تأسّف المخرج المسرحي ورئيس جمعية المسرح البودواوي رضوان زوغاري لاندثار مسرح الشارع في الجزائر وتراجعه عن أداء دوره الفعّال في التوعية والتثقيف ونقل مضمون رسالة المسرح بطريقة مباشرة إلى الجمهور، مرجعا أسباب ذلك إلى عدة عوامل أبرزها «تفضيل أغلب المخرجين والممثلين تقديم عروضهم داخل القاعات المغلقة للتحكم أكثر في تقنيات العرض من إضاءة وسينوغرافيا على مواجهة الجمهور بطريقة ارتجالية.. اعتبر المخرج المسرحي رضوان زوغاري في رده على سؤال الشعب حول واقع مسرح الشارع في الجزائر وأسباب تراجعه على الساحة وحتى من حيث اهتمام المسرحيين «أن هذا النوع من المسرح يعتبر من أرقي الفنون والعروض التي ربطت الجمهور وهواة الفن الرابع بالممثلين منذ عقود طويلة وحتى في الحضارات القديمة، خاصة الرومانية منها، كما عرفته الجزائر ولو بصفة رمزية خلال الفترة الاستعمارية انطلاقا من العروض والمدح الذي كانت تشهده بعض الأسواق الشعبية في محاولة لتقديم رسائل هادفة أغلبها مرتبطة بالنضال الوطني واستنهاض الهمم لمقاومة الوجود الفرنسي»، وأضاف زوغاري «أن هذا النوع من المسرح استمر أيضا بعد الاستقلال لكن بطريقة محتشمة إلى غاية اندثاره الشبه التام لأسباب متعدّدة وانحصاره داخل قاعات العروض المغلقة..». وفي رده على سؤال حول إمكانية ربط تراجع مسرح الشارع كفن قائم بذاته بتدني أداء الفرق المسرحية وضعف تحكم الممثلين في العروض الارتجالية ومواجهة الجمهور بطريقة مباشرة، أكد رئيس المسرح البودواوي بالقول، «أن هذه الفكرة يمكن اعتبارها صحيحة نوعا ما بالنظر إلى الواقع العام للفن الرابع بالجزائر الذي يشهد تراجعا نسبيا من حيث الإنتاج والأداء رغم وجود الكثير من المبادرات والمجهودات المبذولة من قبل الممثلين والمخرجين وكذا كتاب السيناريو في الحفاظ على مستوى المسرح الجزائري وحتى محليا انطلاقا من الأعمال المقدمة من قبل الفرق المسرحية العديدة الناشطة بولاية بومرداس رغم نقص الإمكانيات وقاعات العرض المهيأة، وأضاف المخرج: «أن تراجع مسرح الشارع يمكن ربطه أيضا بأسباب أخرى ربما تتعلّق بالرفض الضمني لبعض المخرجين في الفرق المسرحية من تغييب لمستهم الفنية من حيث إدارة العرض والتحكم التقني وتوجيه الممثلين على الخشبة، وهي اللمسات المغيبة حسب قول المخرج في عروض مسرح الشارع التي يحتكر فيها الممثل أو الممثلين نسبة كبيرة من العرض عند مواجهة الجمهور بطريقة ارتجالية وهي مهمة تتطلّب أيضا ممثلين في المستوى من أجل التحكم وإدارة العرض بطريقة احترافية وعفوية دون اللجوء إلى عملية التركيب وتغذية اللوحات الفنية بصوت الموسيقى والإنارة وغيرها من التقنيات الأخرى التي تعطي حرية للمثل في الانتقال من جزء إلى آخر وحتى تغيير ديكور العرض وأخذ بعض الأوقات المستقطعة لتدارك بعض النقائص وهي المزايا التي ربما يفتقدها مسرح الشارع الذي لا يملك فيه الممثل إلا إمكانياته وقدراته الفنية وشجاعته في مواجهة الجمهور وإقناعه برسالته واحترافيته أيضا في الخروج من بعض المواقف الصعبة دون الإخلال بطبيعة العرض. وعن إمكانية اقتحام فرقة المسرح البودواوي لهذا النوع من المسرح، خاصة في ظلّ وجود فرقة مسرحية للأطفال ناشطة في فعاليات مسرح الطفل التي يحتضنها المركز الثقافي لبودواو كل سنة، رحّب رضوان زوغاري بالفكرة واعتبرها من الأهداف التي تسعى إليها الجمعية وبالأخص لدى الناشئة وقال: «أن الجمعية بدأت تهتم بمسرح الشارع من خلال توظيفه بطريقة بسيطة قبل انطلاق الطبعة الجديدة لمسرح الطفل، حيث يقوم عدد من الممثلين في فرقة الأطفال ببعض النشاطات الفنية في الشارع والساحات العامة لدعوة الجمهور بالحضور كنوع من الإعلان والإشهار وأيضا محاولة ترغيب هواة المسرح والجمهور العريض بأهمية حضور هذه العروض المسرحية باعتباره عاملا مهما وشرطا من شروط إنجاح مثل هذه التظاهرات الفنية في ظلّ إشكالية العزوف التي تعاني منها قاعات العروض التي تعتبر من أهم التحديات المطروحة حاليا أمام أسرة الفن الرابع بهدف إسترجاع هذا الجمهور إلى الركح المسرحي على حدّ قوله