الأرقام الرسمية التي أعلن عنها مؤخرا الديوان الوطني للإحصائيات حول تراجع نسبة البطالة من 30 ٪ الى 10 ٪ خلال العشرة سنوات الماضية، لا يبدو انها لم تقنع الخبير المختص في الموارد البشرية السيد عبد الحق لعميري، الذي وبدون أي تردد قال انها قد تتراوح ما بين 17 ٪ و18 ٪ في أحسن الأحوال. هي إذن ارقام مبالغ فيها يقول نفس المتحدث في تصريح خاص ل «الشعب» على هامش الندوة الفكرية التي نظمها امس مركز الدراسات الاستيراتيجية، ليضيف ان البطالة تمس نسبة هامة من الشباب الجامعي الذين تحصلوا على نوع من التكوين لم يؤد الا الى البطالة، ليضافوا الى سلسلة البطالين الذين يحالون سنويا على سوق العمل دون ان تتوفر لهم فرص الحصول على منصب في ظل الظروف الراهنة التي لا تزال تطبع العلاقة غير المتكافئة بين التكوين وحاجيات الإقتصاد والأولويات التي يفترض ان تكون محور هذا التكوين. وفيما يتعلق بالأرقام الرسمية للديوان الوطني للإحصائيات فقد سجل هذا الأخير ان البطالة تمس فئة الجامعيين أكثر وخاصة أصحاب الشهادات بنسبة 21،4 ٪ الذين عجزوا عن إيجاد مناصب عمل حسب تكوينهم، وفي هذا الصدد اقترح السيد لعميري على الجهات الرسمية إنشاء مؤسسات على مستوى البلديات والجامعات وفي مراكز التكوين المهني من أجل امتصاص ظاهرة البطالة المتفشية في هذه الفئة العريضة من المجتمع الجزائري، معتبرا ان الجزائر تتوفر على العديد من القنوات والطرق التي تسمح لها بحل المشكل بشكل جذري شريطة اعتماد العقلانية والذكاء في تحديد الميادين التي لا تزال شاغرة وغير مستغلة والتي ترتبط مباشرة بالاحتياجات الأساسية للبلاد، وفي هذا الصدد استدل الباحث بقطاع حيوي وحساس ألا وهو إنتاج الحليب الذي يكلف البلاد سنويا ما مقداره 800 مليون دولار في شكل واردات، موضحا أنه على الدولة اعطاء الاولوية لتوفير هذه المادة الحيوية محليا عن طريق إدماج شريحة من الشباب في الإنتاج، من خلال خلق مؤسسات خاصة بذلك ومرافقتها الى أن تصبح فاعلة، والامر لا يقتصر فقط على هذا الفرع الحيوي لتوفير مناصب شغل وإنما يمكن لأصحاب القرار حصر كافة القنوات التي من شأنها المساهمة في توفير المزيد من مناصب الشغل لامتصاص البطالة فعليا، وليس من خلال التقارير والتحقيقات التي تسوق دوريا والتي لم تحل اشكالية البطالة أصلا. ظاهرة البطالة الناجمة أصلا عن غياب رؤية واضحة في سياسة التكوين، تظل مطروحة بإلحاح طالما أن عملية إنشاء المؤسسات تظل دون مستوى المعدل المطلوب، فالجزائر لا تنشئ سوى 70 مؤسسة جديدة لكل 100 شخص سنويا، في حين المعدل السنوي المنوط يفوق ذلك بخمسة أضعاف على الصعيد الخارجي. ويستخلص لعميري أن حل إشكالية التكوين والبطالة لإدماج الشباب لن تتحقق الا اذا تم ربط النظام التكويني مع احتياجات الإقتصاد عموما حتى لا تساهم الدولة في رفع معدلات البطالة من خلال الاستمرار في سياسة التكوين المؤدية الى البطالة. سلوى روابحية