ما تزال ولاية ميلة على غرار باقي ولايات الوطن في انتظار وحتى هذه اللّحظة وصول جثامين شهدائها التسعة المنحدرين من كل من بلديات سيدي مروان، القرارم، زغاية، فرجيوة، زارزة وتيبرقنت ضحايا فاجعة سقوط الطائرة العسكرية ببوفاريك الأربعاء الماضي، والتي خلّفت الحادثة 09 ضحايا من الولاية. وقد وقفت «الشعب» على الأيام الأخيرة التي عاشها بعض الشهداء الضحايا قبل وقوع الحادثة، فهناك الشاب الشهيد من سيدي مروان كان يحضّر لعرسه وهو المرحوم سيف الدين ربيع الذي عقد قرانه قبل المأساة بأسبوع، وهناك شابة استقبلت والدها العائد من العمرة، لتودّعه هو وابنتها التي لا تتجاوز 11 شهرا من عمرها، آخر وداع كان يعد الأيام يوما بعد يوم ليعود إلى منزله، بعد أدائه لواجبه اتجاه الخدمة العسكرية. تقرّبت «الشعب» من أهالي ضحايا الطائرة ببلدية سيدي مروان التي فقدت 03 ضحايا من أصل 09، ووقفت على الفاجعة من مطار بوفاريك إلى ولاية ميلة، لنجد المعزّين يتوافدون لأداء الواجب تجاه أهالي الضحايا الذين خيّم السّكون والصّمت على محيط منازلهم التي تنتظر استقبال جثامين أبنائها، وامتدّت عواقب حادث بوفاريك إلى 06 بلديات أخرى بالولاية، بعد أن فجعت عدة عائلات أخرى بأبنائها في كل من بلدية فرجيوة التي فقدت فيها عائلة بويوسف ابنها الرائد كريم، من مواليد مارس 1977، الذي ترك زوجة وولدين وراءه، وصدم سكان بلدية مينار زارزة برحيل الرقيب شيخ نعمان من مواليد أكتوبر 1987 وترك خلفه أيضا زوجة وطفلين. حسام بلوديني لم يشهد فرحة نهاية الخدمة العسكرية أما ببلدية زغاية فلم تكتمل فرحة المجنّد الاحتياطي حسام بلوديني، من مواليد 1996، بإنهاء واجبه في الخدمة العسكرية المتبقي منه شهرا واحدا فقط، وما تزال عائلته وأقاربه تحت الصّدمة ومواساة المعزّين لا يعوّضهم شيء سوى الإيمان بقضاء الله وقدره. وبتيبرقنت فجعت عائلة مجيدر في ابنها كمال، من مواليد 1987، الذي لم يمر سوى أسبوع فقط على عقده قرانه، كما فقدت بلدية القرارم قوقة ابنها العريف أول بلمرابط خير الدين، من مواليد 1989، وبالرواشد راح ضحية حادث الطائرة العريف كعواش أيوب، من مواليد 1993. سيف الدين ربيع قدِم إلى بلدته للتّحضير لعرسه في بلدية سيدي مروان الهادئة على ضفاف سد بني هارون وتحديدا بمشتة رأس البير، فجعت عائلة رابية عبد الحكيم بفقدان ابنها البكر العريف أول في صفوف الجيش الوطني الشعبي بتندوف سيف الدين صاحب 25 ربيعا، والذي كما قال والده تناول وجبة العشاء مع أفراد العائلة عشية الحادثة، وخرج لمشاهدة مباراة في كرة القدم بثّت في تلك الليلة، بمقهى المشتة رفقة أصدقائه. ودّع بعدها أمّه وأباه وإخوته الأربعة، ليتّجه إلى بلدية القرارم قوقة، قاصدا الجزائر العاصمة عن طريق الحافلة، ومنها إلى بوفاريك ليستقل في صبيحة الأربعاء الطائرة نحو تندوف في رحلة هي الأولى والأخيرة له عن طريق هذا المطار، بعد أن قضى أزيد من 05 سنوات في المؤسسة العسكرية. كان عبد الحكيم يرد على معزّيه وعلامات الحسرة جلية على وجهه قائلا: «تلك مشيئة الله وقدره». الفقيد سيف الدين، حسب والده كان في سيدي مروان لتحضير الوثائق والتحاليل اللازمة لعقد قرانه بعد أن أقام حفل خطوبته منذ قرابة 06 أشهر ملمحا لحالة الأم الصعبة كونها لم تطق صبرا على فقدان فلذة كبدها، وأنّها تترقب وصول جثمانه لتودعه الوداع الأخير.