لم تكن سنة 1957 عادية بالنسبة لولاية الجلفة حيث استغل الخائن بلونيس وأتباعه غياب الرائد "عمر ادريس" الذي ذهب الى الولاية الخامسة ومنها الى المغرب في مهمة لجلب السلاح. وخلال تلك الفترة تمت أكبر عمليات التصفية ضد المجاهدين والمتعاطفين مع جبهة التحرير الوطني بولاية الجلفة ... حيث ارتُكبت في بداية أكتوبر مجزرة بأوامر من الخائن بلونيس بغابة تقرسان (بلدية تعظميت حاليا) استشهد فيها 26 مجاهدا من بينهم الدكتور الطبيب عبد المالك زغبيب (من مدينة السوقر بولاية تيارت) والضابط حبيب أحمد بن الصحراوي (من مدينة سد الرحال بولاية الجلفة). وتخليدا لذكرى هذه المجزرة والذكرى 54 لمجازر مظاهرات 17 أكتوبر 1961، قامت السلطات الولائية بالإشراف على تدشين نصب تذكاري بنفس المكان الذي شهد وقوع المجزرة وهو "جبل الزباش". حيث تم نصب الجدارية المخلدة لأسماء الشهداء من طرف جمعية أول نوفمبر لتخليد وحماية مآثر الثورة بولاية الجلفة، حسبما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية. وفي حديث ل"الجلفة إنفو" أكد السيد "لبوح خليفة"، باحث في تاريخ المنطقة والأمين العام لجمعية أول نوفمبر لتخليد وحماية مآثر الثورة بولاية الجلفة، أن الوحيد الذي نجا من هذه المجزرة هو المجاهد "هاني محمد بن الهادي" والذي قفز من الشاحنة التي كانت تقلّ المجاهدين (فيهم ضباط وجنود جيش التحرير الوطني) واستطاع الهرب في أدغال الغابة وهو مكبل اليدين رغم مطاردة العدو له. وبخصوص الدكتور زغبيب عبد المالك، فقد كان من بين الإطارات الثورية التي قدمت الكثير لوطنها. فهو كان من بين أطباء الولاية السادسة خصوصا في المستشفى السري بمنطقة "طسطارة" أين ربط هذا الطبيب علاقات مع سكان مدينة دار الشيوخ ومنهم المجاهد الراحل "محاد بن علي قاسمي" الذي أطلق اسم ابنه "عبد المالك" على الطبيب المجاهد الذي كان يقدم الخدمات الصحية للسكان الرحل. كما أكد السيد "لبوخ خليفة" أن شقيقة الطبيب كانت أيضا مسبلة في صفوف الثوار حيث كانت تنشط المجاهدة الراحلة "زغبيب الحرة" بمنطقة بوسعادة في التمريض وقد توفيت سنة 2013. أما الضابط "حبيب أحمد بن الصحراوي"، فقد كان بادئ الأمر ضابطا في الجيش الفرنسي وكان يتعاون مع المجاهدين سرا حيث كان بيت عائته بمنطقة "باب مسعود" (بلدية بن يعقوب حاليا) مكانا لتحضير الثورة أين كان يفد عليه المجاهدون زيتوني، بلهادي، الأخوان شكالي القحاضبية سنة 1953 من أجل اخفاء السلاح، على حد تعبير السيد "خليفة". وبعد اندلاع حرب التحرير، التحق بها الشهيد "بن الصحراوي" أين صار ضابطا يرأس فرقة ليستمر في الجهاد الى غاية اعدامه رميا بالرصاص من طرف أعوان الخائن بلونيس. وكان المؤرخ الفرنسي "فيليب غايار" قد ذكر في كتابه "التحالف - L'Alliance" أن "الدرك الفرنسي قد اكتشف في 16 أكتوبر 26 جثة بزي عسكري لقتلى قبل أسبوع على مسافة 36 كلم شرق الجلفة". في حين أشار نفس المصدر الى أن بلونيس كان قد أصدر أوامر بعدم دفنهم لأنهم "جبهويون خانوا الله والأمة" ويُمنع دفنهم بمقابر المسلمين. والوحيد الذي تم دفنه، يقول السيد لبوخ، كان الضابط "حبيب أحمد بن الصحراوي" بعد أن خاطرت أخته بحياتها ليلا وتوجهت رفقة قريب لها الى مكان المجزرة وعادوا بجثمان الشهيد ليدفنوه بمقبرة "العبازيز" بمدينة الجلفة.