أكد فاروق مازوز أن قضية المياه تحولت في العقدين الأخيرين إلى ما يسمى باستراتيجية الأمن المائي نظرا لارتباطه الوثيق بعجلة التنمية، وكونه الجزء المكمل للأمن الغذائي في المفهوم المجتمعي الاستراتيجي. وأشار فاروق مازوز في تصريح ل «الشعب » على هامش الندوة الفكرية المنظمة بمركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان «الموارد المائية عنصر استراتيجي في الأمن القومي» على أن الماء أضحى يتدخل في تحديد الاستراتيجيات والمصالح وقد يتقاطع حتى مع السياسة والاقتصاد والعلاقات الدبلوماسية. واستشهد مازوز في هذا السياق باحتواء العديد من الاتفاقيات المبرمة بين دول الجوار على بنود متعلقة بالمياه كاتفاقية أوسلو 1993 بن إسرائيل والسلطة الفلسطينية واتفاقية واد عرفة في 1994 بين إسرائيل والأردن ما يجعل هذه المادة صمام أمان للعلاقات الدولية وقنبلة موقوتة ومن ذلك قضية الخلاف بين مصر والسودان حول حصص دول المصب والمنبع من مياه النيل حيث هدد مصر بالتدخل عسكريا ما يدل على مدى أهميتها الاستراتيجية. وحسب مازوز فان المعيار القادم في تحديد الحروب والإرهاب والحرب الاستباقية المستقبلية هو الماء ما يجعل منه نقطة الارتكاز في السياسة حاليا ومستقبلا. وبالنسبة للجزائر علق المتحدث أنها قطعت أشواطا كبيرة في مجال ترشيد وتسيير استغلال مياهها حيث اعتبر مشروع نقل المياه من عين صالح إلى تمنراست مشروع القرن مشبها إياه بالطريق السيار ، بالإضافة إلى مشاريع السدود الضخمة التي جعلت الجزائر الأولى إفريقيا في عدد السدود ونحن نثمن هذه المشاريع. واقترح مازوز في هذا الشأن أن تأخذ الجزائر بالمشروع الألماني الذي اكتشف إمكانية تحويل الرطوبة إلى مياه ويعتمد في ذلك الطاقة الشمسية و الطاحونات الهوائية وهذا المشروع يتوافق والظروف المناخية الوطنية وإمكانياتها خاصة وانه غير مكلف وهو ما يسمح لبلادنا بتحقيق قفزة نوعية خاصة بالنسبة للمناطق الصحراوية إذ يعتبر حلا استراتيجيا. وبخصوص تحول المياه إلى أزمة حقيقية ارجع مازوز ذلك إلى أن اغلب مياه الكرة الأرضية مالحة ما يجعلها غير صالحة للاستخدام البشري أما المياه العذبة فهي قليلة جدا وهو تحدي تواجهه إفريقيا ومنها الجزائر، ولعل الأرقام التي قدمتها المنظمة العالمية للصحة حول نسبة استفادة إفريقيا من هذه المادة الحيوية والأمراض المنتقلة عبرها تنذر بالخطر. و دعا المتحدث في هذا الصدد إلى ضرورة اخذ هذه الأرقام بجدية والعمل على وضع إستراتيجية مستقبلية انطلاقا من تجديد قنوات نقل المياه والتخزين والمعالجة والتسيير وترشيد الاستغلال حتى نتحكم فيها ونكون بمنأى عن المساومات والابتزازات.