رئيس الجمهورية يتلقى تهاني نظيره الفرنسي بمناسبة عيد الفطر المبارك    رئيس الجمهورية يتلقى تهاني نظيره الإماراتي بمناسبة عيد الفطر المبارك    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار: تسجيل قرابة 13 ألف مشروع استثماري إلى غاية مارس الجاري    الجلفة..زيارات تضامنية للمرضى والطفولة المسعفة لمقاسمتهم أجواء عيد الفطر    عيد الفطر بمركز مكافحة السرطان بوهران : جمعيات تصنع لحظات من الفرح للأطفال المرضى    معسكر: وزيرة التضامن الوطني تشارك أطفالا و مسنين فرحة العيد    عيد الفطر: استجابة واسعة للتجار والمتعاملين الاقتصاديين لنظام المداومة خلال اليوم الاول    رئيس الجمهورية يتلقى تهاني نظيره الإيراني بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك    رئيس الجمهورية ونظيره التونسي يتبادلان تهاني عيد الفطر المبارك    فرنسا: إدانة مارين لوبان وثمانية نواب في البرلمان الأوروبي من حزب التجمع الوطني باختلاس أموال عامة أوروبية    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50357 شهيدا و 114400 جريحا    برلمانات دول حوض المتوسط تعقد إجتماعا لمناقشة الأوضاع في فلسطين    رئيس الجمهورية يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك بجامع الجزائر    رئيسة الهلال الأحمر الجزائري تتقاسم فرحة عيد الفطر مع أطفال مرضى السرطان بمستشفى "مصطفى باشا" بالعاصمة    الجزائريون يحتفلون بعيد الفطر المبارك في أجواء من التغافر والتراحم    "الكسكسي, جذور وألوان الجزائر", إصدار جديد لياسمينة سلام    مظاهر الفرحة و التآخي تميز أجواء الاحتفال بعيد الفطر بمدن ولايات شرق البلاد    عيد الفطر: رئيس الجمهورية ينهئ أفراد الجيش الوطني الشعبي والاسلاك النظامية وعمال الصحة    مسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة .. منارة إيمانية و علمية تزداد إشعاعا في ليالي رمضان    الفلسطينيون يتشبّثون بأرضهم    الشباب يتأهّل    الجزائر حريصة على إقامة علاقات متينة مع بلدان إفريقيا    الدرك يُسطّر مخططا أمنياً وقائياً    طوارئ بالموانئ لاستقبال مليون أضحية    الجزائر توقّع اتفاقيات بقيمة مليار دولار    فيغولي.. وداعاً    66 عاماً على استشهاد العقيدين    تجارة: تحديد شروط سير المداومات والعطل والتوقف التقني للصيانة واستئناف النشاط بعد الأعياد الرسمية    تندوف : إطلاق أشغال إنجاز أكبر محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بغارا جبيلات    موبيليس تتوج الفائزين في الطبعة ال 14 للمسابقة الوطنية الكبرى لحفظ القرآن    مؤسسة "نات كوم": تسخير 4200 عون و355 شاحنة    القضاء على مجرمين اثنين حاولا تهريب بارون مخدرات بتلمسان    الجزائر تستحضر ذكرى العقيد عميروش قائد الولاية الثالثة التاريخية    صايفي: كنت قريبا من الانتقال إلى نيوكاستل سنة 2004    مدرب هيرتا برلين ينفي معاناة مازة من الإرهاق    المخزن واليمين المتطرّف الفرنسي.. تحالف الشيطان    تحويل صندوق التعاون الفلاحي ل"شباك موحّد" هدفنا    ارتفاع قيمة عمورة بعد تألقه مع فولفسبورغ و"الخضر"    فنون وثقافة تطلق ماراتون التصوير الفوتوغرافي    أنشطة تنموية ودينية في ختام الشهر الفضيل    بين البحث عن المشاهدات وتهميش النقد الفني المتخصّص    تقييم مدى تجسيد برنامج قطاع الشباب    اجتماع تنسيقي حول بطولة المدارس الإفريقية لكرة القدم    مولودية الجزائر : بن يحيى يجهز خطة الإطاحة بأورلاندو بيراتس    غضب جماهيري في سطيف وشباب بلوزداد يكمل عقد المتأهلين..مفاجآت مدوية في كأس الجزائر    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    منظمات حقوقية: على فرنسا التوقف فورا عن ترحيل الجزائريين بطريقة غير قانونية    بمناسبة الذكرى المزدوجة ليوم الأرض واليوم العالمي للقدس..حركة البناء الوطني تنظم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني    توجيهات وزير الصحة لمدراء القطاع : ضمان الجاهزية القصوى للمرافق الصحية خلال أيام عيد الفطر    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    عمورة ثاني أفضل هدّاف بعد صلاح    6288 سرير جديد تعزّز قطاع الصحة هذا العام    أعيادنا بين العادة والعبادة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جفّال عبد السّلام...مِن رجالات مِنطقة الجلفة الّذين يجب أن يُعرّفوا
نشر في الجلفة إنفو يوم 16 - 02 - 2018

الحمد لله الّذي لَهُ مَا في السّموات و مَا في الأرض، و هُو العليّ العظيم، يُسبِّح الملائكة بِحمده و يستغفرونه، و هُو الغفور الرّحيم، لَا إله إلّا هُو، يُحيي و يُميت، عليه توكّلت، و إليه أُنيب، سُبحانه سُبحانه سُبحانه، و الصّلاة و السّلام مَا تعاقب الملوان، على سيّد وَلَد آدم، سيّد الأوّلين و الآخرين، النّبيّ الرّسول الأُمِّيّ مُحمّدٍ بن عبد الله، الّذي بُعث نذيرًا بين يدي عذابٍ شديدٍ، و على آله الأطهار، و صحابته الأبرار أجمعين، و على مَن سَار على هُداهم، و سَلك طريقهم، و استغفر لهم و ترضّى عَنهم، إلى يوم الدِّين (وَ الّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَ لِإِخْوَانِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَ لَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) الحَشْر / 10. و بعد :
مَا زالت الحاجة ماسّة و مُلحّة، بِمِنطقتنا الجلفيّة (الجلفاويّة)، إلى التّعريف بِأعلامها و شُيوخها و رِجالاتها و شُخوصها، مِن أهل العلم و الأدب و الثّقافة و الفضل... و إلى معرفة أخبارهم و أحوالهم و أيّامهم و مَآثرهم، الّذين عَفَرَت صُروف الزّمان و تطويحاته آثار الكثير مِنهم، و قد قطعت شوطًا مُحترمًا في تتبّع ذلك و كتابته و تدوينه، سَواء مِن خِلال كتابي " مِن فُضلاء[1]مِنطقة الجلفة "، الّذي هُو الآن في طبعته الرّابعة (1439 ه / 2017 م)، و قد أحكمت منهجيته وِفق الصِّناعة التّراجميّة، و وضعت لَه شُروطًا لِلتّرجمة فيه، بيّنتها ضِمن المقدّمات الأربع (04) الّتي كتبتها له، و حدّدته بِإحداثيتين، زمانيّة و هي مِن 1861 م، و إلى مطلع القرن الحادي و العشرين، و أخرى مكانية، و هي مِنطقة الجلفة المُترامية النّظر، الّتي تتعدّى الحُدود الإداريّة المعروفة لِلولاية، أو مِن خِلال مَا نشرته عبر إنفو جلفتنا (جلفانا)، مِن مقالات، يُقارب عددُها الخمسين (50) مقالاً، يصبّ متنها و فحواها، في خدمة التّاريخ الثّقافيّ لِهاته المِنطقة.. و قد وقفت اليوم في هاته المقالة، عِند إحدى الشّخصيات الّتي أصلها مِن المنطقة المُتحدّث عنها، أبًا عن جدٍّ، و الّتي يجب أن تُعْرف، و يُعرَّف بِها، لِما لها في نظري مِن منزلةٍ و مكانةٍ و شَأوٍ، اكتسبتها بِأخلاقها و تواضعها و زُهدها و ثقافتها و اطّلاعها و ارتحالها و اكتشافها و بحثها.. و هي شخصيّة جفّال عبد السّلام.
فأقول هُو عبد السّلام بن عبد الله بن السّعيدي بن عمارة بن يحيى بن جفّال اليحياويّ (نسبة إلى أولاد سيدي، أو سي يحيى) العبزوزيّ[2]، و أمّه هي حليمة بنت صالح بن عليّ الخرّاط القيروانيّة التُّونسيّة، و عائلة الخرّاط مِن العوائل المعروفة بِذلك الموطن العربيّ الأصيل.
ازداد في يوم الأربعاء 21 رجب الأصبّ 1352 ه، المُوافق 08 نُوفمبر 1933 م، بِمدينة القيروان العريقة[3]، بِالقُطر التُّونسيّ. أمّا في الوثائق الإداريّة، فقد وُضع مِيلاده خلال عامّ 1930 م، بِمدينة الأغواط (لغواط) التّاريخيّة، بِالجزائر الحبيبة.
تربّى و تأدّب و نشأ في حضن والده عبد الله الّذي كان على شيءٍ كبيرٍ[4]، مِن الأدب و الفقه، و قد تلقّى مِنه مبادئ التّفتيق و القِراءة و الكِتابة، و حفظ على يديه القُرآن الكريم، لِينضمّ بعدها إلى التّعليم الحُكوميّ القائم بِتونس وقتذاك، و تدرّج عبر مراحله المعروفة، فدرس مرحلتي الابتدائيّ و المُتوسِّط (الإعداديّ بِلُغة إخواننا المشارقة)، بِمدرسة الأسوار، بِمسقط رأسه، و مرحلة الثّانويّة الّتي لم ينهها، بِمدرسة كارنو[5]، بِتونس العاصمة، و خلال السّنة الدِّراسية (1946 م / 1947 م) دخل الزّيتونة، بِتوجيهٍ مِن والده المذكور، و سُجِّل في السّنة الثّانية، الّتي تُسمّى في عُرف الزّيتونة، سنة القَطْر[6]، و أكمل بقيّة السّنوات، سنة البلاغة، و سنة الأهليّة، ثمّ ترقّى لِلدِّراسة في التّطويع، و لكنّه قرأ مِنه ثلاث سنوات مُتتالية، و لم يُواصل فِيه، و هذا مِن الخطأ الّذي وقع فيه، كما أقرّ هُو بِذلك بِنفسه، و لو أنّه تابع سنة أُخرى، تُعدّ الرّابعة، لَتحصّل على شهادة التّطويع، و لَبس عمامة القشطة (الكشطة)[7]، و هي عمامة في عُرف الزّيتونيين دالّة على العلم، و يُقال عِندهم فُلانٌ تقشّط، أو تكشّط، أي صار مِن أهل العلم...
و قد سألته عن أهل العلم الّذين اكتحلت عيناه بِرؤيتهم، و الجُلوس إليهم، و السّماع عنهم، و لو كان لِمامًا، و قد كرع حقيقة لِبان التّعليم الزّيتونيّ، و هُو الشّأن المُفيد في هاته التّعريفة اللّطيفة، فأنبأني بِبعض الأسماء الّتي استحضرتها ذاكرته المُترعة بِالسّماعات و الحكايات، و قد سحّ لِسانه بِذكرها سحًّا، إليكمُوها مُرتّبة ترتيبًا ألفبائيًّا :
مِن القيروان :
01) أحمد البحريّ[8]. (و قد قرأ عليه و سمع مِنه، ضِمن سبعين تلميذًا، كانوا يتحلّقون مِن حوله، كعادة أخذ العلم عن الأشياخ، و يُنادى على كُلِّ واحدٍ مِنهم بِرقمه الّذي يُعيّن بِه أثناء الحلقة).
02) التِّجانيّ (التِّيجانيّ) الرّمّاح.
03) التِّجانيّ (التِّيجانيّ) طراد.
04) الحاجّ غويلة. (و قد أثنى عليه بالغًا، و بِخاصّة فِي علمي التّوحيد و الفقه).
05) حمّودة العامريّ.
06) الطّاهر العلّانيّ.
07) الطّيّب البلّيرش.
08) مُصطفى الحماميّ.
مِن تُونس العاصمة :
01) السّهيليّ النّفطيّ.
02) الشّاذليّ النّيفر، و مَا أدراك مَا الشّاذليّ النّيفر.
03) مُحمّد الطّاهر بن عاشور. (و هُو مِن أعلم عُلماء الشّريعة الإسلاميّة في عصره، هكذا رأسًا، و قد حضر عليه بعض المجالس و الحلقات، خارج المنظومة التّدريسيّة الرّسميّة بجامع الزّيتونة، و حِين كلامه عليه أثنى عليه عَاطِرًا، و وصفه بأنّه كان ليّنًا هيّنًا مُتواضعًا جِدًّا، و هُو كما وصف).
04) مُحمّد الفاضل بن عاشور. (نجل المُتقدِّم).
و في سِياقٍ مُتّصلٍ و مُشابهٍ طرحت عليه سُؤالاً، في مَا يعني الحالة العلميّة بِتونس، و بِحالتها بالجزائر، مِن خلال مَا رآه و لَاحظه هُنا و هُناك، مُنذ أن بلغ سنّ الإدراك و الوعي، و إلى يوم النّاس هذا، فأجابني بأريحيّة، بِأنّ هُناك فرقًا بينهما، مرجعه إلى اختلاف البيئتين.. فالبيئة التُّونسيّة بيئة مُواتية و مُساعدة، لَا سيما و أنّها تزخر بوفرة العُلماء و الأُدباء، و بِجامع الزّيتونة، و جامع القيروان، و المدرسة الخلدونيّة، و المدرسة الصّادقيّة، و معهد المُنستير، و زوايا نفطة و تُوزر و قفصة و صفاقس و المهديّة و سُوسة، و بِغيرها، بِالإضافة إلى دُور النّشر و المكتبات، الّتي لا تُعدّ، أمّا في الجزائر فالأمر يختلف عن ذلك، فهناك أعدادٌ طيّبة لا يُستهان بِها، مِن أهل العلم و الثّقافة و البحث و الكتابة، تُوجد بِها، إلّا أنّها لم تُسعف و لم تُساعد و لم تُدعّم، و لم يُسهّل لها كما ينبغي، و لم تُتح لها مَا يلزم، و لم يُوفّر لها مَا يجب توفيره و تقديمه، فتقهقرت و تلاشت و خفتت أصواتها و خابت مَراجيها. و كلامه في هاته الحيثيّة صادف الصّواب كثيرًا، و قد قُلت له إنّه بفضل الطّلب و السّعي و البحث، و بِفضل العمل و البذل و الاجتهاد الفرديّ و الجماعيّ، و بِفضل الكِتابة و التّدوين و التّأريخ و النّشر و التّنويه و التّشجيع و الاحتفاء و الدّعم... نستطيع أن نُؤلِّف عِشًّا، أو رُبّما أعشاشًا صالحة، لِلعلم و الثّقافة، بِقطرنا الجزائر، قد نُفاخر بِها قابلاً، و قد فَشا بيني و بينه، مِن طريق ذلك، الكلام حول البيئات المشرقيّة، و مَا لَها مِن مزايا و خصائص، و بِخاصّة البيئة المصريّة مِنها.
أمّا عن مساره العمليّ، فقد قَدِم سنة 1953 م، على الالتحاق و التّجنيد بالمدرسة الحربيّة بِشرشال، بِالجزائر، و نال مِنها رُتبة عريف (سرجان)، في دُفعته، مِن بين 106 جُنديًّا، كان ترتيبه مِن بينهم الثّاني عشر (12)، أو الثّالث عشر (13)، و بعد تكوينٍ مُستمرٍّ بِها، اختار الدُّخول في فرقة المظلِّيين، و أحرز شهادة في ذلك، في شهر جوان 1955 م، ثمّ فرّ مِن ذلك كُلّه، و جعله ظِهريًّا، و التحق بِصُفوف مُجاهدي الثّورة التّحريريّة المُظفّرة (1954 م 1962 م)، بِجهة سُوق أهراس، بِالشّرق الجزائريّ، و أعانه على ذلك الشّيخ الإمام الدّرّاجيّ، المعروف بِسي الدّرّاجيّ، الّذي كان يؤمّ النّاس حِينذاك بِالمدينة المُومى إليها قريبًا، و قد أدّى واجبه و زِيادة، دُون أن يأخذ عنه دِرهمًا و لا دِينارًا، و إن كان ذلك مِن حقِّه، و قد كان بِمقدوره فعل ذلك، إثباتًا و شهادة و توسّطًا، و لكنّه أبى و تصبّر، و شِعاره و دِثاره في ذلك (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَ مَالَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَّصِيبٍ) الشُّورَى / 18[9].
و في 13 جانفي مِن عامّ 1963 م، وُظِّف كَاتبًا إداريًّا، لَدى إدارة ولاية عنّابة، ثمّ رُقِّي إلى مُلحقٍ إداريٍّ، و مِن بعده إلى مُتصرِّفٍ إداريٍّ، سنة 1981 م، بِنفس الإدارة، و في 22 جانفي 1982 م، تحوّل بِإرادته و رغبته المُلحّة، إلى موطن آبائه و أجداده الجلفة، و اُختير لِإدارة مُديريّة النّقل مُدّة، و في بداية شهر أفريل 1984 م، كُلِّف بِتسيير شُؤون الحماية الاجتماعيّة (لاداص)، و دام بِها، إلى أن أُحيل إلى المعاش (الرّاحة)، في 13 جانفي 1993 م[10].
و هُو رجلٌ على شيءٍ، أدبًا و ثقافة، ذو استقامة و تعفّف، و قد تخلّى فِي زمنه الأخير لِلعبادة و الصّلاح و الخير، و هُو يُحسن اللُّغتين العربيّة و الفرنسيّة، و خطّه فِيهما جيّدٌ، و له مُحاولات شعريّة، و قد طلبت إليه أن يكتب شيئًا مِمّا لازمه و حاكه، أثناء دراسته الزّيتونيّة، و عن لِقائه لِنفرٍ مِن أهل العلم و الأدب، بِتلك الجِهة العربيّة الإسلاميّة العزيزة تُونس الخضراء، و عن نشاطه بِها، سِيما بعد مَا انخرط في الكشّافة الإسلاميّة التُّونسيّة، في نهاية الأربعينيات، مِن القرن الميلاديّ المُنقضيّ... و عن مَا جرى له أثناء الحرب التّحريريّة، و عن الشُّخوص الّذي تعرّف إليهم، و هُم كثرٌ[11]، كما أخبر هُو.
هذا و غيره كثيرٌ، عن هذا الرّجل الّذي تعرّفت إليه، و هُو مِمّن يُسعد و يُفتخر و يتزايد بِصُحبته، و قد أوردت بعضه مُقتضبًا، و لَعلِّي أرجع إلى سِيرته بالتّفصيل، في قابل الأيّام، و إنِّي أرجو أن أكون بهذا الصّنيع المُتواضع و اليسير، قد قرّبت رسمًا حيًّا عنه، إلى القُرّاء و البحثة و المُوثِّقين، بِمنطقتنا و بِغيرها، و نعتذر إليهم عن السّهو و الغفلة، و نرجو مِنهم الإصلاح. قال الإمام خليل بن إسحاق المصريّ المالكيّ : (فما كان مِن نقصٍ كمَّلوه و مِن خطأ أصلحوه فقلّما يَخْلُصُ مُصنِّفٌ من الهفوات أو ينجو مُؤلِّفٌ من العثرات). اه، و الحمد لله أوّلاً و أخيرًا، و الصّلاة و السّلام على مُحمّدٍ، و على آله و صحبه جميعًا.
هوامش
1 مُفردها فاضلٌ، و هو جمعٌ صحيحٌ وزنًا و قياسًا، على غِرار عُلماء جمع عالمٍ، و حُكماء جمع حكيمٍ، و قُرناء جمع قرينٍ، و قُمناء جمع قمينٍ، و هكذا..، و قد تُجمع بِكلمة أفاضل، و هُو صحيحٌ أيضًا. هذا جوابي بِاختصارٍ شديدٍ، لِمن دندن حول ذلك، و أقام فيه جعجعة لَا طحين لها، و قد أمليت كثيرًا لِمثل هؤلاء المُدندنين عبر الجلفة إنفو، و عبر غيرها، و هُم كثرٌ، و الله المُستعان، و هُو أعلى و أعلم.
2 مِن عبازيز رُوس العيون، بِجنوبي مدينة الجلفة. و الله أعلى و أعلم.
3 أسّسها الفاتح العظيم عُقبة بن نافعٍ الفِهريّ (رضي الله عنه)، سنة خمسين (50) مِن الهِجرة النّبويّة. 670 مِيلاديّة، و أسّس فِيها مسجدًا، لا يزال إلى يوم النّاس هذا، يُعرف بإسمه، و قد بُنيت بجواره أبنية و حذاءات و سباطات و كرفانات... بعد مَا كان قد افتتح كثيرًا من البُلدان، و مِنها بلاد أفريقيّة ، و كُور السُّودان. ولد قبل الهجرة النّبويّة، بنحو سنة، ما يُقابله بالتّأريخ النّصراني، سنة 621 م، و قُتل شهيدًا (إن شاء الله)، سنة 63 ه / 683 م. قال بعضهم هو من الصّحابة، و قال أهل التّحقيق : لا صُحبة له، و هو القول الرّاجح. و الله أعلم. و هو ابن خالة الصّحابيّ الجليل عمرو بن العاصّ (رضي الله عنه)، الّذي أرسله واليًّا على أفريقيّة، سنة 42 ه ، و قد ولّاه بعدها سنة 50 ه، الخليفة مُعاوية بن أبي سُفيان (رضي الله عنهما)، على مَا افتتحه، ثمّ عزله سنة 55 ه، ثمّ ولّاه مرّة أُخرى يزيد، سنة 62 ه، و استقرّ بالقيروان، و خرج منها بجيوشٍ عظيمةٍ، و افتتح أجزاءً أُخرى، و بلغ المغرب الأقصى (العُدوة)، و رأى مياه المُحيط الأطلسيّ، و حِين عودته، و قد سبقته جيوش عساكره إلى القيروان، أطبق عليه جُيوش الفرنجة في تهودة، ببلاد الزّاب، و قُتل و مَن معه، و كانوا قلّة، و دُفنوا بتلك الجهة. و قال بعض أهل التّاريخ و التّراجم : ( و قُتل عُقبة بن نافع سنة ثلاث و ستّين، بعد أن غزا السُّوس الأقصى، قتله كسيلة بن لمرم، و قتل معه أبا المُهاجر دينارًا، و كان كسيلة نصرانيًّا، ثمّ قُتل كسيلة في ذلك العامّ، أو في العامّ الّذي يليه، قتله زُهير بن قيس البلوي.) اه. و جامع عُقبة بن نافعٍ بِالقيروان هُو أقدم مسجدًا (جامعًا)، بِشمال أفريقيا (بِالمغرب العربيّ الكبير)، و يأتي بعده مُباشرة مسجد ابن غانمٍ، بِمدينة مِيلة، بِالشّرق الشّماليّ الجزائريّ، الّذي أُسِّس بعد سنة 50 ه / 670 م، على يد الفاتح أبو المُهاجر دينارٌ المخزوميّ بِالولاء (ت 63 ه / 682 م)، و اُكتشف سنة 1389 ه / 1969 م، و عُدّ و ضُمّ إلى التُّراث العالميّ سنة 1415 ه / 1995 م، بعد مَا فرّط فيه الجزائريّون، و كانو فيه مِن الزّاهدين. و الله أعلى و أعلم.
4 وُلد في سنة 1889 م (و هِي سنة العباقرة)، بِموطن العبازيز، بِمنطقة الجلفة الواسعة، و تعلّم و حفظ القُرآن بِمقرأة المقطع، بِشمالي مدينة الأغواط، ثمّ انتقل سنة 1914 م، إلى مهوى طُلّاب العلم في ذلك الحِين بِمنطقتنا، زاوية الهامل، و ظلّ بِها حتّى سنة 1918 م، و عند مَا حلّ بِمدينة القيروان مُهاجرًا، التحق بِزاوية سِيدي عبيد الشّهيرة، ردحًا مِن الوقت، و مِن ثمّة انضمّ إلى الجامع المعمور بِإذن الله الزّيتونة، و نال مِنه مَا اشتهى، مِن العُلوم و الفُنون الشّرعيّة و اللُّغويّة الرّائجة وقتئذٍ، و تخرّج بِه بعد سنوات، و مارس بعده التّدريس و الفُتيا. تُوفّي في سنة 1966 م، بِمدينة عنّابة، بِالشّرق الجزائريّ، و دُفن في إحدى مقابرها. و سنُدرج لا محالة إن شاء الله إسمه، ضِمن مُدوّنتنا المعروفة " مِن فُضلاء مِنطقة الجلفة "، في طبعتها الخامسة. و الله أعلى و أعلم.
5 قائد عسكريّ فرنسيّ مُستوطن بالعاصمة التُّونسيّة، أثناء الحِقبة الاستعماريّة. و الله و أعلى و أعلم.
6 لقد أخبرني أنّ السّنة الأُولى تُسمّى سنة الآجرّوميّة، و السّنة الثّانية تُسمّى سنة القطر، و السّنة الثّالثة تُدعى سنة البلاغة، و السّنة الرّابعة تُدعى سنة الأهليّة، و ذلك كُلّه قبل مرحلة التّطويع. و الله أعلى و أعلم.
7 مُصطلح القشطة، أو الكشطة، مُصطلح موجودٌ و جارٍ على ألسنة الجزائريين أيضًا، و بِخاصّة عِند أهل الغرب مِنهم، و بِكثرة، و هُو بِمعنى العمامة الّتي تكون بِدون ذَنَبٍ يَتدلَّى، أو مُؤخّرة تُطرح على الظّهر. و الله أعلى و أعلم.
8 لقد اُنتدب هذا الشّيخ في مَا بعد لِلتّدريس بالزّيتونة، كما ذكر لِي صاحب التّعريفة. و الله أعلى و أعلم.
9 لقد ذكَّره والده (ت 1966 م) بهاته الآية، كُلّما فاتحه في شأن التّسوية المادّية، لَدى وزارة المُجاهدين، مُقابل مَا قدّمه مِن خدمة حربيّة و مادِّيّة و نِضاليّة، و هي عظيمة، إبّان الثّورة (1954 م 1962 م)، و ذلك بُعيد الاستقلال مُباشرة، كما أخبرني هُو بِذلك. و الله أعلى و أعلم.
10 هاته المعلومات أفادنا بِها مشكورًا، صاحب التّعريف الشّيخ جفّال عبد السّلام (سلّمه الله)، بِمسكنه الخاصّ المُتواضع، المُجاور لِمُصلّى عُمر بن الخطّاب (رضي الله عنه)، الواقع شرقيّ دار البارود، بِوسط مدينة الجلفة البهجة، بعد ظهيرة يوم الأربعاء 21 جُماد أوّل 1439 ه، المُوافق 07 فيفريّ 2018 م.
11 مِنهم مثلاً لَا حصرًا، يحياوي سي مُوسى، الّذي خَاط أوّل علم جزائريّ، حِين اندلاع حرب 1954 م، بِموطنه عين البيضاء، بالشّرق الجزائريّ، و قد قضى عليه المَنى، بعد الاستقلال. رحمه الله. و الله أعلى و اعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.