أثار المتعاملون في قطاع السياحة، جملة من العراقيل والعقبات التي تحول دون انطلاق مشاريعهم الاستثمارية، ويأتي في مقدمتها مشكل التمويل الذي يواجهونه مع البنوك، ونقص الأوعية العقارية «العقار السياحي». هذه الانشغالات الكثيرة طرحت في اليوم الدراسي حول السياحة الداخلية، الذي نظم بفندق الهلتون، وذلك على هامش الصالون الدولي للسياحة والاسفار. وبعد استماعه للمتعاملين خلال النقاش الكبير في هذا اليوم الدراسي، يوم الخميس وتناول موضوع السياحة الداخلية وكيفية تطويرها استجابة للطلب الداخلي، أكد الوزير اسماعيل ميمون أن الدولة لن تتنصل من القطاع، وأن تنظيم ومرافقة المستثمرين هي مهام تضطلع بها السلطات العمومية. وفي هذا السياق أفاد المسؤول الأول على القطاع أن اللقاء الوطني الهام الذي ينظم الاسبوع الأول أو الثاني على أقصى تقدير من جانفي 2011، يتناول بعمق كافة المشاكل والحلول الممكنة، لانطلاقة حقيقية لقطاع ظل يحتضر لعشرات السنين في ظل الاهمال. وتناول النقاش مشكل التمويل الذي بدونه لا تكون هناك استثمارات ومشاريع لانجاز الهياكل القاعدية، وهي مسألة لا يمكن للسياحة أن تنهض وتتطور من غيرها، خاصة السياحة الداخلية التي تقوم على تشجيع الاستثمار السياحي، واعادة تأهيل الحظيرة الفندقية وفقا للمعايير الدولية، والاستغلال الأنجع لمختلف اشكال الايواء، وتوفير وسائل النقل المناسبة بأسعار تفاضلية غير أن البنوك تبقى تتعامل بتحفظ وترفض في كثير من الأحيان منح قروض لإنجاز المشاريع السياحية. وقد أجاب على هذا الانشغال عبد الرحمان بن خالفة رئيس جمعية البنوك والمؤسسات المصرفية، وقال: أن البنوك لا تمول السياسات القطاعية وانما المشاريع الكبرى ذات المردودية المالية أي المشاريع الناجحة. وأوضح بن خالفة في هذا السياق وبصراحة كبيرة أن البنوك «تخشى» التعامل مع قطاعي الفلاحة والسياحة نظرا لخصوصيتها، وليس لهذا التعامل علاقة بكلفة المشاريع، لأن البنوك قادرة على تمويل استثمارات بقيمة 1200 مليار دج. وركز المتحدث على نقطة يراها هامة والمتمثلة في أن إنجاز المشاريع لابد أن تكون بالمرافقة بعد أن يخضع المشروع لدراسة معمقة من كافة الجوانب، مستغربا من أن هناك مشاريع أعمال بقيمة 30 مليار دج و 40 مليار دج بدون أي دراسة ولا مرافقة، وهذا ما يجعل البنوك تتخوف من منح القروض. بالاضافة إلى التمويل يواجه المستثمرون مشكل العقار لإنجاز الهياكل القاعدية من مطاعم، فنادق ومركبات سياحية، التي تعد أساس تطوير السياحة الداخلية، وهي سياحة تلقى اهتمام أكبر من قبل السلطات العمومية، بالنظر لما لها من انعكاسات اجتماعية واقتصادية على المستوى المحلي.. وعلى هذا الأساس تعتزم الدولة ايلاء هذا القطاع الذي يخلق الثروات ومناصب الشغل، دورا محوريا في تحريك النشاط الخدماتي، بتوفير الآليات الضرورية لتشجيع الاستثمار السياحي وتخصيص الامكانيات المادية اللازمة بذلك، بما فيها تعزيز الهياكل القاعدية وحل مشكلة نقص الأوعية العقارية. وتعد تنمية السياحة الاستقبالية إحدى أولويات الخطة المعتمدة للنهوض بالسياحة، ولذلك فإن تطوير السياحة الداخلية يلقى اهتماما كبيرا من طرف الدولة، لما لها من انعكاسات اجتماعية واقتصادية على المستوى المحلي، وذلك بالاستفادة من تجارب الدول التي تعرف فيها السياحة الداخلية تطورا كبيرا. وهناك اهتمام واسع ومتزايد لتطوير السياحة الداخلية على المستوى العالمي، نظرا لدورها في تحقيق الحركية الاقتصادية والتجارية المحلية والرفع من المستوى المعيشي للأقاليم والسكان المستقبلين للسواح. وتعد فرنسا من بين الدول التي طورت سياحتها الداخلية على نحو تحصلت منها على مداخيل تصل إلى 1،26 مليار أورو حسب ما أكده جون مارك ماينون رئيس المنظمة العالمية للسياحة الاجتماعية من خلال مداخلته في اللقاء، مبرزا في هذا الصدد أن السياحة الداخلية أقل تأثرا بالمستجدات والأزمات العالمية، وهذا ما يجعل الاستثمار لتطويرها مثمرا.