تبدو الصين دولة مثيرة للاهتمام بالنسبة للكثير من الدول الإفريقية، وقد خلق واقع الانتشار الصيني في القارة السمراء مجموعة من الفرص لزيادة التعاون بين الطرفين، خاصة مع عدم وجود شروط سياسية التي تفرضها القوى الغربية بهدف التدخل في الشؤون الداخلية وبسط النفوذ. ويضاف إلى ذلك ملائمة المنتجات الصينية ذات الجودة العالية وكذا من حيث الأسعار فهي تتناسب مع دخل المواطن الإفريقي الضعيف. ويتفق المتتبع للسياسة الصينية تجاه إفريقيا أن ما يسيرها هو المحدد النفطي فحاجة الصين للنفط في تزايد مستمر ذلك لأنها تعتمد على النفط المستورد في نماء اقتصادها وأضحت ثاني اكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولاياتالمتحدة، حيث أصبح أمنها يقوم على تأمين وضمان تدفق الطاقة لذا يعتبر النفط احد اهم محددات السياسة الخارجية الصينية. ومن هنا تحركت الصين لتأمين تدفق النفط من القارة الإفريقية من خلال إستراتيجية تقوم على عدة محاور اهمها انشاء عدد من الإدارات الخاصة لتنمية العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع الدول الإفريقية وتوسيع اختصاصات بعض الأجهزة والأطر القائمة لتشمل كل اطر التعاون المشتركة، وتيسير انشاء عدد من المراكز البحثية ومنظمات المجتمع المدنى الصينى . من جهة أخرى يتضح بان الصين لا تركز في تعاونها مع القارة الأفريقية على المساعدات، بل على تجارة المواد الأولية والصناعية والزراعية وبناء الطرق وسكك الحديد وشبكات المياه وغيرها من مشاريع البنية التحتية الحيوية . إلا أن تنامي الدور الصيني في إفريقيا يواجه بعض التحديات أهمها الآثار السلبية للغزو التجاري الصيني على بعض المنتوجات الإفريقية كالنسيجية مثلا فلم تستطع هذه المنتوجات من منافسة الصين. كما أن الدعم الصيني مرهون بعلاقة الصين مع الدول الأخرى خاصة الدول الكبرى . وتعمل الصين في هذا السياق على إحداث نوع من التوازن بين علاقاتها بالدول الأفريقية من ناحية، وبين الدول الكبرى من ناحية أخرى. من جهة أخرى تلعب المنافسة من قبل الدول الكبرى مثل فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة، دورها من إثارة قلق الصين على مناطق نفوذها في إفريقيا خاصة مع تنامي مطامع بعض القوى الآسيوية الهامة في المنطقة مثل اليابان والهند وماليزيا وإيران وغيرها، علما أن هذه الدول تدخل لإفريقيا من نفس المدخل. وعلى ضوء ذلك تبدو التجربة الصينية في القارة السمراء جديرة بالاهتمام واستخلاص الدروس كالجزائر مثلا فعلاقتها مع الصين ضاربة في التاريخ، وكانت حاضرة في كل مراحل البناء الوطني وساهمت في تنظيم منظومة اقتصادية ذات وزن في مختلف جهات الوطن.