مذكرتي اعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: مجموعة السبع تؤكد التزامها بقرار المحكمة الجنائية الدولية    كرة القدم/رابطة أبطال إفريقيا : شباب بلوزداد ينهزم أمام اولاندو بيراتس (1-2)    بصمة الرئيس تبون بادية للرقي بالفلاحة والفلاحين    تصحيح مواضيع اختبارات الفصل الأول في الأقسام    الجزائر تطرد مجرمة الحرب ليفني من اجتماع أممي بالبرتغال    الفريق أول شنقريحة يزور معرض أحمد الجابر للنفط واللواء مبارك المدرع 15    الاحتلال الصهيوني يمسح 1410 عائلة فلسطينية من السجل المدني    الاتحاد الدولي للسكك الحديدية يشيد بمشاريع الجزائر    وزارة الصناعة : السيد غريب يشرف على تنصيب الأمين العام ورئيس الديوان    وزير الاتصال يعزّي عائلة الفقيد والأسرة الإعلامية    الفريق أول شنقريحة يواصل زيارته الرسمية إلى الكويت    رحيل صوت القضيتين الفلسطينية والصحراوية في المحاكم الدولية    الجيش الصحراوي يستهدف قوات الاحتلال المغربي المتمركزة بقطاع امكالا    مظاهرة أمام البيت الأبيض نُصرةً لفلسطين    هذا جديد بورصة الجزائر    متعامل الهاتف النقال "أوريدو" ينظم حفل توزيع جوائز الطبعة 17 لمسابقة نجمة الإعلام    الاجتماع الوزاري لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات: عطاف يعقد جلسة عمل مع نظيره البرتغالي    نظير جهوده للرقي بالقطاع..الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين يكرم رئيس الجمهورية    لخضر رخروخ : إنشاء المجمع العمومي لبناء السكك الحديدية مكسب كبير    الصيد البحري وتربية المائيات.. فرص استثمار "واعدة"    مسح 1410 عائلات كاملة..إسرائيل ترتكب 7160 مجزرة في غزة    سوناطراك تفتح مسابقة وطنية لتوظيف خريجي الجامعات    محرز يحقق رقما مميزا في دوري أبطال آسيا    مازة لن يغادر هيرتا برلين قبل نهاية الموسم    مدرب مانشستر يونايتد يصر على ضم آيت نوري    حريق يأتي على ورشة نجارة    اكتشاف عيادة سرية للإجهاض    طالب جامعي متورط في سرقة    الإطاحة بشبكة إجرامية من 5 أشخاص بوهران    حرائق سنة 2024 مقبولة جدا    الجزائر استكملت بناء منظومة قضائية جمهورية محصنة بثقة الشعب    معرض لورشات الشباب الفنية    البحث في علاقة المسرح بالمقاومة    تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    جائزة الشيخ عبد الكريم دالي : حفل تكريمي للفنان الراحل نور الدين سعودي    الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير بتبسة: فيلم "القناع" للمخرج فيصل قادة يفتك المرتبة الأولى    الملتقى الدولي للمهرجان الثقافي للفن المعاصر : منصة للتبادل والتحاور في مواضيع الفن المعاصر    تطبيق مبتكر يحقق الأمن السيبراني    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    كابوس مرعب في موسم الشتاء    الفترة المكية.. دروس وعبر    العدوان الصهيوني على لبنان: الأمم المتحدة تجدد دعوتها لوقف إطلاق نار دائم وفوري لإنهاء خسارة الأرواح والدمار    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    السيد سعداوي يترأس ندوة وطنية عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد    الفروسية : كأس الاتحادية للمسابقة الوطنية للقفز على الحواجز من 28 إلى 30 نوفمبر بتيبازة    سوناطراك: 19 شعبة معنية بمسابقة التوظيف القادمة    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    الدور الجهوي الغربي الأخير لكأس الجزائر لكرة القدم: جمعية وهران -اتحاد بلعباس في الواجهة    توقيف مُشعوذ إلكتروني    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زاوية الهامل ... شُرفيّة التّأسيس و التّسيير ... نائليّة التّمويل و التّعمير
نشر في الجلفة إنفو يوم 19 - 08 - 2016

أحمد الله حمدا كثيرا طيّبا مُباركا فيه، و أُصلي و أُسلّم على النّبيّ محمّد مُعلّم البشريّة الخير، و مُرشدها إلى طريق السّعادة في الدّارين، و على آله و صحبه و من سار على نهجه و اتّبع هُداه إلى الدّين. ثمّ أمّا بعد :
فإنّ زاوية الهامل من أكبر الزّوايا العلميّة الجزائريّة في وقت مضى، تأسّست كنواة أُولى لها في سنة 1847 م، على يد أحد البررة من شُرفة البوازيد (نسبة إلى سيدي بوزيد بن عليّ الشّريف) الحَسنيين، صاحب الشّأن و المكانة بين المُتصوّفة و الطُّرقيين في وقته، الشّيخ أبو عبد الله محمّد بن أبي القاسم بن ربيح بن محمّد بن عبد الرّحيم القاسمي الحسني الشّريف الهاملي البُوسعادي الجزائري، المعروف بمحاد بلقاسم، أو مُوحا ولد قاسي، المُتوفّى 1897 م[1]، و جاءت تسميتها نسبة إلى المنطقة الّتي بُنيت و شُيّدت عليها بسفح جبل عمران[2]، و هي واقعة بين أراض نائليّة، و ظلّ التّعليم بها مُستمرّا إلى غاية سنة 1855 م، ثمّ انقطع بُرهة لأسباب[3]، ثمّ استأنفت طريقتها الأولى على يد مُؤسّسها المذكور، يوم الأربعاء غُرّة المحرّم 1280 ه، المُوافق 17 جوان 1863 م[4]، و قد بلغت مبلغا كبيرا و شهرة واسعة النّطاق، و عرفت رواجا كبيرا بين مُعتنقي التّعليم العتيق، و تخرّجت منها نُخب مشهود لها بالعلم و الفضل، و ظلّت لعقود إحدى مناور التّعليم الشّرعي بهذه الجهة الواسعة من أرض الوطن، و زارها لفيف من العُلماء و الفُقهاء و المُحدّثين و المُفكّرين و الكُتّاب و الرّحّالة الجزائريين، و الغير الجزائريين، و قد اعتراها في العُهود المُحدَثة تهلهلا و ترهّلا لأسباب ليس هذا موضع حكايتها. و قد تعاقب على تسييرها قاسميون من آل المُؤسّس من الشُّرفة البوازيد، من لدن وفاة المُؤسّس سنة 1904 م، إلى يوم النّاس هذا، و قد أحصيناهم عددا بتسعة مشائخ، جاء ترتيبهم كالآتي حسب فترة تولّيهم :
1 القاسمي زينب بنت محاد بلقاسم، المعروفة بلالّة زينب، من 1897 م إلى تاريخ وفاتها سنة 1904م.
2 القاسمي محمّد بن محمّد، من 1904 م إلى تاريخ وفاته 1913 م.
3 القاسمي المُختار (المُخطار) بن محمّد، من 1913 م إلى تاريخ وفاته 1915 م.
4 القاسمي بلقاسم (أبو القاسم) بن محمّد، من 1915 م إلى تاريخ وفاته 1927 م.
5 القاسمي أحمد بن محمّد، من 1927 م إلى تاريخ وفاته 1928 م.
6 القاسمي مصطفى بن محمّد بن محمّد مُؤسّس جامعة أولاد نايل، من 1928 م إلى تاريخ وفاته 1970 م، ( و هي أكبر فترة إلى حدّ السّاعة).
7 القاسمي حسن بن محمّد بن محمّد، من 1970 م إلى تاريخ وفاته 1987 م.
8 القاسمي خليل بن مصطفى، من 1987 م إلى تاريخ وفاته 1994 م.
9 القاسمي المأمون (المامون) بن مصطفى، من 1994 م إلى هذه اللّحظة.
و قد تنادى إليها النّاس (طُلّابا و مُريدين) من كلّ الجهات[5]، من الشّعيبة و بن سرور و بوسعادة و الدّيس و عين بوسيف و سيدي عيسى و الحجيلة و شلّالة العذاورة و حدّ النّويرات و قصر البخاري و بوقزّول و الشّلّالة و طاقين (طاغين) و سوقر و حاسي فدول و سيدي لعجال و الخميس و عين وسّارة و البيرين و عين فقه (افقه) و حدّ الصّحاري (السّحاري) و حاسي العشّ و حاسي بحبح و عين معبد و الزّعفران و الشّارف و القدّيد و الإدريسيّة و الدّويس و آفلو و البيّض و الحطيبة و وادي مُرّة و لغواط (الأغواط) و قصير الحيران و العسّافيّة و النّاصر بن شُهرة و سيدي مخلوف و سدّ رحّال و دلدول و مسعد و عين الإبل و المُجبارة و عُمُورة و فيض البطمة و الجلفة و المعلبة و دار الشّيوخ و سيدي بايزيد و مجدّل (امجدّل) و منّاعة و سليم (اسليم) و القصعة و عين قراب (غراب) و عين الملح و عين الرّيش و راس الميعاد و سيدي خالد و البسباس و البعّاج و المغيّر و جامعة، و كان مُعظمهم و هذا من حقيق القول من بني سيدي نائل الأشراف[6]، و تحديدا من مدينتي حاسي بحبح و الزّعفران[7]، و عَمروها، و صارت بها أعداد لا بأس بها، تحفظ القرآن الكريم، و تتعلّم عُلوم اللّسان العربي، من نحو و صرف و بلاغة، و تتفقّه و تتعبّد بالمذهب المالكي المُقلَّد بقطرنا الحبيب، و تسلك الطّريقة الرّحمانيّة[8] الأزهريّة الخلّوتيّة منهجا في تصوّفها.
و قد عرفنا من هؤلاء النّوائل[9] ( النّوايل) نفرا ممّن كانوا يُعدّون في مصاف عُلماء ولايتنا و فُضلائها و طُلّاب العلم المشهورين بها، ممّن كانوا معنيين بالتّعليم الشّرعي بها، منهم من قضى، و منهم من لا يزال حيّا، ك ( بالتّرتيب الألفبائي):
01) باكريّة محمّد بن عليّ (ت 1996 م)، من أولاد لعور.
02) بشيري عبد الرّحمان بن الطّيّب (ت 2000 م)، من أولاد ملخوة.
03) بوبكراوي موسى بن عمر (ت 1962 م)، من أولاد خُناثة، قرأ بها لفترة وجيزة.
04) بيض القول عطيّة بن أحمد (ت 1917 م)، من أولاد لقويني.
05) الجلّالي محمّد العابد بن عبد الله (ت 1948 م)، من أولاد ساسي.
06) الجلّالي مصطفى بن قويدر (ت 1945 م)، من أولاد ساسي.
07) حاشي عبد الرّحمان بن عبد القادر (ت 1958 م)، من أولاد يحيى بن سالم .
08) حاشي العربي (ت 2011 م )، من أولاد يحيى بن سالم .
09) حاشي معمّر بن عثمان (ت 1986 م )، من أولاد يحيى بن سالم .
10) حرفوش بن حمزة بن لخضر (ت 1950 م)، من أولاد سي أحمد.
11) بن دنيدينة عليّ بن محمّد (ت 1920 م)، من أولاد شيبوط، قرأ بها لمدّة قصيرة.
12) رحماني عبد الحميد بن بلخير (ت 2002 م)، من أولاد سي أحمد.
13) رحماني مُحاد (محمّد) بن موسى (ت 1904 م)، من أولاد خُناثة.
14) رحمون عبد الحميد بن لخضر (ت 1973 م)، من أولاد ملخوة .
15) الرّفيس محمّد (ت 1965 م)، من أولاد فرج.
16) سعيد العلمي بن الحاجّ (ت 1980 م)، من أولاد عثمان السّعدات، قرأ بها لمدّة قصيرة.
17) شحطة المصفى بن الطّيّب (ما زال حيّا)، من أولاد سي أحمد .
18) الشّيخ عبد القادر بن إبراهيم (ت 1956 م)، من أولاد طُعبة، قرأ بها لمدّة يسيرة.
19) شيهب عليّ بن أحمد (ت 1918 م)، من أولاد طُعبة.
20) صادقي أحمد الصّغير بن الصّادق (ت 1999 م)، من أولاد سي أحمد .
21) طعيبة بلخير بن بوبكر (ت 1935 م)، من أولاد خُناثة.
22) طهيري عبد الرّحمان بن أحمد (ت 1931 م)، من أولاد لعور، قرأ بها لمدّة قصيرة.
23) قويني بن ناجي بن المسعود (ما زال حيّا)، من أولاد ملخوة، قرأ بها لمدّة قصيرة.
24) القيزي عبد الحفيظ بن عبد الرّحمان (ت 1984 م)، من أولاد لقويني.
25) لخذاري عبد القادر بن الحاجّ عليّة (ت 1968 م)، من أولاد شيبوط.
26) مبخوتة البداوي (ت 1955 م)، من أولاد عبد القادر.
27) محفوظي عامر بن المبروك (ت 2009 م)، من أولاد ملخوة، قرأ بها لمدّة قصيرة جدّا.
28) مرباح محمّد بن الدّكاني (الدّكالي) (ت 1990 م)، الرّقّاقي النّايلي، و قيل الرّحماني الهلالي.
29) النّعيمي نُعيم بن أحمد (ت 1973 م)، من أولاد حركات، كان كثير التّردّد على زاوية الهامل، ما بين سنتي 1950 م و 1954م؛ للاطّلاع على مكتبتها، و مكتبة المُختار القاسمي بتغانيم، المطبوع منهما و المخطوط، و البقاء بها مُددا طويلة، و قد ربطته علاقة صداقة بالشّيوخ القاسميين ؛ بنعزّوز و مُصطفى و المكّي.
30) هزرشي عمر بن محمّد (فتحا) (ت 1956 م)، من أولاد شيبوط.
و من غير المشهورين كثيرا الّذين عرفناهم، و قد أصابوا من العلم دُون ما أصابه الّذين اشتهروا ، نذكر منهم :
باكريّة عليّ (بلعاريّة) لعوري، و بقّة محمّد الشّيبوطي، و بلخيري البشير بن ناصر العقّوني، و بهناس سعود البُوذني، و بن الحاجّ مُحيي الدّين محمّد الزّيّاني، و بن حامد بوبكر (أبو بكر) بن أحمد الفرجاوي، و حرز الله الحاجّ بن عمر الحركاتي، و الإخوة خذير بلقاسم و الشّريف و محمّد، و هم من ذرّية الخذير، من أولاد شيبوط، و الرّعّاش المصفى (مصطفى) المُوساوي (الميساوي)، و بن رزيق أحمد الفرجاوي، و زناتي بنسالم بن أحمد البُوذني، و شونان المصفى (مصطفى) لقويني، و شويحة قويدر (اقويدر) لقويني، و صادقي أحمد بن أحمد الكبير الحمدي، و صادقي عمر بن أحمد البُوشاربي، و ضيف محمّد بن أحمد لقويني، و عاشور البشير الحركاتي، و عاشور قدّور الحركاتي، و بوعبدلي إبراهيم بن عبد القادر البُوذني، و عقّوني محمّد بن البشير الشّيبوطي، و فتيلينة (افتيلينة) الصّحراوي (إسما) الشّيبوطي، و قريبه فتيلينة بن علية، و قُوق المصفى بن أحمد الشّيبوطي، و القيزي البشير بن عبد الرّحمان لقويني، و القيزي عبد الرّحمان بن عليّ لقويني، و كربوعة سالم الشّيبوطي، و كربوعة محمّد بن إبراهيم الشّيبوطي، و لخذاري الحاجّ عليّة بن لخضر الشّيبوطي، و مزارة العيد بن لخضر البُوذني، و هزرشي محمّد (فتحا) الشّيبوطي، و بن قينة (بن قنّة) عمر، من أولاد محمّد (فتحا) لمبارك.
أمّا الّذين لم نعرفهم و لم تبلغنا أخبارهم فهم كثيرون، و لقد أبلغني من الثّقات من اطّلع على قوائم الّذين انتسبوا إلى هذه الزّاوية، مُنذ انطلاقتها و إلى غاية السّتّنيات من القرن الماضي، بأنّ مُعظم المسجّلين بها هم من أولاد سيدي نايل، و بخاصّة من أولاد سي أحمد، و أولاد شيبوط، و أولاد العقّون، و أولاد فرج، و أنّ كثيرا منهم قد غطّوا حاجيات وزارة التّربية و التّعليم بُعيد الاستقلال (1962 م)، و هذا ما فهمته أيضا، أثناء زيارتي الأخيرة إلى مدينتي بوسعادة و الهامل معا، يوم الاثنين 09 ربيع المولد 1437 ه، المُوافق 21 ديسمبر 2015 م، و لقائي بالشّيخين الجليلين، القاسمي المامون (شيخ الزّاوية)، و بولنوار دحية (أمين مكتبة الزّاوية)، و سُؤالي لهما، عن علاقة أولاد سيدي نايل بالزّاوية الهامليّة.
و ممّا يستحقّ الذّكر أنّ تمويلها في أوّل أمرها كان على عاتق الشّيخ المُؤسّس و جماعته من الشُّرفة، بجمع العطايا و الصّدقات و الزّكوات و العشور (عُشر الحبوب النّعمة قمحا و شعيرا) و الحَبوس[10] و الوقف الخيري من المتاع و العقّار و الأراضي، و أموال القُربات و النُّذور و الكفّارات، ثمّ صار مُعظمه على عاتق الّذين يُرسلون أبناءهم إلى الدّراسة فيها، و أغلبهم كما أشرت كانوا من النّوايل الّذين طالما امتدحهم الشّيخ الدّيسي (ت 1921 م)، بذكر نسبهم الشّريف و محاسنهم و مغانمهم، و بخاصّة منهم أولاد سي محمّد (فتحا). و كان كلّ عرش من هذه القبيلة الكبيرة الّتي لها اليد الطّولى في الدّعم و الإمداد لزاويتي أولاد جلّال و الهامل و حازت قصبات السّبق في ذلك، يجمعون كلّ عام، ما يُمكن جمعه من نُقود و حبوب (النّعمة)، أو دقيق، و تمر، و غيرها ممّا يصلح استعماله و أكله، و يُرسلونه إلى هذه الزّاوية، و لطالما كان ذلك أيّام عاشوراء و الميلود (المولد النّبويّ) و رمضان من السّنة، فضلا عن هبات الأغنياء من هذه الأعراش، الّتي يُعطيها أصحابها تفضّلا منهم و إعانة لطلّاب القرآن الكريم، و كانت عُروش القبائل الأخرى المُجاورة لها من قريب ؛ أولاد إبراهيم و لحداب و أولاد بن علية و الكوانين و اليعاقيب و أولاد يونس و الموامين و الخبيزات و العبازيز و أولاد سيدي يونس و أولاد بخيتة و بني مايدة و أولاد زيد، و غيرهم، و من بعيد، المواعدة (المويعدات) و أولاد المُختار (المُخطار) و أولاد علان و البواعيش و النّويرات و المقان و رحمان و لعجالات و المخاليف و الحرازليّة و أولاد خُليف، يسيرون على خُطاها ببطء. و ظلّ هذه الأمر سادرا إلى ما بعد الاستقلال، ثمّ صار يتقلّص و ينكمش و ينحصر في أفراد لهم ولاء و محبّة للزّاوية، و قد بدأت الحكومة الجزائريّة في العقود الأخيرة بتغطية حاجيات الزّوايا و منها الهامل ببعض الأغلفة الماليّة، و هو عمل مُستحسن، نرجوا أن يتواصل و يزداد.
و قد حدّثني والدي غير ما مرّة، أنّ الشّيخ مصطفى القاسمي (ت 1970 م) كان يزور مرارا في الثّلاثينيات و الأربعينيات و بداية الخمسينيات من القرن الفائت، مناطق الخلّة و الخرزة بالرّيان و الصّدارة (الزّدارة)، بزاقز الشّرقي، أين يجتمع هُناك أولاد عبد القادر و أولاد بُو عبد الله، في عُرس، لملاقاته و الاحتفاء به و إكرامه و إعطائه ما جادت به أنفسهم، من نُقود و مواد و أنعام ؛ خدمة للقرآن الكريم، و طُلّابه و مريديه ، و قد شَهدْتُ في العُقود الأخيرة الّتي مضت بتكرار ، بعضا من أهل الخير من ساكنة الجلفة، يجتمعون كلّ عام في شهر ربيع المولد، على اختلاف انتماءاتهم القبليّة، و مُعظمهم من بني سيدي نائل، و يجمعون ما يقدرون على جمعه، و هو خير كثير، من أُعطيات و صدقات مُختلفات، و يُسمّون ما يجمعونه " زيارة "، و يذهبون بها إلى زوايا الطّاهريّة و الجلّاليّة و الهامل و أولاد جلّال، زائرين و مُحتفلين بالمولد، و الهامل أكثر حظّا و نصيبا من باقي الزّوايا المذكورة، و على غرارها تقريبا رأينا عرش السّعدات (أولاد سعد بن سالم النّوايل)، (عين الشّهداء و الدّويس و عامرة و الهيوهي و الدّزيرة و عين الإبل و تعظميت... الخ) يجتمعون في كلّ عام مرّة غير أيّام المولد، و يجمعون أموالا طائلة ؛ لدعم زاويتهم المحفوظيّة (قُرب الدّويس) المشهودة ، هذا من جهة، و من جهة أخرى يُكرمون بشيء لا بأس به ممّا جمعوا، زاوية الشّيخ المُختار (المُخطار) بأولاد جلّال، الّتي كان لها فضل كبير على زاويتهم و على مشائخهم المعروفين، فجلّ السّعدات كانوا يُوجّهون أبناءهم إلى أولاد جلّال، و كذلك هي الحال بالنّسبة للّذين وُجهتهم زاوية الهامل، من عرش أولاد عيسى النّوايل (لعور و ملخوة و عيفة)، و هو عرش كبير، من قاطنة مسعد و المُجبارة و المعلبة و فيض البُطمة و المليليحة و المويلح ، و أيضا من مُقيمي حدّ الصّحاري، من سحاري أولاد إبراهيم. و في سياق مُشابه قام كثيرون من أهل الفضل من أولاد سي أحمد و أولاد شيبوط و أولاد العقّون و أولاد بوشارب و أولاد لقويني، بوقف أراض و حُقول و بساتين و مساكن لهم (حَبوس) على الزّاوية المذكورة، و لا تزال بعضها مُستمرّة الحُكم إلى هذا العهد، و قد ترامت إلينا أخبار ذلك من بعض الثّقات.
و يُستخلص ممّا ذكرنا أنّ المبلغ الكبير الّذي بلغته زاوية الهامل من الفضل، في نهاية القرن التّاسع عشر و في القرن العشرين، على ما فيه[11]، كان من ورائه بجزء كبير و مُهمّ، أولاد سيدي نايل، و تمثّل ذلك تحديدا في انتساب أبنائهم بكثرة إلى هذه الزّاوية، و في إعاناتهم المادّية المُختلفة و المُتنوّعة لها، الّتي كانت مُستمرّة إلى وقت قريب، و لا يُنكر هذا إلّا غبيّ أو صبيّ أو رجل من ورائه خبيّ. و الأمر للّه و لو شاء ربّك ما فعلوه .
هذا، و إنّ أحاديث تاريخ الزّوايا العلميّة هي ذوات شُجُون، و الشّجا يجلب الشّجا، و قد غادرناه قادرين على إعادته بالشّرح و الاستطالة، و اللّه من وراء القصد، وصلّ اللّهم و سلّم على سيّدنا محمّد و على آله و صحبه و زد و بارك.
1 ولد خلال سنة 1823 م، و قيل 1817 م بالحامديّة، و هي بادية تقع قرب جبل تاسطارة (طاسطارة) بدار الشيوخ بولاية الجلفة، و قيل بالخرزة بالرّيّان، و قيل بفيض طراد (اطراد) بزاقز الشّرقي، و قد انتقل به أهله إلى منطقتهم الأصليّة الهامل، الوقعة بين جبال، غربي مدينة بوسعادة العريقة، ب 12 كلم، أين حفظ القرآن و تعلّم مبادئ العربيّة و العلوم على يد محمّد بن عبد القادر، ثمّ سافر بعدها إلى بلاد القبائل حيث زاويتا عليّ الطّيّار وأحمد بن أبي داود، و أكمل بهما دراسته الشّرعيّة، من تفسير و حديث و فقه و حديث و غيرها، و بلغ فيها مبلغاً كبيراً، و قد دامت إقامته هناك سبع سنوات، لازم خلالها شيوخ العلم و الفضل الّذين كانت تعجُّ بهم بلاد القبائل وقتئذ، و قد تولّى سنة 1873 م شؤون الطّريقة الرّحمانيّة ، بعد وفاة الشّيخ محمّد امزيان بلحدّاد (بن الحدّاد) (ت 1873 م).
2 هناك عدّة روايات في سبب التّسميّة، بعضها مأخوذة من أنّها تُرجع (تُعيد) الهامل (الضّال) إلى الطّريق الصّحيح (الصّواب)، و بعضها مأخوذ من أنّها مُهملة غير معروفة تُخفيها الجبال المُحيطة بها، و بعضها الآخر و هو الأكثر شيوعا، أنّ مرجع تسميتها مُستمدّ من مقولة صاحب الجمل، عندما تاه جمله و ضلّ ، بين جبال عمران و لخناق و مساعد ، فنادى باحثا عنه : ((يا من رأى جملا هاملا) . و الله أعلى و أعلم.
3 منها أنّ الشّيخ محاد بلقاسم انتقل نهاية سنة 1855 م إلى زاوية أولاد جلّال (المُختاريّة)، ليأخذ من شيخها الإذن بافتتاح زاويته، لكنّ الشيخ المختار (المخطار ) الجلّالي المُتوفّى 1860 م، استخلصه للتّدريس بزاويته المذكورة، لما رآه من أثارة الأدب و العلم، الّتي كانت بادية على الشّيخ محاد بلقاسم، و في سنة 1861 م و بعد مُرور سنة من وفاة شيخه المخطار، عاد إلى الهامل، و كانت إعادة افتتاح زاويته المعروفة بعد سنة .
4 وجدت في بعض الوثائق أنّ الشّيخ محمّد بن أبي القاسم شرع في بناء زاويته في أوّل سنة 1279 ه / 1862 م .
5 لقد حدّثني الشّيخ الفاضل شحطة المصفى الحمدي (حفظه الله)، أنّ عدد الطّلبة بين سنتي 1949 م و 1956 م قد قارب الأربعمئة (400) طالبا، أو يفوت، و سمعت من غيره أنّ العدد كان أكثر من ذلك . و الله أعلى و أعلم .
6 بين أولاد شيبوط و أولاد لقويني من بني سي محمّد (فتحا) النّوايل، و أسرة القاسميين نسب و مُصاهرة، و ليس ذلك خافيا على من اطّلع على تراجم القاسميين .
7 كان أولاد سي أحمد و أولاد شيبوط يتنافسون على الالتحاق بهذه الزّاوية كفرسي رهان، و كانت الغلبة عددا لأولاد شيبوط، الّذين كانت منزلتهم كبيرة و مُقدّمة، عند الشّيخ المُؤسّس الّذي تربطه بهم علاقة متينة و عريقة، و دامت عند القاسميين من بعده إلى عهد قريب .
8 نسبة إلى الأستاذ الفقيه المُربّي أبي عبد الله محمّد بن عبد الرّحمان بن أحمد بن يوسف بن أبي القاسم الحسني الشّريف الأزهري القشطولي (القجطولي) الزّواوي الجزائري، الّذي ولد سنة 1123 ه / 1711 م، و قيل ما بين سنتي 1126 ه و 1133 ه، في بني إسماعيل ببلاد القبائل (القبايل)، و ارتحل صغيرا إلى المشرق، و انتسب إلى الجامع المعمور أزهر الكنانة ردحا، و حصّل أسانيد و أسمعة و أُجيز من غير واحد من كبار العلم و الفقه به، و لازم محمّد بن سالم الحفناوي أو الحفني (نسبة إلى بلدة حفنة من أعمال بلبيس بمصر) الّذي توفّي سنة 1181 ه / 1767 م، مُلازمة الظّل و أخذ عنه، ثمّ عاد لموطنه الأصلي، و جلس للتّدريس و الفُتيا و الوعظ، و تحلّق طلّاب العلم من حوله، و اشتهر أمره و ذاع، و عُرف بالصّلاح و الفضل . توفّي بالجزائر العاصمة سنة 1208 ه / 1893 م، 1894 م، و لم يُعقّب، و له أتباع كثرٌ، و طريقته على ما فيها من العلل إلّا أنّها تُعتبر هي و الشّاذليّة و الدّرقاويّة من أقرب الطّرائق إلى وجوه الحقّ، و نحن إذ نذكرها هنا ليس من باب الإقرار ، إنّما هي التّرجمة و الوصف و حكاية الأحوال . و الله أعلى و أعلم .
9 و من غير النّوائل عرفنا اخذاري البشير الشُّرفي (ت 1976 م)، و اخذاري عليّ بن مُحاد الشّرفي (ت 1997 م)، و اخذاري بولنوار (أبو الأنوار) الشُّرفي (ت 2006 م)، و اخذاري مُحاد السّعيد الشُّرفي (ت 1982 م)، و بن أمليك الرّبيع البيباني، و بن أمليك عيسى بن محمّد البيباني، و بن أمليك محمّد بن الرّبيع البيباني، و برنجي السّعيد الزّمّوري، و البوديلمي عليّ بن محمّد المسيلي ثمّ التّلمساني (ت 1987 م)، و البوزيدي الحسين بن أحمد (ت 1930 م)، و التّاجروني محمّد بن عبد القادر، و الجزائرلي حُميدة بن الطّيّب الإبراهيمي الحضري (ت 1943 م)، و حرزلي الرّبيع بن عطيّة الشُّرفي (ت 1960 م)، و حزرلي سعد بن عيسى الشُّرفي (ت 2002 م)، و حرش الرّاقع الرّحماني، و الحفناوي محمّد بن الشّيخ بن إبراهيم القول (ت 1941 م)، و بن حيدش الحاجّ محمّد الهاملي، و خليفة بنعزّوز بن المختار الحدباوي، و ابن أبي داود محمّد العربي القبايلي (ت 1903 م)، و دحية بولنوار الشُّرفي، و الدّيسي الحاجّ بن السّنوسي (ت 1960 م)، و الدّيسي محمّد بن محمّد بن عبد الرّحمان (ت 1921 م)، و رحمون محمّد الرّحماني، و بن الزّرّوق محمّد بن أبي حفص الثّامري البوسعادي (ت 1956 م)، و الزّواوي أحمد بن محمّد الشُّرفي (ت 1967 م)، و بوزيدي عطالله (عطاء الله) الهزلاوي الصّحراوي الهلالي (ت 1958 م)، و بوزيدي محمّد بن عطالله الهزلاوي الصّحراوي الهلالي (ت 2013 م)، و السّالمي السّلامي بن الحاجّ سالم بن نعيمة الرّحماني الهلالي بالولاء، الأغواطي الأصل (ت 1927 م)، و بن السّايح بلحاج الرّحماني، و بوشارب محمّد العيد الشُّرفي (ت 1948 م)، و شرشاري مُحاد بن عبد الله العلواوي، و الشّريف أحمد بن لخضر الهاملي، و الشّريف أحمد بن مازوز الهاملي، و الشّريف عليّ بن المولود الهاملي، و بن عبد الرّحمان الحاجّ بن السّنوسي الدّيسي، و العجالي جلّول بن عيسى الرّحماني (ت 1918 م)، و بن عطالله مُحاد المويعدي الهلالي، و قيل الإدريسي الحسني (ت 1965 م)، و بن عطيّة بن الحاجّ شويحة، و العقبي عليّ بن إبراهيم (ت 1921 م)، و علية عيسى الإبراهيمي الدّيسي (ت 1946 م)، و الغيشاوي جلّول بن عبد القادر، و الغيشاوي عيسى بن عمر، و الفاطمي عبد العزيز بن أحمد الشُّرفي (ت 1947 م)، و الفاطمي محمّد بن عبد العزيز (ت 1972 م)، و فرح عليّ بن عبد القادر (ت 2004 م)، و القاسمي أحمد بن بنعزّوز الشّرفي (ت 1983 م)، و القاسمي بلقاسم (أبو القاسم) بن محمّد الصّغير الشّرفي، و القاسمي عبد الحفيظ بن أبي القاسم (بلقاسم) الشُّرفي (ت 1969 م)، و القاسمي عبد القادر بن أبي القاسم الشُّرفي، و القاسمي بن عزّوز بن المختار الشُّرفي (ت 1984 م)، و القاسمي فاروق بن عبد الرّزّاق (ت 1962 م)، و القاسمي كمال بن مصطفى الشُّرفي، و القاسمي محمّد الأزهري (لزهاري) بن المكّي الشُّرفي (ت 1997 م)، و القاسمي المكّي بن المختار الشُّرفي (ت 1967 م)، و القاسمي نور الدّين بن المكّي الشُّرفي (ت 1956 م)، و بن قويدر يحيى العلواوي، و كاس محمّد بن عليّ البخيتي الصّحراوي الهلالي (ت 1972 م)، و كلالشة سليم الخشني (ت 1989 م)، و مُختاري بنعزّوز بن مصطفى الجلّالي، و مُختاري مُحاد الصّغير أو محمّد الصّغير بن المخطار الجلّالي (ت 1916 م )، و قيل (ت 1920 م)، و مسروقي بوبكر بن عمر العلواوي (ت 1981 م)، و المغربي الحاجّ نعمان، و مقلاتي إبراهيم المنصوري البُرجي، و غيرهم .
11 و بعضهم ينطقها الحُبُوس، و هو جمع حَبْسٍ، و الأسلم الحَبُوس، من فعل حَبَس، أو الحُبُس، و بعضهم الآخر ينطقها الأحباس و هي جمع حِبْسٍ . و الله أعلى و أعلم . و قد عُرفت زاوية الهامل تحديدا بكثرة الأوقاف .
11 مثل العقيدة السّائدة عند أهل التّصوّف في شمال أفريقيا، هي العقيدة الأشعريّة، فيها بعض المُخالفات لمنهج السّلف . قال شيخ الإسلام ابن تيميّة (قدّس اللّه روحه و أنار ضريحه) : (ما من شيئين إلّا و بينهما قدرٌ مشترك ٌ، و قدرٌ فارقٌ، فمن نفى القدر المشترك فقد عطّل، و من نفى القدر الفارق فقد مثّل .) اه ، و قد شاع عند المتأخّرين من الأشاعرة قولهم : (السّلف أسلم و الخلف أعلم )، و هي مقالة خبيثة، لم يقل بها أحدٌ من العلماء الأثبات، فالسلف أسلم و أعلم، و الإثبات يكون مُفصّلا ً، والنّفي يكون مُجملا ً، كما قرّره كبراء علم الأصول .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.