محمد خوان يتحادث مع رئيس الوفد الإيراني    هذه توجيهات الرئيس للحكومة الجديدة    النفقان الأرضيان يوضعان حيز الخدمة    رواد الأعمال الشباب محور يوم دراسي    توقيع 5 مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    الصحراء الغربية والريف آخر مستعمرتين في إفريقيا    مشاهد مرعبة من قلب جحيم غزّة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    على فرنسا الاعتراف بجرائمها منذ 1830    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    الخضر أبطال إفريقيا    ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ    فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    مجلس الأمة يشارك في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    "ترقية حقوق المرأة الريفية" محور يوم دراسي    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)        مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الإمام يكتمل بنزوله إلى الميدان والتفاعل مع الناس
إمام مسجد البشير الإبراهيمي بشارع الشهداء ل (الشعب):
نشر في الشعب يوم 05 - 02 - 2011

يلعب المسجد باعتباره مؤسسة جوارية تفاعلية دورا متقدما في تنمية مناخ الاستقرار والتعاطي بروح ايجابية مع التحولات في كافة المجالات ويضع الإنسان في قلب التوازنات باعتباره الغاية والوسيلة في الدفع بالمجتمع إلى مزيد من النمو بالتزود دوريا بطاقة لا تنضب من القيم والمعاني السامية في كنف الوضوح والهدوء بما في ذلك الإسهام في تصحيح المفاهيم بما يقضي على بقايا بذور الفتنة في مهدها خاصة وان البلاد قطعت شوطا معتبرا على درب ترسيخ مناخ الطمأنينة والمصالحة وأخذت طريق التنمية الشاملة والسلم الاجتماعي بكل ما تتطلبه من تاطير بقيم العدالة والشفافية واجتثاث الفساد.
بدعوة من جريدة «الشعب» زارنا السيد عبد القادر سناتي إمام مسجد البشير الإبراهيمي بشارع الشهداء فكان لنا معه حوار حول جملة من المواضيع ذات الشأن الاجتماعي والتربوي في ضوء ما يعيشه المجتمع من أحداث لا تترك صاحب ضمير دون تتبعها والسعي لمعالجتها بما في ذلك مؤسسة المسجد الذي يتأكد دوره في كل مرة ومن ثمة دور القائمين عليه.
بخصوص رسالة المسجد وجدوى الخطاب الديني في المرحلة الراهنة وكما كانت عليه دوما اعتبر ضيفنا أن المسجد باعتباره النواة النابضة والأساسية في العملية التربوية إذا ما قام بدوره تربويا وأخلاقيا تمكن المجتمع حينها من قطع شوط كبير على طريق التطور والرقي والحضارة والاستقرار فالمسجد يعتبر الرأس المفكر داخل المجتمع كونه يعيش اهتمامات الناس ويصغي لانشغالاتهم بطريقة أو أخرى، ومن ثمة يسهم في حلها و معالجتها من خلال ما يصل الإمام من معلومات بواسطة المجتمع وما يدور في خلد الشباب وحتى الشيوخ.
ولذلك المفروض أن لا ينتظر المسجد المبادرة من الغير وإنما هو أيضا يبادر بتقديم حلول واقتراحات ناجعة للقضاء على القلاقل في مهدها قبل أن تنتشر كالنار في الهشيم.
وحسب التجربة الشخصية تعد العلاقة بين المسجد والمحيط العام جيدة بحيث يمكن القول أن الناس يضعون ثقتهم في هذه المؤسسة الدينية والتربوية والثقافية تماما مثل ثقتهم في المؤسسات الدستورية التي تسهر على امن وسلامة البلاد لكونهم يرون في المسجد لا يأخذ شيئا بل الناس هم من يأخذون منه.
والملاحظ بشكل واضح مثلا أن من لديه مشكلة اجتماعية أو تربوية وحتى نفسية من مختلف الفئات الاجتماعية يلجأ إلى المسجد بواسطة الإمام فيخرج الفرد حينها أكثر ارتياحا لكونه وجد الأذن الصاغية والقلب الحنون واليد الممتدة التي ترتب على كتفيه وتطمئنه بعد أن تضخ فيه نفس جديدة وتشحنه بالعزيمة والرغبة في تحدي الأمر الواقع.
ومن ثمة لم يعد للإمام دور تقليدي يقبع بمقصورته لكنه بالعكس لا يمكنه تأدية دوره كاملا حتى تراه ينزل إلى المجتمع يستمع للناس ويجيبهم من خلال خطبة الجمعة، فهو بكل المقاييس شخص محظوظ لكونه يستقطب الناس من غير استدعاء ولهذا لا يقل دور المسجد أهمية عن باقي ادوار المؤسسات التي تؤطر الحياة الاجتماعية.
مشكلة غياب الحوار وغلق الأبواب
وعن سؤال يتعلق بالقلاقل الاجتماعية التي تنفجر من حين لآخر ومدى تعاطي المسجد معها أو مع ما يترتب عنها من مؤشرات تهدد الاستقرار، أوضح الشيخ الضيف أن منها ما هو مبرر ومنها ما هو مصطنع، وفي خضمها يجب أن يكون المسجد عدلا لا يظلم الناس ولا يتجنى على السلطات العمومية، ومن ثمة يسعى للبحث عن أفكار حلول من خلال تسليط الأضواء على الأسباب الأساسية المؤدية لاشتعال الشرارة ومنها كما يبدو في الساحة عموما غياب الخطاب والحوار وغلق الأبواب، وبالتالي الشاب الذي لا يجد عملا ولا من يصغي إليه ينزلق بسرعة إلى مثل تلك الأمور غير المحببة والتي لا تشرف الوطن ولا تحقق مصالحه لكن نفس الشاب إذا وجد من يصغي إليه ويحمل همه ويحدثه بكلام طيب فانه إذا لم يأخذ شيئا يخرج لا محالة من تلك الادارة أو المؤسسة بشحنة من الأمل لأنه وجد من يواسيه في مشكلته ويرشده نحو الحل.
ولذلك فان الحوار هو الآلية الكفيلة بالتصدي للمشكلات مع التأكيد على أهمية نزول المسؤولين إلى الشعب ومخاطبتهم بالحقيقة ونبذ الوعود الكاذبة التي تبنى في الأبراج العاجية وإعطاء المثل في السلوك اليومي.
الحرڤة والانتحار حرقا ظاهرتان دخيلتان على المجتمع
الحرقة هي كما تبدو تعبير عن انشغال لدى الشباب لأنه يعتقد أن الحل وراء البحر بفعل تأثره بمعلومات خاطئة تدفعه للاعتقاد بان أوروبا جنة، فتراه يغامر ويركب مخاطر البحر أملا في بلوغ تحقيق حلم يتحول إلى كابوس ذلك انه ما إن يصل يجد واقعا مخالفا تماما. هؤلاء الشباب وهم يركبون البحر دون ضمانات أو تأكيد للوصول أحياء هو انتحار الأمر الذي حرمه الله عز وجل إذ يقول «.. ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ..» ويقول «.. ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ..» واعتقد أن بلادنا حباها الله بثروات باطنية وبشرية قادرة على استيعاب جميع أبنائها شريطة التنظيم والعدل في تقسيم الثروات والقضاء على المحسوبية والحقرة بأشكالها والعمل بقاعدة تكافؤ الفرص حتى يعمل الجميع ويشارك في عملية البناء الشاملة.
أما بالنسبة لظاهرة الانتحار حرقا كشكل من أشكال التعبير عن الاحتجاج ورفض الواقع المر فهي دخيلة على مجتمعنا وتعكس وضعا كارثيا للإنسان. فهي تعود في الأصل إلى عدم الفهم الجيد لديننا والجهل بأحكامه بل تترجم عدم رضا المقدم عليها عن الله سبحانه وتعالى، فالإنسان الذي يقتل نفسه حرقا أو رميا من أعلى جبل إنما هو يزاحم الله في أمر بيده على اعتبار أن الحياة والموت بيد الله عز وجل وهو الذي يحيي ويميت، ويقول حديث قدسي لما يقتل الإنسان نفسه يقول الله سبحانه وتعالى «بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة».
وبالمناسبة أدعو الشباب إلى عدم الاستكانة للواقع وعدم الاتكال على الغير والعمل والنشاط والمبادرة ولو بامتهان الأشغال الحرة كما قال احدهم .. إبدأ بقلم رصاص أو حبر وسيجمع الله لك من القلم قلمين إلى أضعاف أضعاف. لكن أن تنتظر السماء لتمطر ذهبا فهذا مستحيل والتوكل الحقيقي على الله هو ما تقوم به الطير إذ تغدو خماصا وتروح بطانا. والتوكل في معناه ضد التواكل لأن بعض الشباب عن غير وعي وإدراك يأخذون من التواكل التوكل وهذا خطأ فعلى الإنسان العمل والمبادرة بطرق الأبواب وحينها لا يبخل عنك الله في تحقيق المقصد النبيل والمشروع على يديه.
تفشي الفساد يهلك العمران
بشأن الفساد الذي يكتسح المجتمع أفقيا وعموديا ويستهدف مسار المجموعة الوطنية برمتها أجاب ضيفنا انه يجب التذكير بقول الله عز وجل «.. ظهر الفساد في البر والبحر ..»
فالفساد يمتد من الحقل الأخلاقي و الاجتماعي إلى الإداري والاقتصادي بسبب جملة من العوامل النفسية والتربوية والاقتصادية وأساسها الإنسان لكونه لا يتبع طريق الله ومن ثمة بالضرورة أن يكون فاسدا ويعمل على الإفساد. ويقول النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) أن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وان من الناس مغاليق للخير مفاتيح للشر، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الشر على يديه.
والمسؤول في البيت والمدرسة أو المؤسسة يجب أن يكون مصلحا وليس مفسدا لأن الله لا يحب المفسدين ومن ثمة عليه أن يعمل بكل ما تخوله له المسؤولية للقضاء على الفساد الذي يعد إيذانا بخراب العمران كما يقول ابن خلدون إذا تفشى الفساد في المجتمع فانتظر هلاكه كونه ينخره من الداخل كالاردة.
وفي هذا السياق إن مسؤولية القائمين على الشؤون العمومية للناس عظيمة وعليهم أن يعودوا إلى قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ أم ضيع). فهؤلاء المسؤولين، مباشرين أو غير مباشرين، يجب أن يعيشوا مع المجتمع يصغون للناس ويحملون انشغالاتهم بعين الجد لأنهم إذا عرفوا كيف يهدئوا المجتمع كان كذلك وإذا فلتت منهم الأمور سيضعون المجتمع على فوهة بركان.
مسؤولية الإعلام محورية في العملية التربوية
ولأن لوسائل الإعلام دور لا يقل أهمية في مثل هذا الاتجاه لصيانة المجتمع من تقلبات مفاجئة في شتى مناحي الحياة خاصة بفعل التأثير المباشر للعولمة وأدواتها التكنولوجية، أوضح محدثنا انه يرى دور وسائل الإعلام متمما للعملية التربوية برمتها من المسجد إلى المدرسة مرورا بالنادي الرياضي والثقافي وكذا الشارع وخاصة الأسرة بالدرجة الأولى.
فإذا كان هناك تعاون خاصة من جانب الإعلام الثقيل كالتلفزيون والإذاعة يمكن الخروج بالمجتمع إلى بر الأمان حيث يتعاون أبناؤه على الخير والتراحم والبناء وحب الوطن الذي ينقصنا في حقيقة الأمر كقيمة اجتماعية تتوارثها الأجيال. ولذلك فان وسائل الإعلام التي لا تعيش على انشغالات الناس وترفض رؤية الواقع تكون في واد والشعب في واد تسبب مللا للمواطنين وكراهية لتلك الوسيلة مما ينجر عنه شر كبير.
وبالطبع أدعو وسائل الإعلام لان تأخذ الأمر بجد وتدرك مسؤوليتها وثقلها ودورها المحوري في العملية التربوية وهو دور ريادي ويمكن حقيقة حينها بناء جيل صالح إذا كانت أيضا وسائل الإعلام صالحة في حمل الرسالة المنوطة بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.