هناك من يرى أن الثورة مفك لابد منه على أساس أن أخر العلاج الكي أم أن الأمر في كنهيته لا يعدو سوى مرحلة مخاض لابد أن يمر بها الشعب ليفرز ما يشبه الحل حتى و إن أرضى ذاك شبه الحل فئام الشعب لشئ من الوقت رغم تشوهاته و تعوهاته الكبيرة. إلا أن الأمة في نهاية المطاف راضية بهذا الحل أو ما يشبه الحل في سبيل إيقاف عملية الاستنزاف لحريات الشعب و مقوماته و مجامع خيراته لتؤول في نهاية المطاف إلى خزينة العدل و يحظى الداني الدنيء في المجتمع بحقه منها. أحدهم يستحضر الثورة الفرنسية مستشهدا بها ليبرر تحولات خطيرة طرأت على بلده مستلهما منها ان التغيير الفعلي يحتاج لوقت، هاهنا دق ذاك الناقوس الجبلي بداخلي " بربك كيف يستقيم المثال بإسقاط العلة المستوجبة للثورة الفرنسية و استيرادها ليطابق المعلول العربي و إلصاقها به كعنصر قمين به أن يكون عصر التقدمية و التغيير ". الحق أنه حضرني في محفل حديثي مع نفسي كلمة للمفكر الجزائري مالك بن نبي الغريب عن دياره رحمة الله عليه بقوله " و إلى الامام على هذه الدعسة ! إنها موسيقى تسحر حتى البلاهة ، حتى النشوة ، حتى الفناء ، حتى الحلم ، و إلى غيبوبة الردارات العربية صبيحة 5 حزيران ". أنها كلمات و أي كلمات بها من الحكمة الكثير لقد فطنت يا مالكا لأمر نحن أحوج ما نكون إليه لقد تيقن مالك ابن نبي رحمه الله أن الاستعمار و إن غادرنا ( البلاد العربية ككل) لم يزل به حنين يربطه بماضيه فهو لن يهنأ له بال إلا و هو يشاهد ما كان له مستضعفا مهينا متشبثا بنعليه خاضعا له رغم أنف أنف أجداده و آباءه ، هذا العار موجود مهما تعددت ألوانه و مهما تغيرت أشكاله و مهما تنوعت مسمياته . فالثورة السورية لم تكشف سوى عن ضعف الموقف العربي حكومات و شعوبا حتى بتنا نرى مصائرنا معلقة بتلابيب الغرب روسيا و الصين و من حذا حذوهما، و يا ليت شعري أين المفزع و أين المفر ؟. هل إلى جامعة الدول العربية العقيمة التي تمخضت بعد طول عناء و أي عناء على موائد مقامة على كواهل الأمة العربية فأنجبت تنديدا لموقف النظام في سوريا ثم نرى ما يشبه المسرحية الهجينة التي لم يحسن كاتبها صياغة أحداثها ليصعق الجمهور بحل العقدة إنه الحل أو ما يشبه الحل "أصدقاء سوريا " لست أدري كيف ان الإخوة هناك تدق أعناقهم تباعا و القوم من ورائهم يستحضرون الحلول العقيمة و أشباهها على قول "في الحركة بركة" ثم من كان صاحب المبادرة تونس بلد لم يستقر الأمر به بطالة فقر تزايد في أسعار المواد الاستهلاكية و غيرها كثير كيف لفاقد الشئ أن يعطيه . دعوني فقط أذكر أن ما يحل في العالم العربي من متغيرات تحت مسمى الثورة أو الربيع العربي ماهي إلا إنفعالات آنية سرعان ما تتجاوب و دعسات الإيحائية الأتية عبر الأثير الغربي و ليس العربي حتى لا يظن أني وضعت النقطة سهوا على حرف العين . مادام نسق ما يشبه الحل قائما فالوضع على جماديته حتما هو المنطق الذي يبقى كظل لنا لا ينفك عنا حتى نغير في إستراتجية ما يشبه الحل و نزيح كل الطلاسم التي حورت فهمنا لواقعنا حينها قد نجد مسمى الحل قاب قوسين أو أدنى . إنني أبشر كل من ساهم في إثراء الحلول العربية من قريب أو بعيد بأن التاريخ لن تكل ساعده في تصنيف منجزاته تحت بند ما يشبه الحلول و إنه لفخر أن نجد ما نعلمه للأجيال المقبلة عن مدى المساهمة العربية في حل قضاياها . (*) طليبي محمد / دراسات عليا في التاريخ