهاية السنة الماضية، مسرحا للمناوشات المتكررة بين مجموعات من الشباب التي كانت تتراشق بالزجاجات الحارقة والحجارة وغيرها من المقذوفات، وتعرف حاليا هذه الأحداث التي تميزت بفترات من الهدوء حدة في أعمال العنف والتخريب والنهب والتحطيم وحتى الحرق، وقد تم نهب وتخريب أكثر من 700 محل ذي طابع تجاري قبل أن يتم إضرام النيران بها خلال المناوشات المتكررة التي عرفتها غرداية منذ جانفي الأخير تفيد مصالح الولاية.