أستسمح الشاعر الكبير مظفر النواب في السطو على إحدى روائعه «القدس عروس عروبتكم» التي كتبها في القضية الفلسطينية، كاشفا فيها كل الخفايا الملعونة، وراء إستباحة الأقصى، والمساهمة في تهويده، وشل أطراف أبناء الحجارة، في الذود والانتصار لأطول قضية في التاريخ الحديث، لم تنصفها المواثيق الدولية، ولم تحتكم فيها لوائح الأممالمتحدة إلى حل عادل، يمنح الشعب الفلسطيني حقه في العيش على أرضه وبين جنبات الأقصى الشريف. منذ وعد بلفور اللعين، وإتفاقيات سايكس بيكو، عمل خبراء صهيون على زرع سياسة التفرقة، و«فرق تسد» ونجحوا في تجسيد الهجرات الأولى بإيعاز من هاري ترومان الرئيس الأمريكي الذي إستباح الأرض سنة 1948 عندما أصدر قرار بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود بحجة أنها مهد الديانات السماوية، ولابد من تعايش بشملها، وبدأت الهجرات تتوالى وتغيرت المفاهيم، ودخلت فلسطين حلقة مفصلية من تاريخها ونضالها المرير، الذي بدأ بغصن الزيتون وإنتهى بالحجارة. ها هو ترامب ب69 سنة من ذلك القرار الجهنمي، لهاري ترومان يأتي ليعمق الجرح ويدخل أرض إولى القبلتين وثالث الحرمين في نفق مظلم قد يكون ممرا إلى جهنم، أمام إصرار الفلسطينيين على عدم السماح بنقل سفارة الولاياتالمتحدة إلى القدس بحكم أنها العاصمة الأبدية لفلسطين. وأمام هذا الاستفزاز والتهور السياسي الجائر لترامب تتحول فصول القضية الفلسطينية إلى معضلة أخرى من التجاذب الدولي، ما يتطلب تدخل القوى الكبرى لمجلس الأمن، لتذليل عقبات هذا القرار الذي سينعكس سلبا على مخرجات السلام في أرض فلسطين. إن قرار ترامب المتهور، من شأنه أن يعيد إلى الواجهة العديد من خفايا الظل سواء في ظل الإدارة الأمريكية أو مجلس الكونغرس أوضاعه القرار السياسي في العالم، الذي يقف خلفه لوبيات الكيان الصهيوني المنتمي للمسيحية المتطرفة في العالم، وهي وراء كل ما يحدث في المنطقة العربية من ثورات وإنقلابات، ومآسي نتجرعها يوميا بالأبيض والأسود، وأحيانا بالألوان. هل يصمد الفلسطينيون أمام سقطة ترامب ويرفعون التحدي العربي من الخليج إلى المحيط ليعيدون زهرة المدائن إلى وهجها، أم أن الغناء سيتحول إلى بكاء على أطلال لم نستطع حماية عرضها وشرفها، في زمن غابت فيه نخوة العروبة وأغتصبت للأبد.