أكد الدكتور محمد جويلي، عالم الاجتماع التونسي، أن العلاقة الكبيرة التي تربط الأنصار الجزائريين بمنتخبهم الوطني ليست آنية، كما أن ميلادها لم يتزامن والمبارتين التي جرت بكل من القاهرة والسودان المؤهلة لكأس العالم، وإنما نشأت بظهور أول فريق جزائري بقيادة رشيد مخلوفي قبل استقلال الجزائر ويتعلق الأمر بفريق جبهة التحرير الوطني، وذهب إلى أبعد من ذلك بتأكيده، بأن العلاقة بين التحرر وكرة القدم موجودة فقط في بلدين عربيين دون غيرهم ويتعلق الأمر بالجزائر وفلسطين. حلل أمس، الدكتور جويلي من تونس، لدى تنشيطه ندوة «الشعب» التي تناولت موضوع «الرياضة والجماهير في ظل عولمة التنافس» ظاهرة الارتباط الوثيق والدعم الكبير للجماهير والأنصار الجزائرية للفريق الوطني، الموجود حاليا بمدينة «دوربان» بجنوب افريقيا للمشاركة في أول مونديال افريقي بعد 24 سنة من الغياب، موضحا، بأنها ليست حديثة وإنما ارتبطت بأول فريق لكرة القدم إبان الفترة الاستعمارية، بعد تأسيسه من قبل محترفين شباب ولم يعترف به آنذاك الاتحاد الدولي لكرة القدم، ما جعل الفرق ترفض اللعب معه بما في ذلك الفريق المصري باستثناء الفريقين الشقيقين تونس والمغرب. وأفاد عالم الاجتماع الذي نشط الطبعة الجديدة من منتدى مركز الدراسات الاستراتيجية ليومية «الشعب» في السياق ذاته، بأن العلاقة بين الجزائريين وكرة القدم لا تعود إلى مباراة القاهرة أو المباراة الفاصلة التي جرت بأم درمان بالسودان، بل هي علاقة قديمة متجذرة ارتبطت بأسماء كبيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر رشيد مخلوفي أحد أعضاء فريق جبهة التحرير الوطني، الذين غادروا فرنسا وأسسوا فريقا تحمست له الجماهير التي بقيت وفية له رغم تداول عدة أجيال عليه. وعلى عكس بعض المحللين، فإن الدكتور جويلي، دافع عن فكرة أن كرة القدم تشغل الناس عن أعمالهم، فذلك غير مضر، على أن تستغل سياسيا واقتصاديا وتصفية العنف، لكن المضر بالمقابل هو أن هذا القطاع الهام يشوهه الفساد المالي في شكل الرشاوي، لاسيما وأنه قطاع ترصد له ميزانيات ضخمة. وأقر عالم الاجتماع، بأن الرياضة مهمة للسياسيين على إعتبار أنها بمثابة وسيلة من وسائل ولوج مناصب سياسية هامة. واستدل في هذا الشأن بمثال من تونس، وتحديدا للرئيس التونسي الأسبق حبيب بورقيبة الذي وصل إلى أعلى منصب في الدولة بعد ما شغل منصب نائب رئيس الترجي التونسي، مؤكدا بأن شعبيته استمدها من عميد الفرق التونسية شأنه في ذلك شأن مسؤولين آخرين. هذه المعطيات الهامة، ساعدت الفريق الوطني الجزائري على الفوز في المباراة الفاصلة بأم درمان وافتكاك مكانته ضمن الكبار في مونديال 2010، بعدما اشتد حماسه من حماس الجمهور ومساندته، ولعل ما يؤكد هذا الطرح، المساندة اللامشروطة للجماهير التي تتابع باهتمام كبير كل مستجدات الفريق الوطني أينما حل، وخروجها إلى الشوارع بطريقة تلقائية حتى في حال خسارة الفريق الوطني. ورغم أن الأنصار قلقة من أداء الفريق الوطني خلال اللقاءات الأخيرة، إلا أنها لم تتوقف عن تشجيعية وتعول عليه في تمثيل الجزائر والعرب أحسن تمثيل، رغم أنه فريق فتي وفي طور البناء. للإشارة، فإن عالم الاجتماع لم يفوت الفرصة للاشارة إلى الضغط الكبير الذي يعاني منه اللاعبون الجزائريون والذي يتطلب تركيز أكبر، مؤكدا بأن الارتباك الناجم عن الرغبة في إرضاء الأنصار يترتب عنه لجوء اللاعبين إلى ممارسة طقوس خاصة بهم، منها السجود وقراءة الفاتحة بالنسبة للمسلمين حتى بالنسبة لغير المتدينيين، بحثا عن الجدوى الرمزية لتصبح بذلك لعبة كرة القدم ديانة جديدة.