لماذا اندثر مشروع المناطق الصناعية في الجزائر؟ سؤال جدير بطرحه في سياق كهذا، انطلاقا من أن المبادرة التي أشرف عليها شخصيا آنذاك السيد عبد المجيد مناصرة عندما كان يتولى حقيبة الصناعة سجلت تقدما معتبرا في الميدان ولاقت استحسان المتعاملين الاقتصاديين. وبالرغم من صعوبة المهمة.. فإن العمل أو بالأحرى الإرادة سارت في هذا الاتجاه.. وسعت وزارة الصناعة آنذاك على المتابعة الصارمة للمشروع في الواقع بعيدا عن أي اسناد لجهة معينة لتحل محلها في تصور كان من صميم إنشائها. والحديث هنا عن المناطق الصناعية يعني مباشرة علاقاتها بالعقار الذي ساهمت وزارة الصناعة آنذاك في توفيره. والغرض من إقامة المناطق الصناعية هو التحكم أكثر وبدقة في حركية إقامة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في نطاق محدد يكون فضاءا مفتوحا لكل المستثمرين، وهو عنوان واحد بالنسبة لأصحاب المؤسسات قصد الإنتهاء وبصفة قطعية من الانتشار الفوضوي للمصانع بطريقة لا يمكن قبولها. وهذه النظرة تعد واقعية وقابلة لمسايرتها وهذا لعدة اعتبارات عملية وهي: @ إعداد بطاقية وطنية عامة عن المناطق الصناعية والتي بالضرورة تضم إحصاء شامل عن طبيعة العقار الموجود في هذه المناطق، مما يعطي الانطباع وجود تكامل في المسعى، باتجاه واضح يتم على أساس معرفة من هو المستثمر والإطلاع على طبيعة العقار الموجود في كل هذه المناطق. @ إزالة الغموض فيما يتعلق بمسار الاستثمار في المناطق الصناعية وإخضاع أصحاب المشاريع إلى إجراءات تعامل يسيرة، تبعد النظرة الخاصة بالردع والزجر عندما يكون الأمر خاصا بالاستثمار. @ إرساء تقاليد استثمار تكون عبارة عن دليل في صالح المتعاملين الاقتصاديين لا تخضع لأي أساليب، مخالفة للقانون، وهو ما يتوفر عليه في الكثير من البلدان. هذه الاعتبارات وغيرها تساعد على العودة أو إحياء مقترح أو فكرة المناطق الصناعية التي تبقى الإطار الأكثر واقعية في التعاملات اليومية تساهم حتى السلطات العمومية في معرفة ما لديها من مشاريع استثمارية الموجودة أي القائمة والمستقبلية. وإلى يومنا هذا فإننا لم نستطع تنظيم العقار والمناطق الصناعية وتجهل أسباب ذلك. لذلك فإن الفكرة غير واضحة في ذهنية المشرّع حول العقار الصناعي في حين أن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية استطاعت أن تجد حلا وسطا فيما يخص العقار الفلاحي. لأن الإشكال كل الإشكال القائم، اليوم هل العقار الصناعي متوفر في الولايات والبلديات؟ إذا استطعنا الإجابة عن هذا السؤال، فإن كل تبعات هذا الملف تسهل لدى المستثمرين وغيرهم.. إلا أن جل المؤشرات تؤكد بأن الولايات لا تتوفر على العقار الصناعي، وما كان متوفرا فقد تم أخذه أو توزيعه. وهذا ما يتطلب الإسراع في إيجاد مستعجل بإعادة تنظيم هذا القطاع تنظيمًا كاملاً وفعالا وحتى شفافا تكون فيه الكلمة الفاصلة للقانون لا أكثر ولا أقل حتى يتغير مفهوم الاستثمار في الاتجاه الإيجابي.