المار بالقرب من ساحة أول ماي لا يمكن أن يتجاهل تلك الإشارات الكثيرة التي تشير لوجود ورشة عمل خاصة بميترو الجزائر، غير أنه عدا تلك الإشارات لا شيء يوحي بوجود نشاط و وتيرة عمل تميز المكان عن غيره· فالمكان لا يعرف حركة سوى ذهاب وإياب الحراس، الذين لا يتجاوز عددهم الخمسة· المشروع متوقف··· مرة أخرى كان الحديث مع حراس ورشة عمل ميترو الجزائر مغامرة وكأنهم تلقوا الأمر بعدم الحديث مع الصحافة، فقد سارع الحارس بالإشارة لتلك اللافتة التي تمنع غير العاملين بالمرور، بالرغم من هيئتنا التي لا توحي بكوننا عمال الورشة· بعد إبراز الوثائق اللازمة المؤكدة على أننا في مهمة مهنية، سارع الحراس للتأكيد على عدم امتلاكهم الصلاحية للحديث عن المشروع و وتيرة تقدمه· كان هذا الكلام الرسمي، أما في حديث خاص بعد الوعد بعدم ذكر الإسم، أكد لنا الحارس أن الحركة متوقفة منذ فترة، في إشارة للمشكلات التي لحقت بالمدير العام للمؤسسة وعدد من الإطارات بتهمة التلاعب بالمال العام· لم يكن الحارس يملك من المعلومات أكثر مما تداولته الصحف عن الوضع العام والتأخر في آجال تسليم المشروع، فقد كان حديثه منصبا على عدد من الموظفين الذين باتوا يخشون على مناصبهم، في إشارة للقلق الذي يرتسم على وجوه من يعمل في الميترو· فالجدير بالذكر أن الحراس لا علاقة لهم بمؤسسة الميترو، على اعتبار أنهم موظفون في شركات حراسة خاصة، لكن ذلك لم يمنعهم من ملاحظة قلق كل من يعمل في الميترو، على غرار موظفي محطات الاستغلال والتسيير الذين وجدوا أنفسهم مطرودين، لأن التأخير كان سببا في تواجدهم في حالة بطالة تقنية، الأمر الذي دفع بالشركة الفرنسية إلى توقيف عقود عملهم حتى قبل أن تبدأ· كان هذا الحال أمام ورشة ساحة أول ماي، التي كانت تعتبر في وقت قريب نموذجا عن أول عربة نقل خاصة بالميترو، قبل أن تغيب هي الأخرى عن الأنظار· في الجانب الآخر من الحي، كان الحديث مع أصحاب المحلات المحاذية للورشة، هؤلاء لم يخفوا استياءهم من الضوضاء التي سببتها الورشة على مدار عقود، وهو ذات الحال في كل مناطق العاصمة التي شهدت على مدار سنوات عمليات إنجاز الميترو، هذا ما أكده محمد صاحب محل بقلب العاصمة أرغمته الأشغال على توقيف نشاطه بعد غلق الحي الذي يعمل فيه بسبب الأشغال، وبالرغم من تعويض محله بآخر إلا أن محمد يقول: ''التاجر في المقام الأول سمعة وتاريخ، كان الناس يعرفونني في هذا الحي، بعد تغيير المكان فقدت زبائني حيث لم يعد أحد يعرفني· كانت بداية جديدة عانيت فيها والسبب في كل ذلك الميترو اللعين''· هذا الشعور لم يقتصر على أصحاب المحلات فقط، وإنما طال كل من يقطن بالقرب من مكان ورشات الميترو، حيث تقول زينب القاطنة بالبريد المركزي: ''طوال سنوات عشنا على وقع الإزعاج والأصوات المسببة للصداع، سيما خلال سنوات المتفجرات لتي كانت تستعمل في الحفر· تحملنا سنوات من الأصوات المزعجة إلى جانب الأمراض الناتجة عن الغبار وغيرها مما تفرزه الورشات''· هذا الوضع الذي دام سنوات بل عقودا اضطر الكثيرين من أصحاب الشقق لبيع ممتلكاتهم وتغيير مقر سكناهم بسبب الإزعاج الذي خلفه الميترو، قرار يرى فيه الكثيرون نقمة، على اعتبار أنهم فقدوا رأسمال مهم، فبعدما باعوا بأسعار بخسة، عادت الأسعار للصعود، ما بات يشكل حسرة لكل من باعَ· حسرة من نوع آخر، غير تلك التي يشعر بها من قضى عمرا يحلم بركوب الميترو قبل مفارقة الحياة· كرونولوجيا ميترو الجزائر 1982 الانطلاق الرسمي في تنفيذ مشروع الميترو 1985 إنجاز الدراسات 1988 شركات وطنية تشرع في الإنجاز عشرية من اللااستقرار 1999 عودة الأشغال بالتعاون مع مؤسسات أجنبية 2007 منح صلاحية الاستغلال والتسيير لمؤسسة ميترو باريس 2009 عمار تو وزير النقل مع وفد من الصحافة في أول تجربة للميترو 2010 مدير التخطيط والمدير العام لمؤسسة ميترو الجزائر يواجهان تهم الفساد المالي·