بإعلان رئيس حركة مجتمع السلم “حمس” عبد الرزاق مقري، الذي خلف نفسه في المنصب خلال أشغال المؤتمر الاستثنائي السابع، عن إجراء اتصالات مع القوى السياسية الحية في البلاد بهدف الوصول إلى توافق وطني، يكون قد انضم إلى عدة أحزاب سبقته في طرح الفكرة بينها حزب جبهة القوى الاشتراكية “الأفافاس”، وكذا حركة الإصلاح الوطني، التي لم تنجح في تكليلها بنتيجة. كما كان متوقّعا عبد الرزاق مقري الذي ضمن عهدة جديدة على رأس “حمس”، لم ينتظر كثيرا للكشف عن أهم ما يعتزم القيام به، وعلاوة على تأكيد مشاركة الحركة في الانتخابات الرئاسية للعام 2019، فإنّه تحدث عن اعتزام الحركة الدخول في اتصالات واسعة من أجل تحقيق توافق وطني، فكرة قديمة جديدة ما دام كل المبادرين بها عجزوا عن تجسيدها في أرض الواقع. رهان مقري على الاتصالات مع القوى الحية لتحقيق توافق وطني التي سبقه إليها “الأفافاس”، يبدو غريبا ليس فقط لكونه خلال العهدة الأولى عاد للتموقع في المعارضة، ليبرز اختلافه عن سابقه أبو جرة سلطاني، الذي شارك في الحكومة، وكذا في التحالف الرئاسي إلى جانب حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، مغيرا بذلك موقع الحزب من خندق المعارضة إلى الموالاة. كما أنّ مقري لا طالما اعترض على مشاركة “حمس” في الحكومة، ولم يساند “الأفافاس” رغم أنه رافع لطرح مماثل، ولا تشكيلات أخرى ذهبت في نفس الاتجاه، أمر سيعقّد من مهمته قليلا لاسيما وأن هذه الأحزاب قد قوبلت مبادرتها بالرفض، أو عدم التفاعل، وبالنسبة لحزب جبهة القوى الاشتراكية فيحسب له على الأقل استضافته من قبل أغلب التشكيلات السياسية، بما فيها الموالاة، هل تنجح قيادة “حمس” أين فشلت أحزاب أخرى؟ ولعل الأمر الأكيد أنّ الرهان على التوافق الوطني والتواصل مع الطبقة السياسية والحكومة، يعتبر منعرجا في السياسة التي تعتمدها القيادة القديمة الجديدة ل “حمس”، بعدما اختارت في وقت سابق التخندق في المعارضة مجددا، رافضة المشاركة في الجهاز التنفيذي، ورغم خيار مقري للقيام بمشاورات تخص الوفاق الوطني، الذي يؤكد تغيير المنهج المعتمد خلال عهدته الأولى، إلا أن مهمة مقري في إقناع زملائه من قادة التشكيلات السياسية الأخرى، قد يكون مصيرها نفس مصير التجارب السابقة. وفشل مثل هذه المبادرات التي تعود في كل مرة إلى الواجهة تحت غطاء تحقيق الوفاق الوطني، يعود بدرجة أولى إلى الأنانية السياسية على الأرجح، كون كل تشكيلة تريد أن تحسب المبادرة لها، وتكون القافلة ما يعتبر مكسبا لها، لاسيما وأنّه لا يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية سوى أشهر.