الطفل محمد عماد الزعتري لم يتجاوز مرحلة الطفولة بعد... فهو لم يبلغ سن الرشد حسب القانون الدولي ويتطلب معاملة خاصة.. لكن محمد اعتبر في نظر السلطات الاسرائيلية راشدا ومسؤولا عن اعماله فتم اعتقاله ومعاملته بقسوة. اعتقل محمد بتاريخ 24-9-2010 واتهم بطعن مستوطن اسرائيلي والتعرض لعائلته في حي الطور بالقدس، في اليوم الذي استشهد فيه سامر سرحان من سلوان..ورغم انه لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره الا ان القوات الاسرائيلية اقتحمت منزله فجرا وتم تفتيشه بدقة خاصة اغراضه الشخصية ومصادرتها، وتم اتلاف العديد من قطع الاثاث..اضافة الى ذلك تعرض لتحقيق متواصل لاكثر من أسبوع ليعترف بتهمة لم يقدم عليها ولم يسمع بها سوى من وسائل الاعلام ومن حديث الجيران. لكن المحققين الذين صادفهم محمد في مركز التحقيق اصروا ان يعترف وان يقول كلمة “نعم” لاغلاق ملف الاعتداء. انها ليست المرة الأولى التي يعتقل فيها الطفل محمد فقد اعتقل بتاريخ 8-2-2010 خلال الاحتفال بالافراج عن الاسير احمد ابو الهوى، ووجهت له تهمة ضرب رجال المخابرات حيث فرض عليه منذ ذلك الوقت الحبس البيتي، وسيبقى ساريا حتى الانتهاء من هذا الملف. أساليب المحققين ومجريات التحقيق لقول”نعم”.. وفي لقاء معه أوضح الزعتري مجريات التحقيق حيث قال :«في البداية حاول المحققون تخويفي، حيث قالوا لي بأن اصدقائي الذين اعتقلوا معي وهم 7 اعترفوا علي باني قمت بالطعن”، وقد استدعيت والدته وشقيقته وتم ابراز هوياتهم الشخصية امامه ليقولوا له انه تم اعتقالهما.. وفي اول لقاء مع المحقق يقول محمد وباستغراب :«وقفت ووقف محقق ضخم امامي وقام بمسك رقبتي وليّها (اخذ محمد يشير بيده انه انتقل يمينا وشمالا)، كما هددني بتكبيس اذني بالخرامة”. محقق آخر اتبع الاسلوب الضغط النفسي حيث قال لمحمد :«اذا لم تعترف سيتم نقلك الى سجن عوفر العسكري لتغسل الاحذية والملابس الداخلية”، وآخر قام بوضع راسه بين الجبص وجدار الغرفة ومنعنه من التحرك، كما أن احد المحققين قال له :«قمنا بعمل فحص (DNA) للسكين وتبين انك من قمت بالطعن”. أما عن ظروف التحقيق فقد أوضح أنه لا يوجد ساعات محددة للتحقيق، واحيانا يستمر لعدة ساعات متواصلة مضيفا :«لا راحة ولا نوم وطوال فترة التوقيف منع اهلي من زيارتي وفي يوم تحديد الزيارة نقلت الى معتقل اوفك، حيث كنت في غرفة مع اثنين من رفاقي”. محاكم وجلسات.. وتم عرض الطفل محمد على محكمة الصلح بعد اعتقاله وقرر القاضي بعد عدة جلسات الافراج عنه بشرط الحبس البيتي والابعاد عن منزله، لكن النيابة العامة قدمت استئنافا الى المحكمة المركزية وهي التي اقرت بحبسه الفعلي. وفي البداية امرت المحكمة المركزية نقله الى “الهوستيل في حيفا”، حيث يقول محمد :«يتوفر في هذا السجن كل الوسائل الترفيه من قاعات رياضية والسباحة والحاسوب، لكن فيه يسجن الحشاش والسارق وتاجر المخدرات، فرضت البقاء فيه وتم نقلي مباشرة الى اوفك”. ونقل محمد الى المحكمة عدة مرات دون ان يكون له جلسة وكان يصحو الساعة الثانية والنصف فجرا ويعود الى السجن الساعة العاشرة ليلا وهناك طول الانتظار والمعاملة السيئة وكان يغيب عن جلسات المحكمة كذلك. في بداية اعتقاله تم عرضه على المحكمة مرتين دون اخبار عائلته بدعوى أن العائلة لا تريد ابنها، كما ان تقرير الشؤون الاجتماعية وضباط السلوك لم يكونوا لصالحه بل كانوا ضده. وعن سجن اوفك قال محمد :«كنت أعمل في الطراشة والتنظيف للحيوانات، وكانت تفرض علي عقوبات في حال عدم تنفيذ الاوامر، بمنع زيارة مفتوحه مع عائلتي او منعي من احضار طعامي بنفسي”. البراءة.. طعم الحرية كان رائعا ومفاجئا بالنسبة اليه ولأهله حيث كان موعد المحكمة بتاريخ 2-3 (اليوم) لكن تم تقديمها بناءا على طلب القاضية وحددتها في 21-2 ، وقد امرته بالوقوف أمامها وأمرت بفك القيود من يديه وقدميه وحكمت ببراءته للإختلاف في اقوال الشهود (المستوطن وزوجته وأطفاله) بلباس الفاعل وشكله ولون السكين. وقالت والدته ان الخوف والقلق كان مسيطرا عليها اثناء تواجده بالسجن خاصة انه كان مع الجنائيين، وأضافت :«نحن هدفنا تربية أجيال صالحة لكن اسرائيل تريد اسقاطه”. وتمنى محمد العودة الى مدرسته والاجتماع مع اصدقائه وانتهاء الحبس البيتي المفروض عليه. ظلم ضد الأطفال.. من جهته قال أمجد أبو عصب رئيس لجنة اهالي الاسرى والمعتقلين المقدسيين ان ما حصل مع الطفل محمد الزعتري يدلل وبشكل واضح على مدى الظلم الاسرائيلي الذي يمارس ضد اطفالنا، فكان محمد “كبش الفداء” لاغلاق ملف طعن مستوطن اسرائيلي، وهذا يتنافى مع الاعراف والقوانين الدولية والاسرائيلية. من مناضل الى لص!!! وتطرق ابو عصب الى حبس الاطفال الفلسطينيين مع المساجين الجنائيين، مؤكدا انه مخطط اسرائيلي خطير لتفريغ الشبان من محتواهم النضالي وابعادهم عن هذه الاجواء باعتقالهم مع الجنائيين واللصوص وبالتالي بناء علاقات معهم وليتحولوا من مناضلين الى لصوص!! واشار ان ذلك كان واضحا في عدد من اطفال القدس الذين اعتقلوا وسجنوا مع الجنائيين ابان الحرب على غزة، ولدى تحررهم كان واضحا تغيير سلوكهم وتصرفاتهم التي كانت بعيدة عن العادات والتقاليد. وطالب المؤسسات الحقوقية بفضح هذه الجراءات التي تستهدف بناة المستقبل ورجال الغد، وقال:« ان الاطفال هم نواة صلبة في النضال والدفاع عن الوطن واسرائيل تحاول محاربة ذلك بشتى الوسائل”. وتحدث عن الهوسييل (الاصلاحيات في اسرائيل) موضحا انها خطيرة ففيها يتم “غسيل دماغ” للاسير الأمني الذي يكون فيها ويحرضه على الواقع الذي الذي يعيش فيه اضافة الى انتشار تعاطي المخدرات داخله. كما وتطرق الى “الاخصائيين الاجتماعيين” الذين تكون تقاريرهم عن الاطفال سلبية كما حصل مع الطفل محمد حينما قالت انه اهله لا يريدونه وعرض على المحكمة لوحده. وتطرق ابو عصب الى اعتقال الاطفال وتحويلهم الى الحبس المنزلي بعد دفع غرامات عاليه ويقول :«الحبس المنزلي سلاح ذو حدين، فبقاء الطفل داخل المنزل يؤثر سلبيا على نفسيته، يمنع من اللعب والتحرك بحرية وتصبح العلاقة مع الاهل مشوشة ومتوترة”.