وكأن العالم في حاجة لبؤرة توتر أخرى مرتبطة بالإسلام، فقد ذكرت تقارير المنظمات الإنسانية أن كارثة إنسانية أخرى باتت تهدد نيجيريا بعد عمليات الاقتتال بين المسيحيين والمسلمين راح ضحيتها مال يقل عن 300 قتيل في غضون ثلاثة أيام· ويبقى التخوف الأكبر من تطور الأحداث في أكبر دولة إفريقية من حيث الكثافة السكانية بأكثر من 140 مليون نسمة· في الوقت الذي تؤكد فيه السلطات العسكرية في نيجيريا قدرتها على احتواء الأزمة الناشبة بين الأهالي من المسلمين والمسيحيين في منطقة جوس، وسط البلاد، تتصاعد أصوات من الدول الغربية للتنديد بالعنف المتفاقم من طرف جماعة ''بوكو حرام'' المتطرفة والتي باتت تشكل تهديدا خطيرا، من منطلق رغبتها في فرض التعاليم الدينية المتشددة في كل الأقاليم المسلمة· مع العلم أن مثل هذا الإجراء يتنافى مع الدستور النيجيري· وبالرغم من ذلك، فقد نجحت هذه الحركة من فرض سلطتها على العديد من مناطق البلاد الشمالية، على اعتبار أنها منطقة تواجد الغالبية الكبرى للمسلمين، في حين أن الجنوب منطقة تواجد المسيح· أما عن عودة النزاع بين الطائفتين، فتقول التقارير الإعلامية الواردة من هناك أن سببه يعود لرغبة أفراد من الطائفة المسلمة في إعادة ترميم مجموعة بنايات متنازع عليها مع المسيحيين والواقعة في منطقة حدودية بين الطائفتين· هذه الحادثة التي تم استغلالها من طرف جماعة ''بوكو حرام''، التي باتت تنصب نفسها حامية لمصالح المسلمين في الإقليم الشمالي، وقد خلفت النزاعات الأخيرة ما يقارب ال 300 قتيل، بالإضافة إلى 800 جريح من بينهم حالات خطيرة· ومع أن السلطات أكدت مقتل محمد يوس الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية المتطرفة، إلا أن الملاحظين يشككون في توقف النزاعات بين الطائفتين بسبب عمق المشكلات القائمة بين الظرفين· وما يزيد من حدة الصراع عدم التكافؤ في توزيع الثروات الطبيعية، إذ بالرغم من توفر البلاد على ثروة البترول، تجعل منها من أهم الدول المنتجة للذهب الأسود، إلا أنها تظل من أفقر الدول الإفريقية· من جهة أخرى، يشدد المراقبون على ضرورة إيجاد حل في القريب العاجل مخافة تحوّل الوضع إلى أفغانستان إفريقي، على اعتبار أن الجماعة الإسلامية بالرغم من عدم ثبوت تورطها في علاقات مع تنظيم القاعدة، فإن رغبتها وإصرارها على تطبيق الشريعة الإسلامية يجعلها تستمد تعاليمها من الطالبان، ويبدو أن القائمين على الحركة لا يخفون ميلهم لنظام الطالبان· وما يزيد من تعقيد الأمر أن أكثر من عشر ولايات من 36 ولاية التي تشكل نيجيريا باتت تطبق تعاليم الشريعة الإسلامية وفقا لمنظور الحركة، بالرغم من تعارض الأمر مع الدستور النيجيري· في هذه الأجواء يعتقد الناشطون الإنسانيون في الميدان إمكانية تكرر سيناريو النزاعات المميتة لأقل الأسباب، طالما الجو مشحون وعناصر الانفجار العرقي والديني متوفرة·· فهل تكون نيجيريا أفغانستان إفريقيا· في الأخير، لابد من التذكير أن عدد الضحايا منذ نهاية النظام العسكري العام 1999 تجاوز 13 ألف قتيل·