اعتبر العديد من الخبراء الاقتصاديين الأمريكيين بأن القمة الاقتصادية بين الصين وإفريقيا ستزيد من قوة عملاق آسيا، في حين سينكمش نفوذ الولاياتالمتحدة في القارة، لاسيما شمال إفريقيا وعلى رأسها الجزائر أهم الدول في المنطقة. وخلال لقاء جمعهم الجمعة الفارط، بواشنطن نظمه معهد "أمريكان انتربرايز" التابعة للإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي اعتبر مسؤولون قدامى واختصاصيون في الشؤون الاقتصادية في الولاياتالمتحدة بأن التوسع الاقتصادي للصين في إفريقيا يتزامن مع استراتيجية تهدف أساسا الى حيازة المواد الأولية الضرورية لتزويد صناعاتها، رغم أن الغرب يعد صاحب الحصة الكبرى في تخصيص الميزانيات ورؤوس الأموال في القارة السمراء. وأوضح المشاركون في هذا اللقاء بأن المد الصيني في إفريقيا من شأنه أن يتحول الى تسونامي تجاري يفتك بكل من المتنافسين الاخرين من الدول الغربية أولهم الولاياتالمتحدة. ويرى هؤلاء الخبراء أن اقتحام الصين السوق الجزائرية والعلاقة المميزة التي تجمع البلدين تعد بمثابة دليل على "الخطر" الذي تشكله بكين في وجه واشنطن. لذا دق هؤلاء الخبراء ناقوس الخطر محذرين الإدارة الأمريكية بشأن تزايد الحضور الصيني في القارة. وقد نبه وليام كانشتاينر النائب السابق للشؤون الإفريقية في وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية بطبيعة العلاقة التي تجمع الصين بشركائها الأفارقة، حيث قال "إن علاقة الصين بإفريقيا في مجال التعاون لم تعد كما كانت في الستينيات والسبعينيات مبنية على التقارب الإيديولوجي، بل تغيرت جذريا الآن وأصبحت تجارية محضة". وأشار المسؤول السابق إلى ارتفاع حجم المبادلات التجارية بين الجزائر والصين في السنوات الأخيرة إلى أرقام قياسية وكذا الاستثمارات في عدة قطاعات اقتصادية حساسة. ومعلوم ان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد شارك في المنتدى الإفريقي الصيني أيام الجمعة، السبت والأحد بالعاصمة بكين قبل أن يؤدي بعد ذلك زيارة رسمية للصين تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين في عدة مجالات، إضافة إلى تلك التي سبق وتعاونا فيها، من بينها الطاقة والمناجم والمواد الأولية. وفي هذا الشأن أوضح السيد كانشتاينر أن "حاجة الصين الماسة والمتزايدة لمواد الخام كالنفط والغاز والمعادن يفسر نموها التجاري مع إفريقيا"، حيث أن صادرتها قد قفزت الى 40 مليار دولار سنة 2006 بعد أن كانت 10 ملايير سنة 2005 وهو ما يمثل 6.8 بالمائة من حصتها في السوق الإفريقية مقابل 5.8 بالمائة للولايات المتحدة. وزيادة على ذلك استثمرت الصين 4 ملايير دولار في مشاريع التنقيب وإنتاج النفط في السودان، إضافة الى إنجاز ميناء وأنابيب نفط. من جهة أخرى، تزود أنغولا الصين بحوالي522.000 برميل يوميا من النفط وهي أكبر حصة تشتريها من إفريقيا. ويعتقد المسؤول الأمريكي السابق أن تطمح بكين في مضاعفة إمداداتها من النفط الخام بإبرام صفقات إضافية مع الجزائر تتعدى إلى مشتقات البترول والغاز. وردا على انتشار الصين في أنغولا قال بول هار السفير السابق والرئيس الحالي للغرفة التجارية الأمريكية الأنغولية إن المتعاملين الأمريكيين قرروا ضمان حضورهم في هذا البلد. وعليه، كما ذكر، أبرمت شركة بوينغ عقدا قيمته مليار دولار مع شركة الخطوط الجوية الأنغولية لتزويدها بطائرات مدنية، إلا أن السيد هار أشار إلى أن "الصين متواجدة في إفريقيا لفترة طويلة وعلى الأقل مدة وجود النفط"، مؤكدا بأنها ستعمل أساسا على توطيد مركزها في شمال القارة لاسيما مع "حليفها الجزائر" الدولة الغنية بالنفط وبالمعادن، غير أن تواجدها، مقارنة مع الشركات الأمريكية في مجال النفط، سيكون متواضعا. ومع ذلك، فإن المبادلات التجارية بين الصين والجزائر، خامس شريك من حيث الأهمية للصين في القارة السمراء، قد بلغت 1.7 مليار دولار سنة 2005، أي بنمو بلغ 42.7 بالمائة، مقارنة مع سنة 2004، في الوقت الذي بلغت حقيبة الاستثمارات الصينية في الجزائر 600 مليون دولار وهي مرشحة للارتفاع. وأثناء المنتدى الإفريقي الصيني دعا الرئيس بوتفليقة الى دعم التواجد الصيني في القارة الإفريقية، مشيرا الى سعي الجزائر للتعامل مع بكين في مجال المواد الأولية مقابل التكنولوجية الصينية. ويرى الخبراء في أمريكا بأن بوتفليقة يعمل على إعطاء فرص أكبر للتواجد الصيني في إطار معادلة التوازن بين الجزائر وشركائها الاخرين. وأمام طموحات الصين نصح السيد كانشتاينر المستثمرين الأمريكيين للإسراع بتجنيد أموالهم لاسيما في شراء أسهم الشركات الإفريقية بما فيها الجزائرية الموجهة للخوصصة، كما يقوم به الأوروبيون عن طريق بورصة لندن، لضمان تواجد أقوى للولايات المتحدة في القارة وحماية مصالحها. كمال منصاري