بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المصادف ل 08 مارس 2018، نظمت عشية أول أمس المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية «مصطفى نطور» بقسنطينة في إطار نشاطات «بيت الكلمة»، ندوة ثقافية حول «الكتابة النسوية في الجزائر بين الواقع والآفاق»، حضرها نخبة من المهتمين بالشأن الثقافي. نشط هذه الندوة التي كانت متبوعة بقراءات شعرية نسوية، كل من الأستاذتين»ليلى لعوير وأمال لواتي» من قسم اللغة والآداب بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، وهذا بمشاركة مميزة للدكتور وأستاذ الأدب العربي «عبد الله حمادي». قدمت الدكتور»أمال لواتي» في مداخلتها قراءة للتاريخ العربي الإسلامي وهي تبحث عن أدب المرأة عبر هذا التاريخ حيث ذكرت ببعض المراجع الشهيرة والتي تارة ما أشارت الى ما ساهمت به المرأة في مجال الأدب وتارة ما تجاهلتها لسبب أو لأخر، كتاريخ الطبقات، و» الأغاني» للأصفهاني وكتاب «الحماسة» لأبي تمام وغيرها من المراجع الأخرى، حيث تساءلت المحاضرة عن ضياع مدونات بأكملها تتضمن مئات الأسماء لنساء طبعن تاريخ الأدب العربي; ابتداء من العصر الجاهلي وحتى الأندلسي، طارحة في ذات السياق سؤالا موجعا « لماذا هذه النظرة الدونية لأدب المرأة ؟ «. عن أدب المرأة في الجزائر طرحت الدكتور»أمال لواتي» جملة من التساؤلات لم تخرج في إطارها عن السؤال السابق كعدم الموازاة بين أدب المرأة والرجل وعدم التكافؤ في التحصيل العلمي وإهمال النقد لأدب المرأة إلا في بعض المناسبات كالمهرجانات والملتقيات القليلة وانعدام الأندية ودور الثقافة للمرأة وقلة الحصص التلفزيونية المخصصة لها.. خلصت المحاضرة بعد كل هذه الإشكالات المطروحة الى كون هذا التمايز بين الرجل والمرأة ليس مرده الى جنس على حساب أخر; بل الى طبيعة المرأة في حد ذاتها فالشعر مثلا هو اقرب الى طبيعتها كونها تتصف بالعاطفة والوجدان وفي الرواية فإن المرأة تميل أكثر الى المواضيع التي تحرك ذاتيتها كالهموم الفردية والاجتماعية والحرية والغربة والاغتراب مشيرة في الأخير الى أن اللغة هي المرأة وهي تعبر بها عن ذاتها، كما ان النسق الكتابي على مستوى اللغة متباين فالمرأة تريد دائما ومن خلال كتاباتها تأكيد انتمائها الحضاري. معقبا على مداخلة الأستاذة « أمال لواتي» قال الدكتور» عبد الله حمادي» أستاذ الأدب العربي بجامعة قسنطينة سابقا، أنه بإجماع الباحثين سواء كانوا غربا أو عربا فإن المرأة في الحضارات القديمة كانت مبعدة أو مقصية، موضحا أن هناك تفاوتا في الموضوع بين شعب وأخر، فالأمر ومن خلال المراجع كما قال أهون في الحضارة العربية ففي العصر الجاهلي وعلى سبيل المثال اعتلت المرأة العربية اكبر منبر للشعر وهو منبر»عكاظ»، كما انه لا وجود عبر تاريخنا الطويل لنصوص تمنع من أن تفرض المرأة وجودها في الحياة، وأعطى الدكتور»حمادي» نماذج من الحضارة العربية الإسلامية، فمن الناحية الدينية، كانت السيدة «عائشة» أم المؤمنين مصدرا مهما في الفقه الإسلامي فهي حجة يقتدى بها، وأيضا من الشخصيات النسوية التاريخية « سكينة بنت الحسين» التي أنشأت أول ناديا ثقافيا وعلميا في التاريخ، وفي القرن 20 توالت الأسماء الأدبية النسوية وعلى رأسها ذكر الأديبة «مي زيادة»، وارجع الدكتور»حمادى» أن المرأة في ثمانينيات القرن الماضي في الجزائر مثلا، كانت لا تعتلي منصة الشعر التي يعتليها الرجال استحياء لكن بعد هذه الفترة فرضت المرأة هيمنتها في الجامعات والمنابر الأدبية، فالأمر كما ختم المتدخل مرتبط بالحضارة نفسها وعلى المرأة أن تشق طريقها في هذا المجال بثبات ولا يجب أن تدخل في صراع مع الأخر، فالمنبر يجب أن يرتبط بالثقافة والعلم فقط ولا يرتبط بالمناسبات. على منبر الشعر قرأت الشاعرة « منيرة سعدة خلخال» مقتطفات من نصوصها الشعرية القديمة والجديدة منها: « المدينة، النصيحة، الألم، متلبسة، عندما يأتي المساء..»، وقالت الشاعرة بمناسبة عيد المرأة: « نحن نقاسم هذا اليوم الرمز، ولا بد أن يكون دائما محطة لتقدير واحترام المرأة».و كعادتها وبصوتها الشاعري الجميل قرأت الشاعرة «سعيدة درويش» بعض من قصائدها «أنا لست وردة، النوطة العاشرة « وقصيدة جديدة في الشعر الملحون، تلتها بعد ذلك كل من الشاعرة « صوفية منغور» والشاعرة «زهية فرجيوي»، كما وزعت على المشاركات بهذه المناسبة شهادات شرفية. تجدر الإشارة، أن معرضا للكتاب النسوي أقيم بمناسبة عيد المرأة ببهو المكتبة سالفة الذكر، يضم عشرات العناوين منها عناوين طبعت بمناسبة فعاليات قسنطينة عاصمة للثقافة العربية.