مع انتهاء النصف الأول من أكتوبر الجاري تكون القاهرة قد استكملت مشاوراتها الثنائية مع جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها "فتح وحماس" بشان المصالحة والخروج من الأزمة الوطنية الفلسطينية . ومن الطبيعي أن تعد القاهرة تقريرا يتضمن اقتراحات لحل المشكلة الفلسطينية، يرفع إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية , حسب الأمين العام لجامعة الدول العربية , ومنها إلى لجنة المتابعة العربية التي تترأسها سوريا باعتبارها الرئيس الدوري للقمة العربية. ومن المعروف أن المبادرة اليمنية التي تبنتها قمة دمشق ووافقت عليها السلطة الفلسطينية ستكون في قلب تلك المقترحات . وأبرزها كما رشح , تشكيل حكومة انتقالية من شخصيات مستقلة , وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة , وإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس مهنية ووطنية وبمساعدة عربية , وأخيراً إعادة بناء مؤسسات م.ت.ف. ومجلسها الوطني بالاستناد إلى إعلان القاهرة 2005 . وقد سبق أن حظيت هذه المقترحات بموافقة عربية شبه كاملة , والتي باتت تعرف بالورقة المصرية ، وفي حال موافقة حركة حماس عليها , سوف يتم الدعوة لحوار وطني فلسطيني شامل، تحضره جميع الأطراف الفلسطينية ، لأجل الاتفاق على آليات التنفيذ برعاية جامعة الدول العربية . وطبقا لبيان اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير في القاهرة والتصريحات الساخنة التي أدلى بها عمرو موسى وسعود الفيصل وأبو الغيط , فأن الحوار هذه المرة لن يقف عند حدود الاستضافة وإبداء النصح والمشورة بل سوف يعمد إلى اتخاذ موقف واضح وصريح من الطرف الذي تثبت الأحداث والتطورات أنه يعرقل الحوار الوطني أو أنه سيخرق الإجماع العربي والفلسطيني. ومن غير المستبعد أن يتم اللجوء إلى عزله ومعاقبته . فالعرب ينظرون إلى الانقسام باعتباره يشكل خطرا، ليس فقط على الحالة الفلسطينية، بل وكذلك على الحالة العربية نفسها، خاصة في ظل تطورات واستحقاقات إقليمية مرتقبة ستكون لها تداعياتها الواسعة على مجمل الوضع في المنطقة . وفي هذا السياق أبدى وزراء الخارجية العرب استعدادهم لوضع كل طاقاتهم وإمكانياتهم في خدمة التوافق الفلسطيني بما في ذلك فك الحصار عن قطاع غزة، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس جديدة. وبالضرورة فأن حكومة من المستقلين، تلتزم بالقوانين المرعية في السلطة الفلسطينية وبما تعهدت به من استحقاقات، كفيلة بفك الحصار، ومعالجة العلاقات بين السلطة وباقي الأطراف إقليميا ودوليا . فشرط تشكيل مثل هكذا حكومة هو أن تكون قادرة على فك الحصار، بكل ما يتطلبه ذلك من استحقاقات سياسية. بمعنى أن جوهر القضية في هذا المجال، أن تلتزم الحكومة الانتقالية بالتعهدات التي تبنتها السلطة الفلسطينية وأن تتجاوز التجربة السلبية السابقة أما بخصوص الاختلاف على إرسال قوات عربية محدودة إلى القطاع ، لتشرف على إعادة توحيد المؤسسات الفلسطينية خاصة الأمنية منها. وكذلك الموعد المفترض لنهاية الولاية القانونية للرئيس محمود عباس , والذي سبق له وان أبدى استعداده للدعوة فورا إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، فمن الأفضل أن يبقى ذلك برسم لجنة المتابعة المنبثقة عن قمة دمشق الأخيرة وجامعة الدول العربية لطمأنة حماس التي تهدد بضرب القوات العربية وسحب اعترافها بشرعية الرئيس عباس . في كل الأحوال، تبقى الكرة في ملعب حماس , وعليها أن تكف عن ، معاكسة الجهود التي يبذلها العرب وجامعتهم ، ولا تكون سببا في المزيد من توتير الأجواء وتعكيرها وتعريض الحوار الوطني الفلسطيني للخطر. ------------------------------------------------------------------------