أنحن في العالم الإفتراضي ؟ و هم في العالم الحقيقي أم العكس ؟؟ سؤال يفرض نفسه، أَحرامٌ أن يطالب المواطن الجزائري بأدنى حقوقه بأن يعيش معتزا بكرامته في دولة العزة و الكرامة؟ من خلال متابعتنا للعائلات في المنطقة المعروفة ب"بنات بلكحل"، كانت لنا زيارة لهم بعد أن تم هدم و ترحيل أغلب العائلات هناك، في حين بقيت 7 عائلات حسب من وجدناهم هناك، في حالة انتظار أن تَفيِ السلطات بوعودها، إلا أن الانتظار طال. فبعد الهدم تُرِكَ لكل عائلة غرفة وحيدة كما صرحت لنا إحداهن بأن السلطات هدمت كل الغرف التي كانت تجاورهم حتى لا يتم إستغلالها و تركت لهم الركام الذي أصبح الآن خطرا على الأبناء من أوساخ، جرذان، حشرات و انعدام النظافة، فلا يجد الأطفال مكانا للعب. تجولنا عبر هته البناءات، و لم تكن الجولة جولة متعة بقدر ما كانت جولة تُثير كل مشاعر الحسرة على ما لقيناه... إذ بنا عند أسرة تتكون من 12 فرداً ، أحدهم ذو ال 16 ربيعا و في عز شبابه يعاني من عدة أمراض أنفقت عليه والدته بكل ما استطاعت لعلاجه، إلا أنه مازال يعاني و لم تشخص حالته جيداً لحد الساعة... أما الأب و حسبما صرحت لنا به الأم فيشتغل حفارا لأسس البناءات حين يجد عملاً يطعم أهله، فإن لم يجد فالعائلة تحت حماية الخالق، أما هي و التي رغم الحالة التي تعيشها لا تفارقها إبتسامة صادقة تردد أنها رغم كل شيء تحمد الله على فضله و كرمه، و تدعوا الله أن يفرج عليها، كما توجه رسالتها للمسؤولين أن ينظروا لحالة عائلتها، فالزوج من شدة حياءه لم يرغب في مقابلتنا. أيعقل في هذا الزمان أن يعيش مخلوق عيشة لا علاقة لها من بعيد ولا من قريب بمعيشة الإنسان، أين يكون معرضا لكل المخاطر من الأمراض و الأوبئة...و أيعقل ألا يستفيد الشاب حتى من منحة معاق ؟ و رغم هذا يقابلنا بإبتسامة على محيّاه ! تتوقف كل الكلمات أمام هول ما رأينا ... و لا مجال للتعبير فالعين أكبر شاهد و معبر لحال هاته العائلات ... تركناهم على حالهم الذي طال يعانون بصمت رهيب و كلهم حسرة و خاصة و أن قبالتهم سكنات بشكل معماري تُسِرُ الناظر تبعث في أنفسهم أملاً أن يمتلكوا يوماً ما مسكناً يليق بالبشر ...