يساهم المراسلون المحليّون في الكشف عن النقائص الموجودة على مستوى الولايات فيما يتعلق بالتنمية المحلية، وفي هذا الصدد يرى زملاء المهنة بأنّ التّركيز على نقل المعلومة التي تهمّ المواطن في الأحياء والبلديات والقرى النائية بتراب الولاية عمل ينبغي أن يكون اهتمام المراسل المحلي، فكان ل «الشعب» لقاء مع العديد من الإعلاميين بمناسبة العيد العالمي للصحافة المصادف ل 3 ماي من كل سنة، حيث يرى الصحفي المراسل في جريدة «الجديد اليومي» بورقعة حمادة، بأنّ تحقيق الإعلام الجواري مرهون بمدى فتح قنوات الاتصال بين الصحافة والإدارة عبر الخلايا المحلية في البلديات والدوائر بدلا من التركيز على تقارير المكلفين بالإعلام على مستوى مختلف الهيئات. وأضاف بورقعة حمادة قائلا: «نطالب بتعميم إنشاء خلية الاتصال بمختلف الهيئات، خصوصا تلك التي يجد فيها الصحفي صعوبة في رصد موقف المسؤولين حول التقارير التي ينجزها أو منح المعلومة». أما بن عيسي خليل، صحفي بالإذاعة المحلية فركّز على دور الإعلام الجواري الموجه لخدمة التنمية المحلية، مؤكدا كذلك على البرامج في معالجة انشغالات المواطنين عبر إقليم الولاية، إلى جانب التّحقيقات والتّقارير التي ينجزها الصحفيون والمراسلون، ممّا ساهم حسبه في تمتين العلاقة بين المستمع والإذاعة، ورغم أنّ الهيئات الوصية دعت إلى فتح قنوات الاتصال بين الإدارة والصحفيين من خلال إنشاء خلية الإعلام على مستوى المديريات ومختلف الهيئات، إلا أنّ البعض منها في الولاية لا تزال تفتقر إلى ذلك، ويجد الصحفي معاناة في الوصول إلى مصادر الخبر، خصوصا وأنّ آنية الحدث تتطلب السرعة في لمّ حيثيات الموضوع، الأمر الذي يعيق من تحقيق الإعلام الجواري، حيث يجد المراسل الصحفي صعوبة في الإلمام بمواضيعه وبعض البلديات بحكم أنّ المكلفين بتسيير هذه الهيئات على المستوى المحلي يدعون أنّ هناك خلية اتصال على مستوى المديرية، ممّا يفوّت الفرصة على المراسل في تغطية الحدث في وقته المناسب، هذا لم يمنع من أنّ بعض المديريات خطت خطوات إيجابية في تمتين علاقتها مع وسائل الإعلام. الإعلامية بوخلخال بالإذاعة المحلية ببشار تطرّقت إلى دور الإعلام الجواري قائلة: «بحكم أنّي أعمل في إذاعة محلية وأعرف الكثير من هذا الجانب وقيمته ودوره، وأهميته في التحسيس بالعديد من القضايا الاجتماعية والثقافية، وفي دعم التنمية المحلية وترقية أسلوب الحوار المثمر وغيره من المشاكل، وحتى في قضية الكوارث وكمثال حي على ذلك أتذكّر فيضانات 2008، حيث لعبت الإذاعة المحلية ببشار دورا كبيرا، وكان العمل الجواري سبب من الأسباب التي جنبت مدينة بشار كارثة كبيرة في الأرواح، وفي الوقت المحدّد، وتفادينا الخسائر البشرية وهذا بفضل الإعلام الجواري لأنّ الإذاعة لها دور كبير وهي الجسر الرابط بين المواطن والمسؤول ونحمل انشغالات المواطن وننقلها إلى المسؤولين، ونساهم في وجود الحلول بل نكون الوسيط لهذا المواطن في حياته اليومية في تحسين الإطار المعيشي، ونساهم في الكشف عن جهود الدولة في ما يخص المشاريع التي تسجّل، والتي يستفيد منها المواطن بالدرجة الأولى وكل ما نقوله على الإعلام الجواري لا يكفي ويبقى دوره أساسيا عن طريق الأثير أو عن طريق الجرائد، التي أصبحت في ولاية بشار تقرأ في الساعات الأولى مثل يوميات الجمهورية، المساء والشعب هي اليوم الجريدة المفضّلة عند العديد من المواطنين، وذلك لتنوّع مواضيعها وخاصة أخبار الجنوب يوم الخميس وصفحتي الوسط والشرق». وقال صحفي قناة نوميديا نيوز مصطفى ياسر أنّ الإعلام الجواري يرتبط بشخصية الإعلامي، حيث أن المهنية بدون أخلاقيات هي خطر على المهنة والمجتمع، موضحا أن أساس الأخلاق يشمل «الحقيقة والصدق والنّزاهة»، وأن هذه المبادئ هي بمثابة «قواعد السلوك في البحث ونشر المعلومة ووصف للأحداث». وذكر السيّد ياسر بأنّ «الصّحفي والمراسل النّاجح هو من يتحلى بالحرية، المسؤولية، الموهبة، المهنية والأخلاق، معتبرا أن الصحفي يحمل سلاحا بين يديه يجب عليه أن يحسن استخدامه لخدمة المواطن والتنمية». التحلي بالمهنية وفي لقاء مع عميد أوّل للشرطة تيجاني زروق رئيس الأمن الولائي، الذي أبرز أهمية الاعلام الجواري والانفتاح على وسائل الإعلام، مثمّنا الأشواط التي قطعتها حرية التعبير ببلادنا في ظل التعددية السياسية والإعلامية. ودعا المتحدث في هذا السياق إلى المحافظة على هذا المكسب والتحلي بالمهنية باعتبارها مسايرة للخدمة العمومية، وترقية الممارسة الإعلامية من خلال تجسيد حق المواطن في إعلام صادق وموضوعي، وهذا ما وقفت عليه يومية «الشعب» أثناء زيارتها الى خلية الإعلام والاتصال مديرية الأمن الوطني، حيث تعتبر خلية الإعلام والاتصال بمديرية الأمن لولاية بشار أحد النماذج الراقية والمميزة في الاتصال المؤسساتي داخل الهيئات الرسمية للدولة، ولم تعد مهامها محصورة في الاتصال بأنواعه، بل تحوّلت إلى قاعدة أساسية لمحاربة الجريمة بمختلف أنواعها عن طريق سلاح الإعلام وفتح جسر التواصل مع الأسرة الإعلامية، وبالانفتاح على جميع فعاليات المجتمع المدني لا سيما وأنّها أصبحت فضاء من سنة 2012 لكل الاعلاميين بدون تمييز، والتواصل كذلك مع المتربصين من طلبة الإعلام والاتصال وطلبة ماستر في علم النفس لجامعة طاهري محمد. ويتبادر إلى ذهنك وأنت تدخل خلية الإعلام والاتصال بمديرية الأمن الوطني ببشار، أن مصالح الشرطة بمديرية الأمن الوطني لم يعد ذلك الشرطي الذي يردع الجريمة بالوسائل القانونية المعروفة وفقط، بل أصبح قناة أساسية لا تنقل أهمية عن الوسائل الأخرى في مجابهة الجريمة عن طريق نهج إعلامي واستراتيجي، قائم على التحسيس بخطورة مختلف أنواع الجريمة وبالتكامل والتواصل مع الأسرة الإعلامية بمختلف أنواعها سواء كانت عمومية أو خاصة ودون تميز، وما يميز خلية الإعلام لشرطة بشار عن غيرها من الخلايا الإعلامية المنتشرة بالعديد من المؤسسات والهيئات العمومية، أنها لا توجد صعوبة في الوصول إليها بعد التعريف بهويتك، دون موعد مسبق، وتتحصّل على ما شئت من المعلومات الخاصة بالموضوعات محل إنجاز بعيدا عن العراقيل التي باتت حاجزا أمام الصحفيين في مختلف خلايا الاتصال الأخرى بالعديد من المؤسسات العمومية، والتي لم تنفذ حتى تعليمات الوالي بالولاية، وهو ما وقفت عليه «يومية الشعب'' من خلال زيارة خاطفة لخلية الإعلام والاتصال بمديرية الأمن ببشار، التي كانت في نشاط دؤوب يستجيب لمقتضيات العمل الإعلامي الذي يشرف عليه نخبة من الضباط في تخصصات أغلبها إعلامية أو التنمية أو انشغالات المواطن، والباقي من العلوم الاجتماعية والتكنولوجية التي لها صلة بالميدان الصحفي وتتابع الخلية كل ما يصدر في وسائل الإعلام الوطنية، الأمر الذي يجد طلبا عند المواطن والذي يبحث عمّن ينقل انشغالاته إلى السلطات المحلية والمركزية، بغية إيجاد حلول لمشكلاته حيث لعبت ومازالت تلعب وسائل الإعلام الدور المناط بها على أحسن وجه، والتي عرفت انتشارا كبيرا في السنوات الأخيرة، من خلال القنوات الإعلامية والمطابع الوطنية التي تطبع الصحف وتقرب المعلومة إلى المواطن في أسرع وقت ومنها مطبعة بشار، وكذلك الإذاعات المحلية في كل ولايات الوطن من أجل إعلام جواري فعال، وكذا انتشار المراسلين الصحفيين للعديد من الصحف الوطنية والتي أصبح لها دورا بارزا ومحوريا ورائدا في الجزائر، وكشف المعاناة وإيصال انشغالات المواطن بطريقة حضارية لمن يهمه الأمر، حيث أصبحت الجهات المعنية تنظر لوسائل الإعلام كهمزة وصل بين المواطن والإدارة، وعمدت بالتالي إلى أساليب جديدة في التعامل مع وسائل الإعلام، من خلال عدة محاور منها المتابعة المستمرة بواسطة خلايا الإعلام لكل ما يبث أو ينشر عن واقع انشغالات المواطن والتنمية المحلية والإختلالات المسجلة، وتكليف بالنتيجة الجهات المعنية بالمشكلة المثارة بمتابعة الوضعية إلى غاية حلها، ودعوة رجال الإعلام في كثير من الأحيان إلى مرافقة السلطات المحلية في زياراتها الميدانية، للحضور والمتابعة والتغطية الإعلامية الموضوعية عن قرب لواقع التنمية. ومن جهة أخرى، أصبح المواطنون كذلك يثقون أكثر فأكثر في الصحافة، وأصبحوا بذلك يمدونها بالمعلومات وطرح الانشغالات عليها، لما شعروا به من أهمية في إبرازها للرأي، وقد ترتب عن كل ذلك أن متتبع الأخبار وبرامج الإذاعات المحلية والقنوات العمومية والخاصة وقارئ الصحافة الوطنية المكتوبة، أصبح يلاحظ الحيز الكبير الذي تخصصه هذه الوسائل الإعلامية لانشغالات المواطنين في مختلف المناطق، وخاصة المحرومة منها، حتى أن بعض الصحف الوطنية مثل يومية الشعب تخصص صفحات لأخبار كاملة لكل منطقة من ربوع التراب الوطن مثل صفحة أخبار الجنوب، من حين لآخر، تتناول فيها خاصة انشغالات السكان في البلديات والقرى النائية للفت انتباه السلطات المحلية لها، وتخصص برامج تتناول بالتفصيل واقع التنمية المحلية بالمناطق التي تخضع لتغطيتها، وهذا بفضل الإعلام الجواري. وقد أثبتت التجربة صحة التوجه على اعتبار أن العديد من الانشغالات المطروحة عن طريق وسائل الإعلام، وجدت طريقها إلى الحل على أرض الواقع، بفضل تدخل السلطات المحلية وكذا المركزية، وكما هو معلوم تتمتع أغلب الجماعات المحلية خاصة الولايات، والعديد من المؤسسات المختلفة النشاط، على خلايا للإعلام والاتصال، تهتم بالاتصال بالمواطنين والصحافة، ومتابعة كل ما يصدر عن هذه الأخيرة، ويكون له علاقة بهذه المؤسسات أو بمجال تدخلها، للنظر في محتواه والتصرف اللازم حيال ما يصدر عنها، حيث لا يختلف اثنان حول أهمية الإعلام الجواري في دعم التنمية المحلية وحل انشغالات المواطن، يتعين على الجميع ترقية هذا الأسلوب الحضاري والمثمر، ولا يتأتى هذا إلا بالمزيد من التقرب من الصحافة سواء المواطنين أو المسؤولين، وأن يشعروا بصدق وبثقة في دورها للقيام بعمل موضوعي لأحد الحقوق الأساسية للمواطن، وتسهيل المهمة لرجال مهنة المتاعب، الذين يبقى شغلهم الشاغل تقديم خدمة عامة، بموضوعية بعيدا عن التهويل.