تعود ذكرى رحيل الفنان أحمد عياد، الاسم الذي قد يبدو مجهولا بالنسبة للكثيرين، فقد غاب شخص أحمد عياد خلف شخصية رويشد، ذلك الوجه المرح الذي رافق الجزائريين لأكثر من أربعين سنة، وكان سببا في ضحاكاتهم وسرورهم· تمر إذن إحدى عشرة سنة على رحيل الفنان جسديا لتبقى روحه المرحة وبشاشته حاضرة في أذهان الجزائريين كلما ذكر اسمه· فقد كان بمثابة أيقونة المرح في المسرح، السينما وحتى التلفزيون لعقود كرست وجه الكوميدي في الذاكرة والتراث الفني الجزائري، مثله في ذلك مثل الراحل حسن حسني، فقد تمكنا من خلق شخصيات تكيفت عبر السنوات وعبّرت عن مختلف المراحل التي مرت بها البلاد، بداية من أفلام الثورة، التي بالرغم من جديتها إلا أن رويشد عرف كيف يمنحها الطابع الفكاهي الخاص به، مثلما حدث مع سكاتش ''أضحية العيد الكبير''، مجموعة من السكاتشات كانت لها مفعول السحر في جلب البسمة للجزائريين في أصعب الأوقات· هي الشخصية الساذجة البشوشة التي تعرف كيف تتجاوز أصعب المحن بمجرد نكتة، هي شخصية جعلت النقاد يشهدون له بمكانته المميزة في عالم الفكاهة والكوميديا، بل إن منهم من لم يتوان في تشبيهه بأكبر الفكاهيين في العالم، بداية بشارلي شابلين وصولا إلى لويس دوفيناس وفرلوندال الفرنسيان· هذ ا النجاح الذي عرفه رويشد لم يكن نتيجة صدفة بل استحقه بعد طول عمل، إلى جانب كبار الأسماء الفنية في الجزائر، على غرار محي الدين بشطارزي، مصطفى كاتب··· وغيرهم· هؤلاء العمالقة الذين عرفوا أن بإمكان الفن أن يكون سلاحا هو الآخر ضد العدو، فكان على هذا الأساس استغلاله في الحفاظ على الهوية الوطنية خلال فترة الاحتلال· ومع أن تلك الفترة شهدت أعمالا تميل إلى الطابع السياسي الهادف للتوعية، إلا أنه كان هناك العديد من الوجوه الفنية الفكاهية، مثل التوري، رشيد قسنطيني··· وغيرهما ممن خلقوا جوا من الفكاهة جعل مستوى المنافسة بينهم يخدم تقدم هذا النوع الفني المسلي، ولكن في ذات الوقت الهادف· في مثل هذه الأجواء نجح رويشد في إيجاد مكانة مميزة له تمكن من الحفاظ عليها عبر السنين· وقد تميز رويشد في المسرح، حيث كان عضوا في المسرح الوطني الجزائري، حيث تمكن من تخليد العديد من المسرحيات التي ماتزال تجد لها صدى لدى الجمهور الجزائري إلى غاية يومنا هذا مثلما هو الحال مع مسرحية ''البوابون''، التي أبدع في تأديتها، هذا النجاح الذي تم استغلاله سينمائيا، حيث تم بث المسرحية على الشاشات الكبيرة، فكان النجاح في الموعد· والجدير بالذكر أن رويشد حقق من النجاح في المسرح ما حققه في السينما، سيما من خلال سلسلة مغامرات ''حسن النية'' التي وجدته في كل فيلم في مغامرة جديدة تتطرق لمشكلات اجتماعية بشكل فكاهي مرح وهادف في ذات الوقت· هذا الطابع الفكاهي الذي تميز به رويشد لم يكن يجلب له الإشادة فقط، فقد وجد من انتقده على أساس أنه لا يجيد من أداء سوى الفكاهة، والتي تعتبر سمة مميزة لشخصيته الحقيقية في الحياة، ما يعني أنه لا يجهد نفسه في الأداء· غير أن هذه الحجة بطلت بعد أداء رويشد دور الحركي في رائعة ''الأفيون والعصا'' لأحمد راشدي، حيث أدى دور الخائن البغيض متحجر القلب بتفوق، أدهش كل النقاد والجمهور عل حد السواء· غير أن الجمهور أحبه في الأدوار الفكاهية، فقد كان من القلة التي تجلب للجزائريين البسمة ولا داعي للتخلي عن شخصيته المرحة· هكذا عاد رويشد للأدوار التي ألفها وأبدع فيها، وذلك لغاية مرضه ثم وفاته في شقته بالأبيار، حيث ودعه عشرات المئات من معجبيه الذين يحافظون على ذكراه كل سنة بمعية إبنه الفنان مصطفى عياد، الذي يسعى لأن يكون خير خلف لخير سلف· من أهم أعمال الفنان السينمائية: ''حسن طيرو'' 1967 ''العصا والأفيون'' 1971 ''هروب حسن طيرو'' 1974 ''حسن الطاكسي'' 1982 ''حسن النية'' 1989