أكد البروفيسور في العلوم الاقتصادية، دراجي كريمو، أن المنتجات الجزائرية شهدت تطوّرا ملحوظا في مجالات متعدّدة مثل الصناعات الغذائية، والمنتجات الفلاحية، والصناعات الصيدلانية، وحتى الصناعات التحويلية، مشيرا إلى أن التحدي الأكبر يبقى مرتبطا بالتحكّم في معايير الجودة والمطابقة للمواصفات الدولية لضمان منافسة قوية في الأسواق الخارجية لترقية الصادرات خارج المحروقات. وأوضح دراجي في تصريح ل"المساء"، أمس، أن المنتجات الجزائرية أصبحت تتمتع بجودة عالية في السنوات، مؤكدا أن تحقيق تنافسية أعلى وتمكين المنتجات الجزائرية من ولوج الأسواق الخارجية بأريحية يستدعي التركيز المستمر على تحسين الجودة حتى وإن كانت هذه المنتجات ذات نوعية، من خلال اعتماد معايير إنتاج دولية، وتطوير التعبئة والتغليف لتلبية أذواق واحتياجات المستهلكين في الأسواق المستهدفة خاصة بأوروبا والأسواق التي تولي اهتماما كبيرا لطريقة تغليف وتعليب المنتجات، وكذا تعزيز الابتكار عبر الاستثمار في البحث والتطوير، إضافة إلى العمل على خفض التكاليف من خلال تحسين الكفاءة الإنتاجية والاستفادة من الموارد المحلية للتقليص من تكاليف الإنتاج مما ينعكس في الأخير على أسعار المنتجات النهائية. وأشار بأن التوجّه للتصدير نحو أوروبا والدول المتطوّرة التي تفرض شروطا صارمة يستدعي الامتثال للمعايير الصحية والبيئية التي تفرضها هذه الأسواق، وتحسين سلاسل الإمداد لضمان تسليم سريع ومنتظم، وكذا الاستفادة من اتفاقيات الشراكة لتسهيل النفاذ إلى الأسواق الأوروبية، مع التركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، مشيرا إلى ضرورة التفاوض حول هذا الموضوع في حال إعادة النظر في اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لتسهيل تصدير المنتجات الجزائرية التي لازالت مرفوضة وممنوعة من دخول دول الاتحاد. كما ركّز البروفيسور على ضرورة إنشاء مخابر وطنية معتمدة دوليا لفحص المنتجات قبل التصدير، وتكوين المتعاملين الجزائريين في مجالات التصدير وتعريفهم بقوانين الأسواق التي يستهدفونها مسبقا قبل الشروع في التصدير، تفاديا للاصطدام بقانون يمنع دخول منتجاتهم إلى تلك الأسواق، وبالتالي تكبّدهم لخسائر كبيرة. وقال المختص في التحليل الاقتصادي إن نوعية المنتجات الجزائرية تمكّنها من ولوج أسواق جديدة تلقى فيها تنافسية كبيرة، كونها غير مشبعة ولا تفرض شروطا تعجيزية على المنتجات ولا تركز على الجانب الشكلي المتمثل في التغليف والتعليب بقدر ما تهتم بنوعية المنتوج وجودته وذوقه خاصة ما تعلق بالمنتجات الغذائية والفلاحية من خضر وفواكه المعروفة بجودتها ومذاقها الفريد من نوعه. وأكد دراجي أن الأسواق البديلة المناسبة للمنتجات الجزائرية إلى جانب الأسواق الأوروبية، هي أسواق الدول الإفريقية التي لازالت أسواقا عذراء وبدأت تعرف تحسّنا لقدرتها الشرائية، والتي يمكن رفع حصة الصادرات الجزائرية باتجاهها خاصة في إطار اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية بالاستفادة من المزايا التي توفّرها هذه المنطقة، إلى جانب الأسواق الآسيوية التي تظهر طلبا متزايدا على المنتجات الفلاحية، وأيضا الدول العربية التي تمتاز بتشابه احتياجات أذواق مستهلكيها مع نوعية المنتجات الجزائرية، إلى جانب دول أمريكا اللاتينية كوجهة جديدة للمنتجات الفلاحية والمواد الخام. وأشار دراجي إلى أن تسهيل تصدير المنتجات الجزائرية بالرغم من جودتها يستدعي وضع استراتيجية وطنية للتصدير تحدّد الأولويات والأسواق المستهدفة ورؤية متكاملة تجمع بين الجودة، والابتكار، والتسويق المدروس، مع التفكير في دعم الناقلات الوطنية لتقليل تكاليف النقل وتحسين اللوجستيك، وكذا توفير حوافز ضريبية للمصدّرين لتشجيعهم على دخول أسواق جديدة، وإنشاء هيئات متخصّصة في التصدير لمرافقة المنتجين وتوفير الدعم الفني والتسويقي، وتكثيف المعارض الدولية للتعريف بالمنتجات الجزائرية.