تعد مشكلة انفصال جنوب السودان معضلة تهدد سيادة الدول المستقلة وهي سابقة لا ينبغي ان تعالج بانفعال بقدر ما تتطلب متابعة هادئة ومسؤولة ليس من جانب السودان نفسه فقط وانما من كافة البلدان العربية والإسلامية التي يتعاظم دورها اكثر فاكثر في ظل العولمة الجارفة لكل ما يمثل حجر عثرة امام عودة الاستعمار القديم الجديد أو يمثل مطلبا اقتصاديا واجتماعيا للشعوب التواقة بشكل مستدام لاوضاع افضل. حقيقة لعبت اليد الاستعمارية وعبثت ادواتها بما فيها تلك التي تشتغل لحساب الكيان الصهيوني في الأرض السودانية وكل ما انجر عن ذلك المسلسل الى اليوم هو تحصيل حاصل وغير مفاجئ لكن أين هي الجرأة في القيام بتشخيص موضوعي فيه نقد ذاتي من جانب المسؤولين في بلاد النيل التي حباها الله بخيرات تصنفها في مرتبة سلة غذاء العالم العربي وجانب من افريقيا. هنا من المفيد أن تطرح اسئلة كثيرة حول ما قامت به الحكومات السودانية تجاه الجنوب من حيث حجم الاستثمارات وبناء المنشآت القاعدية للتنمية وفك العزلة وما مدى الاستثمار في التنمية البشرية في ربوع تلك الأرض الاستراتيجية للسودان بما فيها من خيرات هي محل اطماع الدول الصناعية الكبرى أم أن الصراعات المحتدة على السلطة في الخرطوم كانت أولوية الأولويات إلى أن حصل ما يحصل للأسف على امل أن يستفيق أهل الجنوب الى مخاطر الانفصال وقد يعود الحنين الى الوحدة وفقا لاسس جديدة ومنصفة حول مصالح عادلة وشفافة للسكان من مختلف الجوانب. الم يسقط السودان في مطبات ازمة سودانية ضاعفت من حدتها عوامل اجنبية وجدت الفراغ فعاثت في الارض فسادا وراء الترويج لاحلام قد تتحول الى كوابيس في المدى القريب ومن ثمة اليست انانية النظام والتشبث بالحكم بعيدا عن ارساء ديمقراطية طيلة اكثر من عشرين سنة على الاقل عن حق او باطل هي من الاسباب الجوهرية وراء حدوث ما يتعرض اليه السودان وبعبارة اخرى هل الانفصال ثمن للانانية في التحكم بالسلطة على حساب مصير الدولة. لقد ادى التناحر على السلطة الى انكماش دور الدولة الوطنية وبروز حالة من الانتقام بين مختلف جهات السودان ليس الجنوب فقط وانما مسألة دارفور التي تستنزف بلد كبير كان بامكانه ان يكون في وضع افضل لكن بامكانه ان يكون كذلك لو يتخلص الشمال من نزعة الانانية ويقيم مساحة اكبر للديمقراطية ويؤسس لروح المواطنة وسلطة المؤسسات الشرعية فقد يشد اليه اهتمام الجنوب لتعود الوحدة يوما ليس بالقوة وانما بالاقناع والحجة التنموية بالدرجة الاولى.