جموع كبيرة عند البيت العائلي بحي الظل الجميل بوسط مدينة الجلفة ... الكل ينتظر خروج نعش أب الحركة الوطنية بولاية الجلفة "الحاج أحمد شكالي" الذي توفّي صبيحة الجمعة ... مجاهدون وإطارات وشباب وجيران وقدماء الحركة الكشفية ... الأعناق مشرئبة لتأتي اللحظة التي خرج فيها النعش بمعية أفراد العائلة وعلى رأسهم "الحاج الطيب شكالي" الذي بدت عليه علامات التأثر ... كيف لا وهو الآخر من آباء الحركة الوطنية وقد فارق شقيقه وصديقه وزميله في النضال السياسي وقد عاشا مع بعض قرابة قرن من الزمان ... الموكب يسير نحو جامع الجمعة ومن ثم صلاة الجمعة ثم صلاة الجنازة ليتم نقل جثمان المرحوم سيرا على القدام الى المقبرة الخضراء. الجلفة حزينة والوجوه كئيبة لأن "الحاج أحمد شكالي" هو في حد ذاته جيل بأكمله لما يحمله من رمزية إلى زمن انتعاش النضال السياسي والحركة الوطنية في الأحزاب التي ما فتئ "ميصالي الحاج" يؤسسها تباعا ... حزب نجم شمال افريقيا ثم حزب الشعب الجزائري ثم حركة انتصار الحريات الديمقراطية. وفي ولاية الجلفة كان الشباب الذين وُلدوا مع مطلع القرن العشرين هم حملة هذا الايمان والتجند للمدرسة التي ربّت جيل حرب التحرير. في ولاية الجلفة وبكل بلدياتها الشمالية والجنوبية تبرز أسماء الجيل الذي حمل على عاتقه الحركة الاصلاحية والكشفية والصحفية والسياسية بوعي والتزام شديدين منذ عشرينات القرن الماضي ... عبد الله إبراهيمي والرايس محمد والأخوان شكالي القحاضبية وعروي ثامر والشيخ بن ابراهيم المسعدي والعمري بيسكة وشونان محمد وبلهادي محمد بلمسايس وعصمان ولحرش زين العابدين وحران عبد الرحمان وبلحاج وونوقي دهيكل وغيرهم كثيرون ممن لا يتسع المقام لذكرهم. والحاج أحمد قال عنه عميد الكشافة "ميساوي محمد"، تم ايقافه وتعذيبه من طرف الاحتلال الفرنسي لأنه قام بتوزيع جريدة "الجزائر الحرة l'Algérie Libre" لسان حال أتباع ميصالي الحاج ويواصل نضاله الوطني لينسحب من المشهد رفقة أخيه وصاحبه الحاج الطيب ويتفرغا لمهنتهما في النجارة بورشتها وسط المدينة. وقبل ذلك كان ضمن مجموعة العمل الثورية التي كانت تحضر للشروع في العمل المسلح ليلة 23 إلى 24 ماي 1945 التي نادى إليها كل من محمد بلوزداد ولمين دباغين، وقد تم حينها جمع الأسلحة من مدينة مسعد رفقة العديد من أبناء المنطقة على غرار لحرش زين العابدين، بن الهادي محمد بن علي (بن المسايس)، الإخوة شكالي و تحت قيادة "بيسكة العمري" مسؤول المنظمة العسكرية السرية بالمنطقة (OS) ... "الجلفة إنفو" التقت الأخوين شكالي القحاضبية في عدة مناسبات سواء تكريمية أو لقاءات لتسجيل شهادتهما لأنها مهمة وتحكي قصص النضال السياسي ونشر الوعي بمطلب الحرية. بل وحتى الجهاد الذي بدأ الاعداد له باكرا من خلال شهادة الأخوين شكالي عن جمع السلاح سنة 1945 سرا في "باب مسعود"، و عن حضور الحاج أحمد مؤتمر هورنو في بلجيكا لحركة انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1954 وهو المؤتمر الذي بعث اليه الزعيم ميصالي برسالة مهمة في سياق التفصيل عن أهم المحطات التي مر بها أب الحركة الوطنية ... فقدان "الحاج أحمد شكالي" (1919-2017) يشكل خسارة ليس فقط لولاية الجلفة بل لسائر الميصاليين وأبناء حزب الشعب الجزائري في منطقة الجنوب ... لأن مدينة الجلفة كانت هي المركز للحركة الوطنية بالنسبة للأغواط وبوسعادة وغرداية ومتليلي وآفلو ... وما مجيء بن يوسف بن خدة ومبيته عند الأخوين شكالي في سبتمبر 1954 الاّ محطة من محطات الكفاح التي صنعها أوائل أبطال الحركة الوطنية. وبهذه المناسبة تتقدم أسرة "الجلفة إنفو" بخالص تعازيها لعائلة شكالي وخصوصا الحاج الطيّب أطال الله عمره ... إنا لله وإنا إليه راجعون
الحاج أحمد شكالي رحمه الله (على اليمين) رفقة شقيقه ورفيق دربه الحاج الطيب بورشة النجارة -أثناء حوار مع الجلفة إنفو جوان 2009-