اختتمت نهاية الأسبوع الماضي فعاليات الملتقى الوطني الثالث حول الأمن الفكري – التحديات و رؤى المستقبل- الذي نظمه قسم العلوم السياسية بجامعة زيان عاشور بالجلفة تحت إشراف وزارة التعليم العالي و البحث العلمي، و الذي دام يومين 27/28 من أفريل الفارط، و هذا بمشاركة عدد من الباحثين العلميين و الطلبة و الأساتذة المهتمين بهذا المجال. الملتقى كان فرصة لتلاقي الباحثين و المتخصصين من مختلف جامعات الوطن، و هو ما سمح بتبادل الآراء و الأفكار التي كان من شأنها تحديد المفهوم الدقيق للأمن الفكري وفق الضوابط الاصطلاحية و القانونية و كذا السياسية منها، كما تبين من خلالها تحقيق الأبعاد المراد منها تجسيد الأمن الفكري في المجال الاقتصادي و الاجتماعي، و قد استمع الحضور من أساتذة و طلبة للمحاضرات التي قام بها الضيوف، فضلا عن الشروحات التي قام بها الأساتذة المتدخلين،وتناول الملتقى جملة من المحاضرات ذات الصلة بالموضوع ،على غرار عدة محاضرات نشطها الأساتذة الباحثين،نذكر بعضا منها على سبيل المثال و التي دارت حول أبعاد الأمن الفكري و مقوماته و أهم عناصره (الآفاق و التطلعات)، حيث تطرقت إلى المفاهيم المتعددة للأمن الفكري و تطوراته التاريخية، أما فيما يخص المداخلات فقد ركزت أساسا على دور المؤسسات التعليمية و الإعلامية و الدينية في تكريس و تحقيق الأمن الفكري، وعالجت نقطتين أساسيتين، أولهما دور الأسرة في تحقيق الأمن الفكري داخل المجتمع الجزائري، بالإضافة إلى تحقيق الأمن الفكري عن طريق ترسيخ قيم المواطنة في الكتاب المدرسي، لتستأنف في اليوم الثاني الجلسات لعرض عدة محاضرات دارت حول فكرة معوقات الأمن الفكري و تحديات تحقيقه، و التي خلصت إلى البدائل المقترحة لتجاوز معوقات الأمن الفكري، بالإضافة كذلك إلى الشروحات التي كانت حول تداعيات العولمة الثقافية و ضرورة التصدي لاختراق الأمن الفكري، فضلا عن المحاضرات التي انصبت حول الإعلام و السياسة في العالم العربي"غزو فكري أم نضج سياسي" و كانت قناة الجزيرة نموذجا عنه، من جهة أخرى تناولت ظاهرة تكريس ثورة تكنولوجيا الاتصالات الحديثة للأمن الفكري و كذا الأمن الفكري كبعد استراتيجي لتحقيق التنمية. رئيس القسم الدكتور "بن داود إبراهيم" هو بدوره رئيس الملتقى الثالث بقسم العلوم السياسية أكد أن هذا الملتقى فتح مجالا للنقاش و الحوار بين الأساتذة الباحثين و المتخصصين في مجال الأمن الفكري ضمن جلسات العمل و الشروحات التي قدموها، و كذا من خلال المحاور المتنوعة التي تناولتها هذه الجلسات، حيث أوضح لنا " أنه يفتخر بالضيوف المشاركين و الذين يمثلون مختلف جامعاتنا على المستوى الوطني و التي تعد آراؤهم بمثابة دليل و مرشد لنا في مسيرتنا العلمية". كما تقدم رئيس الملتقى بالشكر الجزيل لرئيس الجامعة، و عميد الكلية، و كذا رئيس قسم الحقوق، من خلال المبادرات التي يقومون بها من خلال تنظيم هذا الملتقى، و الذي يعد الثالث في طبعته لما له من أهمية، باعتبار أن الفكر الآمن المنطلق من الأمن الفكري يعتبر ركيزة أساسية في توحيد كيان الأمم و شعوبها، و نبراسا تسير عليه المجتمعات، و كذا الأفراد و تجسيدا للسلم و الأمن و الاستقرار، بالإضافة إلى تفعيل دور المجتمع المدني و المؤسسات الأخرى في تكريس الأمن الفكري و مجانبة كل مظاهر الانحراف، و كذا دور القيادة الراشدة في تجسيد التكامل بينها و بين الحكم الراشد و الأمن الفكري. و يؤكد رئيس قسم العلوم السياسية الدكتور "بن داود إبراهيم" في حوار أجريناه معه أن هذا الملتقى من شأنه يهدف إلى تحديد المعنى الحقيقي للأمن الفكري على المستوى الداخلي و المحلي، و كذا بيان آليات تحقيق الأمن الفكري بالجزائر، بالإضافة إلى النهوض بهذا الفكر إلى مستوى يتم التمكن من خلاله إلى مواجهة الفكر العولمي الوافد. و أهم ما توصل إليه هذا الملتقى من توصيات كان أبرزها تفعيل المؤسسات لأدوارها، لأجل تحقيق المعنى الحقيقي للأمن الفكري، و كذا تحقيق التواصل بين الأجيال لأجل نقل المعنى الحقيقي للفكر و الأمن الفكري، فضلا عن ضرورة خلق الميكانيزمات و الآليات لكل المؤسسات لأداء أدوراها الحقيقية، و الاستفادة من الفرص التي تمنحها العولمة دون المساس بالهوية و الثقافة الوطنية، و ما توصل إليه الملتقى أيضا هو إنشاء موقع إلكتروني يعنى بشؤون الأمن الفكري في المستويات المختلفة، و كان من أبرز مقترحاته التحضير لملتقى دولي سيكون في بداية الموسم الجامعي المقبل، تحت عنوان " الإصلاحات السياسية في العالم العربي" –آثارها و انعكاساتها- و التي ستضم كل الشركاء السياسيين و الاجتماعيين من خلال الوصول إلى جوانب عملية حقيقية من خلال التعريف بمفهوم الأمن الفكري في مجتمعاتنا العربية