تبرأ عديد الصحافيين والكتاب والنشطاء العرب من البيان الصادر مؤخرا عن اتحاد الصحافيين العرب الذي دعّم فيه ما يسمى مقترح "الحكم الذاتي" المغربي في الصحراء الغربية، في خرق مفضوح لكل القوانين والشرعية الدولية المقرة بأحقية شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره. تواصلت مجموعة من الصحافيين والنشطاء مع اتحاد الصحفيين والكتاب والأدباء الصحراويين الذين استنكروا بشدة بيان اتحاد الصحافيين العرب الذي أصدره في اجتماع عقده مؤخرا في إحدى الدول الخليجية دون أن يذكروها بالاسم. ومن بين هؤلاء رئيس اللجنة العربية للتضامن مع الشعب الصحراوي، محمود الصالح، الذي وصف موقف الاتحاد بأنه غير قانوني وغير شرعي ولا يمت للحق بصلة، واعتبره موقفا سياسيا جاء إرضاء للنظام المغربي، مؤكدا أنه لا يعبر عن موقف الصحافيين العرب الذي ترجمه الصحافيون خلال أكثر من نصف قرن، عبر آلاف المواقف الإعلامية والتحقيقات الصحافية وأيضا البحوث العلمية والتاريخية في هذا المجال. وقال "لذلك نحن في اللجنة العربية نؤكد من جديد على حقّ الشعب العربي الصحراوي في تقرير مصيره وإعلان دولته المستقلة على أرضه المعروفة دوليا والمعرّفة تاريخيا"، وأضاف أن "هذا الحقّ هو حقّ قانوني رعته الشرعية والقوانين الدولية وليس تكرّما من أحد أن يعطي هذا الشعب هذا الحق .. فقضية الشعب الصحراوي هي قضية تصفية استعمار بامتياز وهو ما نصّت عليه كل المواثيق والقوانين الدولية". وأكد محمود الصالح، أن "الصحراء الغربية لا تنتمي لا في التاريخ ولا في الجغرافيا ولا في العادات ولا في التقاليد ولا في الموروث الشعبي للمملكة المغربية بأي صلة، وبالتالي فإن أي موقف أو إعلان من اتحاد الصحافيين العرب لن يغير من هذه الحقيقة بأي شيء ولا يعطي الحق لأي جهة أيضا أن تقوم بهذا الفعل". ونفس الموقف عبّر عنه حمدي الحسيني، كاتب صحفي مصري مساند للقضية الصحراوية، والذي شبّه ما حدث في اجتماع اتحاد الصحافيين العرب بالمثل القائل "جاء يكحلها عماها"، حيث قال إن هؤلاء المشاركين في هذا الاجتماع جاؤوا لمجاملة الدولة المغربية لكنهم ألقوا الضوء من حيث لا يدرون على القضية الصحراوية العادلة. وأرجع إصدار مثل هذا البيان إلى الحضور المغربي القوي في هذا الاتحاد الذي وصفه بأنه هزيل وضعيف ولا حضور له باستثناء بياناته التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وأوضح بأن الكثير من الصحافيين العرب والخليجيين لا يعرفون سوى القليل عن الصحراويين وعن قضيتهم العادلة، وبالتأكيد سوف يتساءلون عن مسألة الصحراء الغربية والسيادة المغربية وعن ما يتناوله البيان من بعض المعلومات المغلوطة. تضليل إعلامي عربي مكثف حول القضية الصحراوية أكد الكاتب والصحفي المصري أن هناك قضية للشعب الصحراوي عادلة ونضال شريف من أجل التحرر والحصول على تقرير مصيره وأن هذه القضية لا زالت مطروحة بالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، مبديا أسفه لكون هذه القضية مجهولة في الإعلام العربي بفعل فاعل وأن هناك تهميش ومحاولة تعتيم وتضليل إعلامي عربي مكثف حول هذه القضية حتى لا تصل إلى الرأي العام. لكنه طمأن بأن "شرفاء العرب كثر وأصحاب الضمائر الحية كثر وليس فقط في الجانب الغربي ولا في الضفة الأخرى من أوروبا التي صنعت إحدى دولها هذه المأساة للشعب الصحراوي". مضيفا بالقول "لو تصرفّت، في إشارة إلى إسبانيا، بحكمة بعد انسحابها من الصحراء الغربية وسلمتها لشعبها الذي ناضل وقاوم على الاحتلال الاسباني الذي خرج مهزوما مخزيا لما كانت هذه المأساة. ولكن هناك حسابات أخرى للمحتل الغربي وهناك مبادلات ومساومات وأشياء أخرى كانت وراء صناعة هذه المأساة التي استمرت حتى الآن ما يقرب نصف قرن". أما الصحفية الفلسطينية، صابرين ذياب، فقد أكدت أن أبناء الشعب الفلسطيني كانوا دائما إلى جانب الشعوب في حق تقرير المصير وفق الشرائع الدولية، قائلة "موقفنا ينطلق من نضالنا في الوطن المحتل للحصول على حقنا في تقرير المصير وتحقيق دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف"، وبالتالي "نطالب أن يكون لأبناء الشعب الصحراوي هذا الحق في تقرير المصير والحصول على دولة مستقلة أسوة بشعوب العالم التي تحرّرت من الاستعمار". كما تقاسم حسين أبو راس، وهو سياسي فلسطيني نفس الرأي مصرحا في هذا الصدد "موقفنا واضح تجاه الشعوب في حقها في تقرير المصير وفق الشرائع الدولية وموقفنا ينطلق من نضالنا في فلسطين للحصول على حقنا في تقرير المصير"، وأضاف في هذا السياق "نطالب أن يكون لأبناء الشعوب ومنهم أبناء الشعب الصحراوي هذا الحق في تقرير المصير والحصول على دولة مستقلة أسوة بشعوب العالم التي تحرّرت من الاستعمار". ضرب كل مواثيق وأخلاقيات المهنة عرض الحائط أما جيهان اللواتي، وهي عضو نقابة الصحافيين التونسيين وعضو الاتحاد الإفريقي للصحفيين، فقد عبّرت عن استغرابها الشديد للموقف الأخير لاتحاد الصحافيين العرب المتداول في وسائل الإعلام المغربية، والتي وصفت هذا الموقف بأنه داعم لما سمته مقترح "الحكم الذاتي" ضمن السيادة المغربية في الصحراء الغربية. وقالت إن "هذا الموقف يضرب بعمق كل مواثيق وأخلاقيات المهنة الصحفية وأيضا كل مواثيق وأخلاقيات العمل النقابي الذي من أدبياته أن يكون مساندا لحق الشعوب في تقرير مصيرها، فضلا عن ضرورة الالتزام الحيادية والانتصار للعدالة من قبل كل من يعتبر نفسه نقابيا ومدافعا عن حقوق زملائه". وعبّرت عن أسفها لبيان الاجتماع الأخير لاتحاد الصحافيين العرب، الذي قالت بأنه في الوقت الذي كان يفترض أن يكون صوتا لكل الصحافيين والصحفيات في المنطقة، إلا أنه "للأسف ضرب في عمق كل الآمال التي كانت معلّقة عليه، خاصة بعد الخيبات الكبيرة التي شهدناها من هذا الهيكل المفعول به"، مشيرة إلى أن هذا الاتحاد وحتى اليوم لم يصدر ولو بيانا واحدا أمام "الاعتداءات والسجون التي يقبع فيها الصحفيون والصحفيات في الأقطار العربية وخاصة المملكة العربية". ويرى الناشط والإعلامي اليمني، عبد العزيز الترب، بأن الوقت قد حان لكي يتمتع الشعب الصحراوي بحق تقرير المصير بعد كفاحه الطويل، مشيرا إلى أن هذا الشعب بحاجة للدعم وتقرير مصيره بحكومة ودولة مستقلة ذات سيادة. وقال "كما انتصرت غزة ينتصر الشعب الصحراوي الذي يستحق منا كل الدعم والرعاية". من جانبها قالت هيفاء ناشطة حقوقية أردنية لقد "فوجئنا بصدور بيان عن اتحاد الصحافيين العرب بالوقوف إلى جانب المغرب في موضوع الصحراء الغربية ويدعو إلى الحكم الذاتي"، مشدّدة بأن "هذا الموقف المتخذ من قبل الاتحاد لا يعبر عن حقيقة الموقف الإعلامي العربي الذي كان ومازال يقف إلى حق الشعوب في تقرير المصير". وأشارت إلى أن نضال أبناء الصحراء الغربية لأكثر من نصف قرن لا يمكن تجاهله بقرار غير مسؤول ناجم عن موقف سياسي لأنظمة عربية، مؤكدة أن موقف الإعلام العربي من القضية الصحراوية جسدته آلاف المقالات للصحافيين العرب منذ سنوات. وقالت "نحن في القوى الشعبية الأردنية نعلن إدانتنا لهذا الموقف لاتحاد الصحافيين العرب ونؤكد على حقّ الشعب الصحراوي في التحرّر وإنشاء دولته المستقلة". وكان اتحاد الصحفيين والكتاب والأدباء الصحراويين الذي أشاد بمواقف التضامن التي تلقاها من قبل الهيئات والمؤسّسات الإعلامية العربية ومن صحفيين آثروا على أنفسهم نصرة القضايا العادلة، دعا إلى مضاعفة الجهود من أجل تحصين المكتسبات المهنية وتوطيدها بما يقوّي الهيئات الإعلامية الدولية في التشبث بقيم وأهداف العمل الصحفي وأخلاقياته.